إلى وزير الأوقاف .. قرار صائب في وقت خاطئ

  • 12/11/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ما أن أصدر وزير الأوقاف قراره المتعلق ببعض الأمور الهامشية في إدارة وتنظيم شؤون المساجد، حتى انهالت التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد لذلك القرار ومعارض له، وكل له وجهة نظر معينة لا نملك إلا أن نحترمها سواء اتفقنا معها أم لا.من وجهة نظري الخاصة وبالرغم من صحة قرار معالي الوزير، إلا أنني سأتناول هذا الموضوع من زاوية أخرى، وأرجو أن يتسع صدر معالي الأخ والصديق للنقد الذي سأورده هنا، ويعلم الله أنني ناقد محب لصديق خبرته عن قرب، وعرفت عنه عصاميته وجده واجتهاده، ولا أخفي سرا إن قلت إنني بالرغم من اعتراضي على تشكيلة الحكومة بشكل عام، إلا أن وجوده فيها منحنا بارقة أمل على أن هناك صوتا جريئا داخل مجلس الوزراء قد يؤشر على مواطن الخلل والقصور التي تعاني منها الحكومة في إدارتها لمرافق الدولة.وقبل الخوض في هذا القرار، لا بد لي أن أشير إلى قرار آخر سبق واتخذه معاليه في بداية تسلمه لحقيبته الوزارية وهو متعلق بعدد ركعات صلاة التراويح، وكان ذلك القرار لغايات تنظيمية من وجهة نظر الوزير، إلا أنه جاء في حقبة رفع الأسعار التي دأبت الحكومة على ممارستها، لدرجة أن المواطنين تناولوا هذا القرار بنوع من التهكم بقولهم أن الرفع طال عدد ركعات الصلاة، ثم ما لبث معاليه أن تراجع عن القرار تحت وطأة ضغط شعبي مارسه النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.وعودا على القرار الأخير، فلا بد أن أشير إلى أن هذا القرار بالرغم من صوابيته إلا أنه يؤشر على ضعف في الإدارة يعاني منه كافة المسؤولين من خلال اتخاذهم لقرارات متعلقة بأمور لا تعدو عن كونها هامشية ولا تؤثر في حياة المواطنين ومعيشتهم، متجاهلة أمورا أكثر أهمية وحساسية ولها تأثير كبير على الدولة والمواطن بشكل سواء.جميعنا يعلم أن وزارة الأوقاف هي من أغنى الوزارات من حيث امتلاكها للكم الهائل من الأراضي والعقارات الوقفية، عدا عن إشرافها وإدارتها لأكبر صندوق خيري وهو صندوق الزكاة، وجميعنا يعلم أن تلك العقارات والأراضي والأموال لو تم استغلالها بالشكل المطلوب لساهمت بشكل كبير في زيادة الناتج المحلي الإجمالي أولا ولأسهمت في الحد من مشكلتي الفقر والبطالة ثانيا، فلماذا نتجاهل أمورا أكثر أهمية على حساب أمور هامشية لا تسمن ولا تغني من جوع؟؟؟أما الأمر الآخر ومن خلال مشاهداتي ومتابعاتي للعديد من الأمور المتعلقة ببعض المساجد، فقد لاحظت إهمالا وتسيبا يتسيدان المشهد في معظم المساجد وقد يصل الأمر أحيانا إلى درجة الفساد الإداري والمالي في تلك المساجد، وسبق لي أن راجعت معالي الوزير عدة مرات منذ بداية تسلمه موقعه الوزاري، ووضعته بصورة فساد إداري متعلق بمسجد معين لاكتشف لاحقا أن هذا الأمر ينسحب على العديد من المساجد، ولا أخفي سرا إن قلت إنني اتصلت أيضا هاتفيا مع معاليه شخصيا ومع مكتبه أكثر من مئة مرة لأضع حدا لما يجري في ذلك المسجد، وبعد معاناة استمرت لأكثر من ستة شهور ليتم اتخاذ قرار بتصويب الوضع، ويا ليته لم يتخذ، لأن الوضع في الحقيقة ازداد سوءا عما كان عليه، وهنا أستحضر المثل القائل ( ما أسوأ من عمرو إلا عميرة)، ولن أستخدم مصطلحا آخر احتراما لمعاليه.لذلك فإنني أتساءل، إذا كان قرار تصويب خلل ما في مسجد واحد استغرق أكثر من ستة شهور ولم يتم تصويبه بالشكل المطلوب، فكم يا ترى ستستغرق عملية اتخاذ قرارات أكثر أهمية من رفع الأذان وإقامة الصلاة؟؟؟ومن هنا كان على معالي الوزير الالتفات إلى أمور أكثر أهمية ونفعا من قرار لا يقدم ولا يؤخر، وأنا على ثقة تامة بأنه لو توافرت الإرادة السياسية لتفعيل دور الوزارة بما يخدم المجتمع، لكانت رافعة من روافع الاقتصاد والنهوض بالمجتمع والحد من مشكلتي الفقر والبطالة.أما الجانب الآخر والمتعلق برد الفعل الشعبي لذلك القرار، فهو يؤشر بما لا يدع مجالا للشك على أن المواطنين باتوا رافضين لأي قرار يصدر عن الحكومة حتى لو كان صحيحا أحيانا، وهذا يشير إلى أدنى درجات الثقة التي تكاد تكون معدومة بين المواطنين ومسؤولي الدولة، نظرا لفقدان المصداقية والمكاشفة والشفافية بين المواطن والمسؤول، لذلك نحن بحاجة ماسة لإعادة بناء الثقة المفقودة من خلال قرارات وإجراءات تصب بالدرجة الأولى في المصلحة العامة.kalilabosaleem@yahoo.com

مشاركة :