لم تمض ساعات قليلة على اعلان وزراء الدول المنتجة للنفط من داخل وخارج (اوبك) تقليص المعروض من الخام بواقع 2ر1 مليون برميل في اليوم حتى ارتفعت اسعار النفط بشكل ملحوظ. ولم يقتصر ارتفاع اسعار النفط بعد الاعلان عن الخفض عند وست تكساس الوسيط في نيويورك ومزيج برنت القياسي الذي بلغ 07ر63 دولار للبرميل بل شهدت اسعار سلة خامات (اوبك) ال15 بدورها ارتفاعا متأثرة بقرار وزراء النفط من داخل المنظمة وخارجها الجمعة الماضية بتقليص الانتاج. وبالنظر الى التوقعات التي تشير الى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي في 2019 وانعكاساته على الطلب على النفط اذ من المنتظر ان ينخفض النمو الاقتصادي للصين التي تعتبر من أهم قاطرات الاقتصاديات العالمية من 6ر6 في المئة الى 3ر6 في المئة وبالتالي احتمال تراجع الطلب على الخام والى ما تتعرض له من ضغوط متزايدة بسبب التهديدات الامريكية بفرض رسوم جمركية عليها بما لا يقل عن 200 مليار دولار. ولم تفض المحادثات الاقتصادية التي جرت بين الجانبين الامريكي والصيني في اغسطس الماضي الى اتفاق بل اعاد الرئيس الامريكي ترامب تهديداته بمواصلة الحرب التجارية ضد الصين وبرفضه ابرام اتفاق مع الصين. ووفقا للمؤشرات الاقتصادية الحالية فانه يتوقع تراجع النمو الاقتصادي خلال العام القادم بنسبة 1ر0 نقطة مئوية لتقف عند 5ر3 في المئة بعد ان كانت 7ر3 في هذا العام وسط تزايد التوترات التجارية والنقدية وتزايد التحديات في الاسواق الناشئة والاقتصادات النامية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ويخشى مراقبون ان يحد تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي من الارتفاع المنتظر في الاسعار بعد قرار المنتجين من داخل وخارج (اوبك) بتخفيض انتاجها المذكور. ومن المقرر ان يعقد وزراء نفط الدول المنتجة من داخل و خارج (اوبك) اجتماعا وزاريا في فيينا في ابريل المقبل لمراجعة أثار تطبيق قرارها الأخير بتخفيض الانتاج بواقع 2ر1 مليون برميل في اليوم الذي تبنته في اجتماعها الأخير في فيينا الجمعة الماضي. وينتظر ان تضع هذه الدول المنتجة للنفط استراتيجية طويلة المدى لاستقرار الاسعار حسب المعطيات المذكورة وتحديدها في مستوى يقدره خبراء السوق بما يتراوح بين 60 و70 دولارا وقد يستقر عند حدود 65 دولارا. وفي انتظار عقد الاجتماع المرتقب فان منظمة (اوبك) اعلنت في بيانها الصادر اليوم الاثنين ان سعر سلة خاماتها ال15 ارتفع الجمعة الماضي بواقع 41 سنتا ليستقر عند 20ر59 دولارا للبرميل بعد ان كان 79ر58 للبرميل يوم الخميس الماضي. وذكرت نشرة وكالة انباء (اوبك) ان المعدل السنوي لسعر السلة للعام الماضي كان 43ر52 دولارا للبرميل. ويأتي قرار الخفض الذي جاء في ختام ثلاثة ايام من المحادثات الصعبة في فيينا بين وزراء نفط (اوبك) ونظرائهم من المنتجين المستقلين استجابة لتطورات السوق المتمثلة بالتراجع الحاد في اسعار النفط العالمية بحوالي 30 في المئة منذ اكتوبر الماضي بعد ان تراوحت الاسعار هذا العام عند مستوى 65 الى 70 دولارا للبرميل خلال الاشهر الماضية. ولقي هذا التجاوب السريع من السوق النفطية العالمية ارتياحا بالغا لدى المنتجين اذ يتوقع المراقبون للسوق ان تستمر انتعاشة الاسعار في السوق النفطية العالمية بعد ان عرفت تراجعا قبل انطلاق اعمال الاجتماع الوزاري خوفا من ان تنعكس الخلافات والصراعات الجانبية بين الدول المنتجة على قرار (اوبك) وبالتالي على صالح السوق وتوازناته الملحة بين العرض والطلب. ولم يخل قرار (اوبك) بتقليص الانتاج من رسائل اولها اعلان المنظمة بأنها ستعيد مراجعة القرار بخفض الانتاج في اجتماع وزاري مشترك في ابريل المقبل لتقييم اوضاع السوق ومستويات الانتاج الامر الذي بعث برسائل مطمئنة للسوق اذ ان المنظمة لن تنتظر حتى يونيو المقبل لمناقشة تطورات السوق النفطية.