تونس - تسعى وزارة التعليم العالي في تونس إلى تطوير منظومة البحث العلمي بالجامعات، حيث حرصت في مخطط إصلاح قطاع التعليم على أن يحظى هذا المجال بالأولوية، إضافة إلى تحسين الحياة الطلابية والخدمات الجامعية وحوكمة القطاع ومقاومة الفساد ودعم انفتاح الجامعة على محيطها. وكشف وزير التعليم العالي سليم خلبوس في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن الوزارة خصصت للبحث العلمي ميزانية كبيرة. وبيّن خلبوس أن هذا الاهتمام مكن من بلوغ قرابة 9 آلاف نشرية كما تم تشجيع البراءات في مراكز البحث. وقال إن تونس خصصت 446 مليون دينار للبحث العلمي ونصيب الأسد تحظى به وزارة التعليم العالي. وتطورت الميزانية المخصصة للبحث العلمي خلال السنتين الماضيتين بنسبة قاربت 50 بالمئة ليبلغ حجم الميزانية المرصودة لسنة 2019 حيث بلغت 135 مليون دينار، وذلك بعد أن كانت في حدود 90 مليون دينار سنة 2017 ثم 111 مليون دينار سنة 2018. وأضاف أنه تم التقليص من الوحدات الصغيرة وتطوير المخابر الكبيرة وبعد تجمعها أصبح هناك 493 مخبرا و200 وحدة بحث. وارتفع تمويل المخابر بنسبة 61 بالمئة في سنة واحدة وهناك 17 مخبرا يفوق معدل المنح المسندة إليها 110 آلاف دينار. وذكر أن هناك قسطا من المنح تم إخضاعه لمبدأ المنافسة بين الجامعات، حيث يتم اختيار مواضيع مثل الماء والطاقات المتجددة ومن يقدم بحوثا أفضل يحصل على التمويل. ويحظى المدرسون الباحثون بالقسط الأكبر من الميزانية. وأشار خلبوس إلى أن نظام أمد المعتمد كنظام للتعليم العالي في تونس فيه 200 ألف طالب وهناك 11 ألف طالب في الدراسات الطبية و22 ألف طالب في الدراسات الهندسية، لافتا أن عدد الخريجين يتجه نحو الانخفاض. وقال إن هناك رقما استثنائيا تم تسجيله هذا العام، وهو منح أكثر من 3 آلاف دكتوراه. وللاعتناء بأفكار الباحثين الشبان وتطوير مهاراتهم، نظمت جامعة منوبة الدورة الثانية من تظاهرة الدّكتوراه متعدّدة الاختصاصات. والتي انطلقت الأيام في 28 نوفمبر الماضي بمحاضرات لعدد من الخبراء في التعليم العالي والفضاء المهني والمجال الصناعي. وشارك 27 طالبا من طلبة الدّكتوراه في اختصاصات مختلفة في ورشات تكوين بغاية إرشادهم نحو اكتشاف مهارات جديدة في مجال البحث العلمي ومساعدتهم على بناء قدراتهم في التحليل والتواصل والخطابة، إضافة إلى حسن استغلال الزمن المخصص للتفكير حول مشروع “جامعة ذكيّة في مدينة ذكية". وتهدف تظاهرة دكتوراه متعددة الاختصاصات إلى تطوير مهارات الطلبة الاتصالية عبر دروس ومحاضرات مكثّفة قدّمها لهم عدد من المختصين في الاتصال وتنمية المهارات التواصلية، إضافة إلى أكاديميين حرصوا على تقديم دروس في منهجية البحث العلمي وتقنيات التقديم والتحليل. سمية بالرجب: يجب تشجيع الطلبة على تكريس معارفهم لفائدة الفضاء الاجتماعيسمية بالرجب: يجب تشجيع الطلبة على تكريس معارفهم لفائدة الفضاء الاجتماعي وتطمح إلى انفتاح المؤسسات الجامعيّة على الفضاء الاجتماعي والاقتصادي من خلال تفكير نخبتها من الطلبة في مشاريع تعود بالفائدة على مدنهم، بهدف التأسيس إلى مرحلة جديدة يتصالح فيها البحث العلمي مع محيطه المحلّي ويبني علاقات تعاون وتشارك بين الفضاء العلميّ والفضاء الجهوي الكبير. وقالت سمية بالرجب المكلفة بالإعلام بجامعة منوبة لـ”العرب” إن “الهدف الأساسي لهذه التظاهرة هو الربط بين بيئة متعددة الاختصاصات للبحث للاستفادة من أفكار الطلبة”. وبيّنت أن “شعار جامعة ذكية في مدينة ذكية يرمي أساسا إلى انفتاح الجامعة من خلال أفكار بحثية متطورة على المدينة التّي تتموقع فيها”. وشرحت ذلك بقولها “الهدف هو تشجيع الطلبة على تكريس معارفهم لفائدة الفضاء الاجتماعي والاقتصادي، وتحديدا للانطلاق من الفضاء الجامعي نحو الفضاء العام، أي الفضاء الجهوي والمحلي”. ولفتت إلى أن “هذه الأفكار هي مخططات حقيقية لمشاريع يمكن تطبيقها فعلا”. وقدّم 27 باحثا شابا في مستوى الدكتوراه من المشاركين في الأيام، عروضهم البحثية الخاصّة في مواد علميّة مختلفة من أبرزها: الاقتصاد والتصرف، التراث، الجغرافيا، البيوتكنولوجيا، علوم الإعلامية، علم النفس، التصميم والبيئة، وأشرف على سير أشغال الدّورة الثانية من أيام الدّكتوراه، عدد من الأخصائيين والخبراء من تونس ومن خارجها، في مختلف الاختصاصات حيث قدّم هؤلاء المختصون عددا من المحاضرات في علم النفس، الخطابة، مهارات الكتابة والتقديم، منهجية البحث العلمي وتقنيات الاتصال. وسعى المشرفون على سير أشغال الدّورة إلى تمكين الطلبة المشاركين من عرض بحوثهم أمام لجنة من المختصين، وتمكينهم من فرصة تقديم المخططات الخاصة ببحوث الدّكتوراه بهدف الاستفادة من مناقشة أعمالهم أمام جمهور متنوّع الخلفيات والروافد العلميّة. وأعربت رئيسة الجامعة جهينة غريب عن تشجيعها للمشاركين في الدورة الثانية لتحقيق التقدّم في أبحاثهم والاستفادة من برنامج التّظاهرة الزاخر بالأنشطة العلمية والورشات المتنوعة. وأمّنت الجامعة عددا من الورشات المتنوعة وخاصة منها ما يقدّم مفهوم الذّكاء الذّي تركّز عليه الدورة، بالإضافة إلى منهجيات البحث التي تضم ورشات عن فن القيادة والتواصل وطرق العمل الجماعي. وعبّر رئيس بلدية محافظة منوبة سليم بن عمارة عن اهتمامه الكبير بما ستتمخض عنه أيام الدّورة الثانية من الدّكتوراه متعددة الاختصاصات من مشاريع وأفكار سيقدّمها الطلبة. حيث سيتولى الطلبة تصوّر أهدافها وغاياتها لفائدة إرساء مشروع الجامعة الذكيّة ونحو تكريس طموح مدينة منوبة وهو اكتساب خصائص “المدينة الذكيّة”. وتوجت التظاهرة بتقديم جوائز لأفضل الأفكار، وكان التقييم من قبل أكاديميين وخبراء وممثلين عن الجماعات المحلية والجهوية. وحظي الفائزون من الطلبة بفرصة تقديم مشاريعهم التي تراوحت فيها الأفكار بين المجال الإيكولوجي والمجال السياحي والمجال الصحّي ومجال حفظ التراث وتثمينه. وتعد التظاهرة تجربة جديدة في حياة الطلبة العلمية في بيئة متعدّدة الاختصاصات وفي فضاء جماعيّ مميّز. وتهدف جهود جامعة منوبة وجهود القائمين على قطاع التعليم العالي في تونس إلى الاهتمام بمعارف الطالب وتنميتها، بهدف التكوين الجامعي المستمر الملائم لسوق الشغل ومتطلبات العصر. ويؤمن التعليم العالي في 76 مؤسسة فيها ثلاثة آلاف و36 طالبا ويبلغ عدد الطلبة الأجانب في هذه المؤسسات أربعة آلاف و327 طالبا، وتمت مضاعفة التأطير في المؤسسات الخاصة، وأكد خلبوس أن هذه النسبة ستتحسن أكثر خلال السنة القادمة.
مشاركة :