د. فايز رشيد طلع علينا نتنياهو بالعملية التي أسماها «درع الشمال» والتي تهدف إلى تفجير ما ادّعاه بالأنفاق التي حُفرت في الأراضي اللبنانية، وتمتد إلى مستعمرات الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948. العملية هي ضجة وفرقعة إعلامية ليس إلّا!، هدفها حرف الأنظار عن التهم الموجهة إليه وإلى زوجته من قبل الشرطة «الإسرائيلية» التي رفعت للمستشار القضائي للحكومة، توصي بمحاكمتهما بتهمة الفساد. الأخير ماطل في السنتين الأخيرتين في تنفيذ الاتهامات والتوصيات السابقة، فهو مدين لنتنياهو في تعيينه في هذا المنصب، وقد جاء التعيين على ما يبدو من خلال صفقة بينهما: التعيين مقابل عدم تقديم نتنياهو للقضاء. أما الأنفاق التي يُشك في وجودها أصلاً على الحدود اللبنانية وفقاً للعديد من الصحف «الإسرائيلية»، من بينها «هآرتس» و «يديعوت أحرونوت»، ليست سوى كذبة يستغلها نتنياهو للهدف الذي تحدثنا عنه، ولذلك انفجرت في وجهه بعد أقل من 48 ساعة من إعلانها. نعم.. نتنياهو معرّض للسقوط والجرجرة إلى المحكمة، لذلك فهو يبحث عن مخرج «وطني» حتى ولو باختراع الأكاذيب! فهو يجيد المراوغة معتقداً أن الادعاء بوجود أنفاق على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة كفيلة بالتراجع عن ملاحقته، وتفادي سقوط حكومته التي باتت تعتمد على أغلبية صوت واحد فقط (61 صوتاً من 120 هو مجموع أعضاء الكنيست ). لذا جاء باختراع عملیّة «درع الشمال» وأكذوبة البحث عن الأنفاق اللبنانية، مصحوبة بالطبع بتحذيرات متغطرسة للبنان، يدرك مطلقوها في الحكومة وجيش الاحتلال أنها غير قابلة للتحقّق في ظل هزائمهم الكارثية على دولتهم التي ما زالوا يبحثون في نتائجها عسكرياً وسياسياً، بعد أن أثبت العدوان الأخير على غزة أن «نظرية الردع» والحرب الخاطفة سقطت، وأن «إسرائيل» سوف تدفع أكلافاً غالية في أية حرب مقبلة. لقد أيقن نتنياهو أن أسطوانته المشروخة قابلة للتصديق، فذهب خصيصاً إلى بروكسل للاجتماع برأس الدبلوماسية الأمريكية بومبيو، لنيل التأييد الأمريكي لادعاءاته. فما كان من الأخير إلا أن سارع، كما أركان الإدارة الأمريكية، للإعلان عن دعمهم ل «إسرائيل» و«حقّها في الدفاع عن سيادتها»، فإذا بها تثير من ردود الفعل «الإسرائيلية» المشككة أكثر مما تحصل عليه من تأييد، وبخاصة بعد أن تأكدوا في الكيان أن نتنياهو يحاول تصوير الوضع بأنه «خطر جداً» وكارثي، وهو غير موجود أصلاً على الحدود مع لبنان، وهو ليس أكثر من نشاط يقوم به سلاح الهندسة: جرافات وحفارات ضخمة، فضلاً عن التأكيد الذي يواصله الناطق باسم جيش الاحتلال والموجّه إلى البلد العربي بأن ما تقوم به «إسرائيل» من البحث عن أنفاق سيبقى في حدودها، ولن يطال بأي حال من الأحوال الأراضي اللبنانية. لقد كتب يوسي ملمان في «هآرتس» ب «أن لا حرب على الأبواب»، وعلى شاكلته كتب كثيرون. وبالتالي فالخطوات «الإسرائيلية» ليست بهدف شن عدوان عسكري جديد على لبنان حتى لو استطالت لأسابيع!. ذلك من وجهة نظر العديدين في المجلس الوزاري المصغّر «الكابينيت». رئيس كتلة المعسكر الصهيوني (حزب العمل + حزب الحركة) يوئيل حسّون صرّح قائلاً: «إن المعارضة تطالب بأجوبة، هل هذه عملية «درع» شمالي أم عملية درع «حماية» نتنياهو»؟. الردّ اللبناني في شكله الرسمي، كان هادئاً وحازماً في ذات الوقت، بأن «الجيش اللبناني يراقب الوضع وهو في حالة جهوزية كاملة للرد على أي عدوان إسرائيلي».Fayez_Rashid@hotmail.com
مشاركة :