روما - كثّفت إيطاليا من تحركاتها لحل الأزمة الليبية، فبعد عقد مؤتمر بشأن الأزمة في نوفمبر المنقضي، استضافت الأسبوع الماضي القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، في ما تحضر لعقد اجتماع بينه وبين رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج. قال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي إنه سيلتقي رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، فائز السراج والمشير خليفة حفتر. وردا على سؤال حول عملية الاستقرار في ليبيا، أضاف كونتي في تصريحات متلفزة مساء الأحد “لدي ثقة بأنني سألتقيهما خلال هذا الأسبوع”، في إشارة إلى المسؤولين الليبيين. ولم يوضّح كونتي ما إذا كان اللقاء سيكون ثلاثيا أم أنه سيلتقي كل طرف على حدة. أما عن مؤتمر باليرمو الذي انعقد في عاصمة صقلية في 12 و13 نوفمبر الماضي، فقد أوضح رئيس الحكومة الإيطالية أنه “لم يكن عرضاً”، بل هو “جزء من مسيرة”، وأن “إيطاليا تسهم في تحقيق هذه المسيرة”. وتعكس تحركات إيطاليا سعيا لاسترجاع الملف الذي بدأ يفلت من يدها على ضوء المتغيرات التي يعرفها المشهد السياسي والأمني الليبي. وتعدّ الترتيبات الأمنية التي تشهدها العاصمة طرابلس، بإشراف بعثة الأمم المتحدة، واحدة من بين تلك المتغيرات التي تهدف إلى إنهاء سطوة الميليشيات إحدى أبرز الأوراق التي راهنت عليها روما خلال السنوات الماضية للحفاظ على مصالحها في المنطقة الغربية. وتُتهم إيطاليا بتقوية شوكة الميليشيات وعرقلة تنفيذ الترتيبات الأمنية التي تضمنها اتفاق الصخيرات الموقّع في ديسمبر 2015، مستفيدة من وجود باولو سيرا الإيطالي الجنسية، مستشارا أمنيا لرئيس البعثة الأممية، الذي جرى استبعاده من المنصب منذ أشهر. كما أن الانتخابات المزمع إجراؤها خلال ربيع العام المقبل من المتوقع أن تنهي سيطرة تيار الإسلام السياسي الذي اختارت إيطاليا التحالف معه على حساب السلطات الشرعية ومن بينها الجيش ومجلس النواب. وعارضت روما إجراء الانتخابات وفقا لما كان مقرّرا لها في ديسمبر الحالي، إيمانا منها بأنها ستؤدي ضرورة إلى خسارة حلفائها الإسلاميين الذين ارتبطت صورتهم على مدى السنوات الماضية بدعم الإرهاب والميليشيات، مقابل صعود خصومهم، المدعومين بقوة من منافستها فرنسا. وقال سفير إيطاليا في ليبيا جوزيبي بيروني نهاية يوليو الماضي، إن بلاده ستتصدى بكل ما لها من جهد لإجراء الانتخابات خلال هذا العام. وجاء ذلك بعد شهرين من التوصل لاتفاق في باريس على موعد العاشر من ديسمبر تاريخا لإجراء الانتخابات، التي تم تأجيلها في ما بعد إلى ربيع العام المقبل. واعتبرت تصريحات بيروني حينئذ، شكلا من أشكال الصراع الفرنسي الإيطالي على ليبيا، الذي خرج إلى العلن منذ أن دشنت باريس مساعي للهيمنة على الملف وهو ما تجلّى من خلال استضافتها للمؤتمر الذي انعقد مايو الماضي، واللقاء الذي جمع فائز السراج بالمشير خليفة حفتر في يوليو 2017. وتسابق روما الزمن لإحداث تقدّم في مسار التسوية الليبية، مستغلة انشغال باريس بأزمة احتجاجات السترات الصفراء. وتدعم فرنسا منذ سنة 2014 قوات الجيش الليبي في حربه على الجماعات الإرهابية. وتشير اللقاءات والزيارات المتواترة بين المسؤولين الإيطاليين وخليفة حفتر إلى أن روما باتت تراهن أيضا على حفتر، تماما كما فرنسا. وأعرب وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الاثنين عن دعمهم لنتائج المؤتمر الدولي الخاص بليبيا والذي استضافته مدينة باليرمو. وجدّد وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد التزامهم بالعمل على دعم عمل الأمم المتحدة في ليبيا على المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية. وعبّر الوزراء عن دعمهم لخطة العمل “المعدلة” التي قدمها المبعوث الدولي لليبيا غسان سلامة، وذلك من أجل الدفع قُدما بعملية التحوّل السياسي في البلاد. وأشار الوزراء، خلال اجتماعهم الدوري في بروكسل، إلى ضرورة أن يقوم الليبيون أنفسهم بقيادة العملية السياسية الشاملة، بمشاركة كاملة وتمثيل عادل للمرأة وضمن الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي.
مشاركة :