علي جمعة يحسم بالأدلة ما يردده البعض بأن الإسلام ظلم المرأة في الميراث

  • 12/11/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إنه يتردد كثيرا بين الحين والآخر قول البعض‏:‏ إن الإسلام ظلم المرأة‏، حيث جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الرجل‏,‏ ونحن المسلمين نؤمن وثوابت راسخة عن صفات الله تعالى‏، ‏تجعل تلك الشبهة لا تطرأ على قلب أي مسلم أو مسلمة‏، وتتمثل تلك الثوابت في أن الله سبحانه حكم عدل‏، وعدله مطلق‏،‏ وليس في شرعه ظلم لبشر أو لأي أحد من خلق‏: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)، (وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)، (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ).‏وأضاف جمعة في بيان له عبر صفحته الرسمية أنه باستقراء حالات ومسائل الميراث ينكشف للدارس المتعمق حقائق قد تذهل الكثيرين‏، وتزيل اللبس عن المتشككين‏،‏ حيث يظهر‏:‏ أن هناك أكثر من 30 حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه‏،‏ أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال‏,‏ في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل‏,، تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسائل الميراث‏.‏ومن لطائف القرآن في ميراث المرأة أنه ألمح إلى أن الناس سينظرون إلى ميراث المرأة تلك النظرة القاصرة فأجابهم بطريقة ضمنية تتفق وطبيعة المرأة من حيث الحياء واللطف‏، وتنفي الظلم عن المرأة في الميراث فقال تعالى‏: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ) فكلمة (مِثْلُ‏)‏ وما بعدها تشير إلى أن حق الأنثى في الميراث أمر مقرر ومعروف كأنه الأصل‏، فقال‏:‏ إذا عرف هذا الحق وذلك الأصل فعليكم أن تقيسوا حق الذكر عليه‏.‏وأوضح جمعة أنه إذا كانت الفروق في أنصبة المواريث في الفقه الإسلامي‏، فإن الأنصبة في المواريث لا تختلف طبقا للنوع‏، وإنما تختلف باعتبار ثلاثة معايير أخرى‏:‏الأول‏:‏ درجة القرابة بين الوارث والمورث‏:‏ ذكرا كان أو أنثى‏.‏الثاني‏:‏ موقع الجيل الوارث‏:‏ فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها.‏‏الثالث‏:‏ العبء المالي‏:‏ وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتا بين الذكر والأنثى‏:‏ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في العاملين الأولين ‏(‏درجة القرابة‏، وموقع الجيل‏)‏ -مثل أولاد المتوفي‏، ذكورا وإناثا- يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث، ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين‏، وإنما حصره في هذه الحالة بالذات‏,‏ والحكمة في هذا التفاوت‏، في هذه الحالة هي أن الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى -هي زوجة- مع أولادهما‏، بينما الأنثى الوارثة أخت الذكر إعالتها مع أولادها‏،‏ فريضة على الذكر المقترن بها‏.‏فهي مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها الذي ورث ضعف ميراثها أكثر حظا وميزة منه في الميراث‏,، فميراثها -مع إعفائها من الإنفاق الواجب- هو ذمة مالية خالصة ومدخرة‏،‏ لتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات‏، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين‏، وفي الوقت نفسه نجد الرجل مسئولا ومكلفا بأعباء مالية‏، منها‏:‏1- عليه أن يدفع مهرا لمن يريد الزواج منها‏,، يقول تعالى‏: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ) والمهر التزام مالي يدفعه الرجل لا المرأة في بداية الحياة الزوجية‏.‏2- يجب عليه بعد الزواج أن ينفق على المرأة‏، وإن كانت تمتلك من الأموال ما لا يمتلكه هو‏، لأن الإسلام ميزها وحفظ مالها‏، ولم يوجب عليها أن تنفق منه‏.‏3- أنه مكلف كذلك بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم‏,‏ حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءا منه‏,‏ أو امتدادا له‏,‏ أو عاصبا من عصبته‏.‏وتابع المفتي السابق: هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر إلى المال أو الثروة نظرة أكثر موضوعية‏، وهي أن الثروة والمال أو الملك مفهوم أعم من مفهوم الدخل، فالدخل هو المال الوارد إلى الثروة، وليس هو نفس الثروة‏، حيث تمثل الثروة المقدار المتبقي من الواردات والنفقات‏.‏وبهذا الاعتبار نجد أن الإسلام أعطى المرأة نصف الرجل في الدخل الوارد‏، وكفل لها الاحتفاظ بهذا الدخل دون أن ينقص شيء سوى ما كان حقا لله كالزكاة‏,‏ أما الرجل فأعطاه الله الدخل الأكبر وطلب منه أن ينفق على زوجته وأبنائه ووالديه إن كبرا في السن‏، وغيره،‏ مما يجعلنا نجزم أن الله فضل المرأة على الرجل في الثروة‏,، حيث كفل لها حفظ مالها‏،‏ ولم يطالبها بأي شكل من أشكال النفقات‏.‏واستطرد جمعة: لذلك حينما تتخلف قضية العبء المالي كما هو الحال في شأن توريث الأخوة والأخوات لأم‏،‏ نجد أن الشارع الحكيم قد سوى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى في الميراث‏,‏ قال تعالى‏: (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ).‏فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث‏،‏ لأن أصل توريثهم هنا الرحم‏,‏ وليسوا عصبة لمورثهم حتى يكون الرجل امتدادا له من دون المرأة‏، فليست هناك مسئوليات ولا أعباء تقع على كاهله بهذا الاعتبار‏.‏

مشاركة :