الجناح الكويتي يستقبل زواره بـ «الدرابيل» ورائحة البخور والعود

  • 12/13/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أجواء فريدة يمتزج فيها القديم بالحاضر، بجناح الكويت في مهرجان الشيخ زايد التراثي، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات ودعم من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبإشراف ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة. يعكس الجناح الإرث الحضاري وعادات وتقاليد الكويت، وما يتميّز به موقعها من أهمية استراتيجية إقليمية حيوية، وهذا ما جعلها منذ القدم مركزاً للتبادل التجاري والحضاري. كل من يزور الجناح الكويتي يشعر منذ اللحظة الأولى بأصالة وتقاليد أهل الكويت، حيث يستقبل الزوار بالحلويات الكويتية مثل «الدرابيل» ويودعهم برائحة البخور والعود ليعكس روح الأصالة والضيافة. أجود البشوت مهدي طاهر القطان يمارس حرفة الأجداد، يعمل بشغف وحب، أنامله تبدع في الكثير من مكملات لبس الرجل الكويتي، وعن ذلك يقول: خياطة البشوت مهنة الآباء والأجداد، ومنا من عمل في مهنة القطانة «النداف»، التي يتم فيها تجهيز القطن ونفشه وحشوه بالقماش، ليصنعوا منه الفرش والمطارح والمساند. وأضاف: الكويتيون عرفوا البشت النجفي، الذي يغزل وينسج باليد، والدروكي وهو من إيران ويعتمد على الأعمال اليدوية، وهُناك البشت الشتوي، الذي يصنع من الوبر، مشيراً إلى أن ميزة النجفي خفيف الوزن، رفيع الخيط، ويتشابه معه الدروكي في خفة الوزن، لكن منه الجيد والمتوسط، وفي وقتنا الحاضر دخلت المكائن في خياطة البشوت وألغي النول والحياكة اليدوية، فيما كان يستغرق تجهيز البشت الواحد من 15 إلى 20 يوماً، أما الآن فيحتاج فقط 3 أيام. وقال: إن أهم شيء في صناعة البشوت توافر القماش، ويطلق عليه «الدرج» قبل الخياطة، وكان الدرج يأتي على شكل طاقات أي قطعة واحدة، وتكون الطاقة من الصوف أو الوبر «شعر الإبل»، والزري خيط مغلف بالفضة ومطلي بماء الذهب، وكان يباع بالتولة، ويأتي من الهند، وهذه الخيوط تتخذ لتقصيب العباءات والبشوت والبخانق وأكمام ملابس النساء، وكان هناك أناس متخصصون لشراء الزري المستعمل العتيق يطوفون بين البيوت وينادون «زري عتيج» يشتريه أحدهم ويحرقه ويستخلص منه الذهب، والآن انتهى دور الزري الهندي، ويستعمل الزري الفرنسي المخلوط بالذهب. موضحاً أن أفضل الأنواع الآن هو المنافس الياباني، ومنه 30 لوناً، موضحاً أن المهرجان فرصة لتعريف الزوار بمختلف الجنسيات على الصناعات والحرف التقليدية التي ما زالت باقية رغم التطور، إضافة إلى التعرف إلى ثقافات الشعوب من مختلف الدول. ملك الأسطوانات استعاد عبق الماضي من خلال الكثير من الآلات الإلكترونية والأسطوانات النادرة والصور وأشرطة الكاسيت وأجهزة الراديو والقطع التاريخية المنوعة، وكل من يزور رواق «ملك الأسطوانات» محمد البناي سيرجع بذاكرته إلى تلك الأغاني القديمة ذات الأسطوانات العتيقة التي توضع على «البشتختة» لتدور بالذاكرة القديمة إلى أيام الغوص والآباء والأجداد، مرددين أغاني البحارة. البناي خلال مشاركته في الجناح الكويتي في مهرجان الشيخ زايد التراثي، أكد أن ما شاهده الزوار جزء من آلاف الأسطوانات القديمة التي لا يتم تداولها الآن، وقد استغرق جمعها ما يقارب من 30 عاماً، بالإضافة إلى 500 جهاز راديو مختلف الأنواع والأحجام. وعن كيفية حصوله على تلك الأشياء القديمة، ومن أين يجلبها ويشتريها، قال إن معظم مقتنياته اشتراها عن طريق المزادات والمعارض، لذا يعتبر كل قطعة مهمة وعزيزة على قلبه، كما يحرص على تنظيفها والاعتناء بها، ويرفض التفريط في بيع أي قطعة، مشيراً إلى حرصه على زيارة العديد من المتاحف والمعارض الأثرية في الخليج، لتبادل الخبرات والثقافات. حسين البزاز، ذو خبرة واسعة في تجهيز البهارات، وتحويلها إلى خلطة لها طعم خاص، خاصة عند إضافتها إلى الأكلات، ومنها الكثير من الأنواع، حيث تقدم على طلبها المرأة الكويتية، موضحاً أن طعم الأكلات لا يحلو إلا بالدهن العداني، الذي يستخرج من زبدة ألبان الماعز والنعاج بشكل خاص، بمعالجات خاصة يضاف إليه البهار، والقليل من الملح. أشغال يدوية خلود محمود صالح تستقبل زوار مهرجان الشيخ زايد التراثي بابتسامة جميلة مرحبة بالجميع بـ«حياكم الله»، حيث تعرض من خلال مشاركتها في الجناح الكويتي الكثير من الأشغال اليدوية التي تبرز مهاراتها وإتقانها للعديد من الأشغال الفنية. من يدخل إلى دكان جميلة يتوقف للبحث عمَّا يريده، خاصة النساء اللاتي يستمتعن بتلك المشغولات الفنية اليدوية، فكل أعمالها مميزة تتفوق على الأعمال الحديثة التي تعدها الآلات، من حيث التصميم والإبداع ووضع اللمسات الجميلة لكل قطعة، سواء استخدمت للأكسسوارات أو لتزيين أركان المنازل. وتقول: الأشغال اليدوية قطع فنية بذاتها، تتميز بالإبداع والمهارة والفن الرفيع، وتتفوق على آلة الحياكة الصناعية، ويتم استخدام الخيوط الحريرية والقطنية والصوفية، وغالباً ما تصنع المفارش والأغطية وأطقم الدلات وعلب المناديل، وصناديق أدوات الزينة، وتعليقات الحائط. عطور فواحة صناعة العطر من الفنون التي لا يمكن احترافها بسهولة، فهي تحتاج لدقة في الموازين وخبرة في تمييز الروائح واختيار أفضلها، وقد تكون صناعة العطور واحدة من الصناعات المميزة في العالم نظراً لدقة مقاديرها، لأن اختلاف الموازين فيها قد يفضي إلى ضياع الرائحة. حسين محمود، الذي يشارك بالكثير من العطور والبخور الكويتية، يقول «هناك من يفضل عطراً محدداً يأتي لشرائه، وخلال المهرجان أقوم بعرض أنواع متعددة من العطور والبخور والخلطات الكويتية التي نتميز بها، خاصة المرأة باعتبارها ذواقة تعشق الروائح الجميلة. صناعة السفن كامل القلاف الذي يعمل في حرفة صناعة السفن من 37 عاماً، تعلم تلك المهارة من جده، ويعمل على صناعة مجسمات السفن بمختلف الأحجام، أدواته بسيطة، لكن صناعاته للمجسمات تتميز بالكثير من البراعة والخبرة، وهو يشعر بسعادة بالغة بعد إتقان عمله الذي عشقه منذ نعومة أظفاره. ويتابع: هذا النوع من السفن الخشبية الصغيرة ولونها وطريقة صنعها، جزء من التراث الكويتي الذي يحكي أسرار الحياة البحرية القديمة للكويت، والحركة التجارية مع الهند ودول شرق آسيا التي قام عليها الاقتصاد الكويتي قديماً، فهذه الحرفة التي تتميز بالدقة، تحتاج إلى نوعية معينة من الأخشاب تتحمل القدرة على التواجد في الماء باستمرار، لذلك كان خشب الساي الهندي، والذي يتواجد أيضاً في إندونيسيا، وماليزيا، وميانمار، وتايلاند وتنزانيا، وهذه النوع من الخشب يتحمل الحرارة والماء. ويضيف القلاف: أقوم بتصنيع عدة أنواع من السفن الخشبية باستخدام خشب الساي الهندي، لعلَّ أبرزها سفن «البوم»، والتي تتميز بكبر حجمها، لذلك كانت تستخدم قديماً في الحركة التجارية، حيث كانت دولة الكويت تعتمد في تجارتها وعلاقاتها الاقتصادية على الحركة الملاحية من وإلى دول شرق آسيا، خصوصاً الهند، كما كان يستخدم هذا النوع من السفن في عمليات الغوص، أما بالنسبة لسفن «الجالبوت»، فكان حجمها صغيراً نوعاً ما مقارنة بسفن البوم، لذلك كانت تستخدم الجالبوت في حركات التنقل الصغيرة داخل الكويت، أما سفن «البغلة» وهي نوع من أنواع سفن البوم فكانت تستخدم في الرحلات البعيدة ونقل البضائع، وهناك سفن «الشوعي» والتي تشبه إلى حد كبير سفن «السنبوك»، ويقتصر استخدامها على الصيد بالمناطق القريبة من الشواطئ الكويتية. ويضيف القلاف: يحتاج صانع السفن إلى «الشبا»، وهي أداة تمسك الأخشاب، و«المجدح»، ويستخدم في ثقب الأخشاب بوساطة القوس الذي هو عبارة عن خشبة أسطوانية مستطيلة يربط بطرفيها «وتر» رفيع يستخدم في تشغيل المجدح لثقب الأخشاب التي تصنع منها السفن، إضافة إلى ذلك يستخدم «الرندة» أو الفارة لتنعيم الأخشاب، و«الشاكة» هي طباشير يستخدمها الصناع في وضع علامات على السفينة، إضافة إلى استخدام «البلد»، وهو عبارة عن كتلة من الرصاص لها عروة يربط فيها حبل به علامات للقياس. «المندوس» لفت الأنظار بصفائحه المعدنية اللامعة وبنقوشه اليدوية وزخارفه الجميلة التي تضفي عليه جمالاً من نوع خاص، ليغدو تحفة فنية أصيلة تنثر عبق الماضي ببساطته، إنه «المندوس» هذا الصندوق الخشبي الذي مثّل لأجدادنا خزانة الثياب والأشياء الثمينة، وتناقلته الأجيال حتى يومنا هذا، لكن هل لا يزال المندوس يحافظ على مكانته وقيمته الكبيرة التي كان يحتلها في البيوت قديماً؟. جاسم سلطان الذي أبدع في صناعة المناديس الكويتية ذات الطراز القديم والحديث، يقول: المندوس جمعها المناديس، وهي صناديق خشبية تختلف حسب نوع الخشب الذي صنعت منه، ويعتبر أجودها هو المصنوع من خشب «القرط» نظراً لصلابته ومقاومته للماء والعوامل الجوية كالرطوبة وغيرها، لذا يشبّه بقوة وصلابة الصخر كونه يعمر طويلاً إذا تمت المحافظة عليه، كما يتميز بلونه البني المحمر ويعتبر من المقتنيات الثمينة. وحول استخدامات المناديس في الوقت الحالي أشار جاسم إلى أنها تستخدم في الزينة أو وضع الملابس التراثية في ركن من الغرفة أو المجلس أو تكون ضمن الأكسسوارات التي توضع في المنزل ويقدم كهدية للعروس، أو توضع فيه العطور أو البخور أو الحلوى المراد تقديمها هدية. لمسة إبداع يعمل الخطاط والفنان التشكيلي الكويتي فاضل الرئيس على كتابة أسماء زوار المهرجان بطرق فنية مبتكرة تحمل لمسة إبداعية مميزة في الخط والألوان والخلفيات، وقد تميزت أعماله بالتنوع والقدرة على التواصل مع الحروف القرآنية النورانية، برؤى فنية، تضمنت الكثير من التألق والحضور، وامتازت أعمال الرئيس بمزج الرؤى التشكيلية بمضامينها العديدة مع رؤى خطية، اتسمت بمدلولات فنية جذابة. فن الأركت أسامة الجاسم الذي شارك في الكثير من المعارض الفنية خارج دولة الكويت وداخلها، استطاع أن يترك بصمة لزوار مهرجان الشيخ زايد التراثي بأن يشاهدوا الكثير من أعماله الفنية وهو يقوم بتفريغ الخشب بطريقة حرفية. ويقول: «الأركت» فن تفريغ الخشب وفق أشكال وتصاميم مختلفة، ويستخدم على نطاق واسع في الديكورات الداخلية، وتتزين به قطع ومفردات الأثاث، فتعطي نتيجة سريعة ولمسات فنية غاية في الإبداع، حيث يمثل عنصراً جمالياً زخرفياً قائماً على إظهاره كتحفة فنية رائعة. ويضيف: في هذا الفن ظهرت العديد من التصاميم والزخارف الجميلة التي كسيت بها أسقف وجدران وأبواب القصور، إلى جانب مفردات الأثاث التي طعمت بالزخارف أيضاً، وتحولت إلى تحف غاية في الدقة والجمال. خيوط الزري اشتهرت بتصميم الكثير من الأزياء الكويتية مثل الدراعات لجميع المناسبات، ومنذ 8 سنوات وهي تجمع بين الحداثة والعصرية الكلاسيكية في آن واحد وفي إطار أنيق، وما يميزها أنها تحرص على ألا تكرر تصاميمها، فكل القطع تختلف عن الأخرى وتختار لها أجواد أنواع الأقمشة. إنها خلود القطان التي تشارك للمرة الثانية في مهرجان الشيخ زايد التراثي في منطقة الوثبة في أبوظبي، وتحرص من خلال تصاميمها على أن تلبي كافة الأذواق لجميع المناسبات، حيث توفر الكثير من الفساتين لجميع المناسبات، لكن يظل اللون الأخضر هو لون الموسم، خاصة في مناسبات ليلة الحنة، التي لها طقوس مختلفة في الاحتفال بهذه المناسبة، فالفتاة ترتدي أجمل الملابس التي تناسب هذه الفرحة وخاصة اللون الأخضر الذي يمتزج فيه خيوط الزري مع التطريز اليدوي والنقوش التراثية.

مشاركة :