لندن – لم تواصل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الاثنين المغامرة بمستقبلها السياسي وسط تصاعد الاتهامات الموجهة إليها والدعوة لسحب الثقة منها، ما دفعها إلى الإعلان عن تأجيل التصويت على اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي “بريكست” الذي كان مقررّا الثلاثاء. وأعلنت ماي الاثنين عن تأجيل التصويت على مسودة اتفاق بريكست، أمام البرلمان البريطاني في منعطف للأحداث عشية استحقاق توقع كثيرون أن يكبّدها هزيمة ساحقة. وقالت رئيسة الوزراء البريطانية إنها “ستعود إلى بروكسل للتفاوض حول نقاط مثيرة للقلق في اتفاق بريكست لأن التصويت سيتم رفضه بفارق كبير من الأصوات”. وأضافت “سنؤجل التصويت المقرر الاثنين”. وأشارت إلى معارضة النواب بشكل خاص للحل الذي تم التوصل إليه لمنع عودة الحدود فعليا بين إقليم أيرلندا الشمالية وجمهورية أيرلندا، المعروف باسم “شبكة الأمان”. وواجهت ماي، على خلفية اتفاق الانسحاب الذي أبرمته في بروكسل الشهر الماضي، حركة تمرّد كبرى من داخل حزبها المحافظ ومعارضة شرسة من خارجه. ويطالب كثيرون ماي بإعادة التفاوض على الاتفاق لمحاولة الحصول على المزيد من التنازلات قبل قمة مقررة الخميس والجمعة مع 27 من قادة الاتحاد الأوروبي. وفي نهاية الأسبوع، أجرت ماي محادثات مع عدد من القادة بينهم رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مما أثار تكهنات حول سعيها لتعديل الاتفاق في ربع الساعة الأخير. بيتر بون: قرار ماي استثنائي للغاية وما الذي سوف يضيفه إرجاء التصويتبيتر بون: قرار ماي استثنائي للغاية وما الذي سوف يضيفه إرجاء التصويت ويعتبر المراقبون أن رئيسة الوزراء أجّلت التصويت البرلماني المقرر الثلاثاء على خطة الانسحاب التي توصلت إليها مع الاتحاد الأوروبي خوفا على مستقبلها السياسي خاصة عقب تواتر التحذيرات المتكررة من نواب بأن ذلك سيطيح بحكومتها. وأجرت ماي قبل إلقاء كلمة بالبرلمان مؤتمرا عبر الهاتف مع كبار الوزراء لمناقشة القرار بشأن الاتفاق الذي يسمح لبريطانيا بالخروج من التكتل مع الاحتفاظ بصلات وثيقة مع الاتحاد الأوروبي. وفي وقت سابق الاثنين، أصدرت محكمة العدل الأوروبية حكما يسمح لبريطانيا بالتراجع عن قرار انسحابها من الاتحاد الأوروبي، من دون الحصول على موافقة الدول الأعضاء. وبدورها، قالت المفوضية الأوروبية إنها لن تعيد التفاوض على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقبل هذه الخطوة الجديدة كانت تقارير بريطانية قد تحدّثت عن مواجهة ماي للحظة حاسمة عند التصويت على بريكست، مؤكدة أن الأمور لا تنذر بخير، حيث تحتدم معارضة الاتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وتكهن المراقبون منذ مدة بأن تقررّ الحكومة سحب التصويت في اللحظة الأخيرة، لأنه إذا تم المضي قدما بشأن التصويت، فمن المرجح أن يقوم العشرات من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين بالانضمام إلى جانب المعارضة والتصويت ضد صفقة الخروج، وفرض هزيمة مذلة على زعيمتهم، ونشر حالة من عدم اليقين بشأن الصفقة. وفي أبرز ردود فعل حول الخطوة التي أعلنت عنها رئيسة الوزراء البريطانية اتهم ساسة معارضون الاثنين ماي بالجبن عقب إرجائها إجراء التصويت على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي، في ظل معارضة قوية من نواب داخل حزبها المحافظ. وقال النائب المحافظ بيتر بون المناهض للاتحاد الأوروبي، إن قرار ماي “استثنائي للغاية”، مشيرا إلى أنه “بعد أربعة أيام من المناقشات داخل البرلمان، يتم تأجيل التصويت؟ ما الذي سوف يضيفه إرجاء التصويت، هذا هراء”. وكان مكتب رئيسة الوزراء ووزراء قد قالوا في وقت سابق الاثنين، إنه سوف يتم إجراء التصويت في موعده على الرغم من تضاؤل فرص فوز الحكومة. وقال زعيم حزب العمال جيرمي كوربن، الذي يترأس أكبر حزب معارض، إن الإرجاء المزمع يعد “خطوة يائسة” من جانب الحكومة. وأكد في بيان “نحن نعلم منذ أسبوعين على الأقل أن البرلمان سوف يرفض اتفاق تيريز ماي السيء للغاية لأنه يضر ببريطانيا”. ويشار إلى أن ماي تواجه صعوبة في حشد الدعم للاتفاق، عقب تعهد العشرات من النواب المؤيدين للاتحاد الأوروبي والمؤيدين للخروج من الاتحاد بالتصويت ضده. وكانت ماي قد حذّرت الأحد، من أن بريطانيا ستواجه “آفاقا مجهولة” إذا لم يوافق المشرعون على اتفاق بريكست الذي توصلت إليه مع بروكسل، حيث تواجه ثورة من قبل المشرعين داخل حزبها المحافظ، فيما يبدو أنه من غير المحتمل أنها ستحصل على عدد الأصوات الكافية لتمرير الاتفاق عندما يصوت البرلمان الثلاثاء. وقالت لصحيفة ديلي ميل “عندما أقول إنه إذا لم تنفذ هذه الاتفاقية فسنكون حقا أمام آفاق مجهولة، أتمنى أن يفهم الناس أن هذا بصدق ما أعتقد وأخاف أن يحدث”. وتابعت أن هذا “سيعني حالة خطيرة من عدم اليقين للأمة مع وجود خطر حقيقي للغاية بعدم الخروج من الاتحاد الأوروبي أو ترك الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق”. وتواجه ماي ثورة من المشرعين داخل حزبها المحافظ، فيما تشير توقعات إلى أن المشرعين البريطانيين يتجهون نحو إسقاط الاتفاق، ما يعني انسحابا غير منظم يرمي بالبلاد إلى آفاق مجهولة. يشار إلى أنه من شأن رفض مجلس العموم المصادقة على الاتفاق أن يدخل ماي في مأزق سياسي كبير داخل حزبها، حيث يتّهمها المشككون في الوحدة الأوروبية بمحاولة تحوير بريكست، ومع حزب العمال. لكن إرجاء التصويت يعرّض ماي لمخاطر، ويرى فيه النقاد مؤشرا على ضعفها.
مشاركة :