المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث الذي يصرّ على وضع مشاورات السلام التي يشرف عليها في السويد تحت عنوان بناء الثقة سيكون مسلحا ضد الاتهام بالفشل، بالاتفاق المبرم بشأن تبادل الأسرى، لكنه لن يسلم من الاتهام بالتساهل مع المتمردين الحوثيين، وبالبطء في معالجة الملف اليمني الذي لا يحتمل المزيد من الانتظار. ريمبو (السويد) - تتّجه مشاورات السويد بشأن السلام اليمني، إلى الاكتفاء بـ“إنجاز” وحيد على طريق بناء الثقة بين الفرقاء اليمنيين، يتمثّل بالاتفاق على إجراء عملية واسعة لتبادل الأسرى، في ظلّ فشل المبعوث الأممي المشرف على المحادثات مارتن غريفيث في تقريب وجهات نظر الفريقين بشأن ملفات أهم تمّ طرحها على طاولة التباحث، على رأسها إعادة فتح مطار صنعاء، والوضع في مدينة الحديدة ومينائها الواقع على البحر الأحمر غربي اليمن. وتنتهي المشاورات التي انطلقت الخميس الماضي، في الثالث عشر من الشهر الجاري. وقد حرص غريفيث على القول إنها مجرد مقدمة لجولات قادمة، لكن منتقدين لأسلوب عمل المبعوث الأممي واعتماده طول النفس، اعتبروا كلامه تهرّبا من توصيف الجولة بالفاشلة، مشدّدين على الحاجة إلى جهود أسرع لوقف الحرب وتداعياتها على اليمنيين. كما تطالب أطراف مضادة للحوثيين الأمم المتحدة بالمزيد من الصرامة تجاه المتمرّدين “كونهم الطرف المعتدي والمنقلب على السلطات الشرعية والمدان أصلا بقرار أممي سابق يحمل الرقم 2216”. وتلمس تلك الأطراف “لينا وتساهلا في تعامل غريفيث مع الحوثيين ما يعتبر تشجيعا لهم على عدم الاستجابة لجهود السلام”. وحذّر وزير الشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش الذي تشترك بلاده مع السعودية في قيادة تحالف عسكري داعم للسلطات الشرعية اليمنية، من تحوّل مشاورات السويد إلى غطاء لإضفاء الشرعية على المتمرّدين الحوثيين. وقال، الثلاثاء، في تغريدة عبر حسابه في تويتر “من المهم في مشاورات السويد حول اليمن ألا تتم شرعنة دولة الميليشيات أو تشريع الميليشيات ضمن الدولة”. وأضاف “في التجارب العربية أجراس إنذار واضحة، ومن الضروري صيانة المرجعيات الأساسية للحل لضمان ديمومته ومنها القرار 2216”، منتهيا إلى القول “التفاؤل مطلوب والتعطيل والتسويف مرفوضان”. وقالت مصادر مطلعة على مشاورات السويد إن الأمم المتحدة قدمت اقتراحا بسحب القوات المسلّحة لطرفي الحرب من مدينة الحديدة الساحلية، وتشكيل كيان مؤقت لإدارة المدينة. وشرحت ذات المصادر أن الاقتراح الأممي يتضمن تشكيل “لجنة مشتركة أو كيان مستقل” لإدارة المدينة والميناء بعد انسحاب الطرفين، فضلا عن إمكانية نشر مراقبين أمميين. واستبعد عسكر زعيل العضو في وفد الحكومة اليمنية إلى مشاورات السويد، الثلاثاء، التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن خلال الجولة الحالية من المباحثات. وقال لوكالة فرانس برس إن وقف إطلاق النار “ورقة مطروحة ضمن الإطار العام ونحن ما جئنا إلا أساسا لنحدث تقدما نحو وقف إطلاق نار شامل وكامل. ولكن أعتقد أننا لن نستطيع أن نحرز التقدم في هذه الجولة”. وبسقوط أوراق مهمّة من أجندة المشاورات الحالية يبقى ملف تبادل الأسرى موضع النجاح الوحيد للتأسيس لجولات قادمة من محادثات السلام. وقال مندوبون في المشاورات إنّ الحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من التحالف العربي، وجماعة الحوثي المتمرّدة، تبادلتا الثلاثاء قائمتين بأسماء نحو 16 ألف أسير ليشملهم اتفاق لتبادل الأسرى. ولم يتفق الطرفان على تسوية قضايا شائكة من بينها وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وإعادة فتح مطار صنعاء وإدارة البنك المركزي. وأجريت المحادثات بدفع من الأمم المتحدة وقوى دولية، وبمباركة دول إقليمية معنية بالملف اليمني وتعلن مساندتها لجهود وقف الحرب في البلد. Thumbnail وقال مندوبون في المحادثات إن مبادلة الأسرى ستجرى عبر مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون في شمال اليمن ومطار سيئون بجنوب اليمن والذي تسيطر عليه الحكومة المعترف بها دوليا، في عملية تشرف عليها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر. وقال غالب مطلق مندوب المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران إنه جرى بالفعل تبادل قائمات للأسرى من كل جانب منهم نحو 200 ضابط من ذوي الرتب الكبيرة. وبيّن خالد اليماني وزير الخارجية في حكومة الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي أنّ القائمة المقدّمة من الوفد الحكومي تتضمن “فئات عمالية وناشطين سياسيين وشبابا ومعلمين وطلابا وإعلاميين وأطفالا وشخصيات قبلية ورجال أعمال وحقوقيين ونساء وأطباء معتقلين تعسفيا ومخفيين قسرا في معتقلات وسجون الحوثي”. أما ملف المفقودين فقال عضو بوفد الحوثيين إن لجنة مشتركة ستتشكل للتحقيق بشأنه. وتعقيبا على الاتفاق توقّع يوهانس براور رئيس بعثة الصليب الأحمر في اليمن، خلال إيجاز صحافي في جنيف، أن تستغرق عملية تبادل الأسرى في اليمن عدة أسابيع وأن تشمل ترحيل مواطني دولة ثالثة.
مشاركة :