بيروت – قال خبراء في الشؤون الدستورية في لبنان إن عملية تشكيل الحكومة شهدت عددا من الأعراف التي تمسّ صلاحيات رئيس الوزراء. وحذر الخبراء من أن المساس بالموقع السياسي الأول للسنة في لبنان بات يأخذ بعدا خطيرا يعيد التاريخ إلى ما قبل توقيع اتفاق الطائف عام 1989. ولاحظوا تقاطعا بين حزب الله ورئيس الجمهورية ميشال عون في فرض العقد التي تفقد الرئيس المكلف، سعد الحريري، زمام الأمور، بحيث لا يكون سيد نفسه وفق ما يضمنه اتفاق الطائف والدستور. ولفت هؤلاء إلى أن مجلس الوزراء هو مؤسسة دستورية مستقلة ويتمتع رئيسها بسلطات محددة، فيما أن أداء الرئيس عون أظهر توقا، منذ اليوم الأول لدخوله قصر بعبدا، إلى استعادة صلاحيات رئيس الجمهورية التي قلصها اتفاق الطائف بعد 15 عاما من الحرب الأهلية. ورأى الخبراء أن عون سعى خلال حكومة الحريري الأولى إلى حضور وترؤس معظم جلسات مجلس الوزراء، فيما ينص الدستور على غير ذلك. ورأى هؤلاء أن عون استفاد من الصفقة الرئاسية التي أبرمها مع الحريري من أجل فرض نفسه مقررا في شؤون هي من صلب صلاحيات رئيس الحكومة. وأوضحت مصادر برلمانية أن الحريري وضع أولوية تقوم على تسيير البلد وانتشاله من أزمته بما جعله يتغاضى عن تجاوزات تتعارض مع أحكام الدستور. وأشار مراقبون إلى أن الحريري نجح بعد صبر في تذليل العقدتين المسيحية والدرزية اللتين كانتا تقفان حجر عثرة أمام الإعلان عن الحكومة، وأن خروج أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، بشروط مفاجئة تتعلق بتمثيل “سنة 8 آذار”، هدفه إبلاغ الحريري بأن أمر تشكيل الحكومة لا يخضع للقواعد الدستورية المعروفة، بل لإمرة حزب الله وحليفه في بعبدا. واستغرب سياسيون تولي رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره، وزير الخارجية جبران باسيل، مهمة تقديم المبادرات والقيام بالاتصالات بين الفرقاء السياسيين لإيجاد الصيغة المناسبة لتذليل العقد وتشكيل الحكومة. ورأى هؤلاء أن أي صيغة لولادة الحكومة، حتى في حال “تضحية” عون وقبوله بأن يكون الوزير-العقدة من حصته، فإن ذلك يعني بالمحصلة أن الرئاسة اللبنانية بالتحالف الكامل مع حزب الله هم أصحاب الطبخة الحكومية.
مشاركة :