ألقى الشيخ الدكتور فيصل غزاوي إمام وخطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة مستهلًا بحمد الله والثناء عليه مبينًا أن أعظم الأدلة وأقواها الشعور بوجود الله تعالى.وقال غزاوي، إن من الناس من لا يشعر بقدر النعمة التي هو فيها فما أكثر ما يشكو! وما أكثر ما يتضجر! عن عبد الله بن أبي نوح قال : ( قال لي رجل على بعض السواحل : كم عاملتَه تبارك اسمه بما يكره فعاملك بما تحب؟ قلت ما أحصي ذلك كثرةً ، قال:فهل قصدت إليه في كربك فخذلك ؟ قلت لا والله، ولكنه أحسن إليّ فأعانني، قال : فهل سألته شيئًا قط فأعطاك ؟ قلت وهل منعني شيئاَ سألتُه؟ ما سألتُه قط إلا أعطاني، ولا استغثت به إلا أغاثني : قال أرأيت لو أن بعض بني آدم فعل بك هذه الخلال ما كان جزاؤه عندك ؟ قلت ما كنت أقدر له على مكافأة ولا جزاء، قال فربك أحق وأحرى أن تدني نفسك له في أداء شكر نعمته عليك، وهو المحسن قديمًا وحديثًا إليك، واللهِ لشكرهُ أيسر من مكافأة عباده . إنه تبارك وتعالى رضي بالحمد من العباد شكرًا ).وأضاف، أن الواجب علينا عباد الله أن نحمد الله دائما على كل حال تحدثا بنعمة الله، وإظهارا لشكره فقد روى الطبراني عن عبد الله بن عَمرٍو، قال :قَال رَسول اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وسلم لرجل: ( كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا فُلَانُ؟ ) ، قَالَ: أَحْمَدُ اللهَ إِلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَذَا الَّذِي أَرَدْتُ مِنْكَ) “أي إظهار الحمد والشكر والثناء.وتابع: قد يدعو المرء على نفسه بالموت وغاب عنه تحذير النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله : ( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) رواه البخاري ومسلم ومن الناس من يعيش مع والديه أو أحدهما حياة سعيدة طيبة، بارا بهما محسنا إليهما فإذا كَبِرا عاف الحياة معهما وملّ صحبتهما وتنكر لهما وصار يعاديهما ويؤذيهما ويتضجر منهما، ويُسمعهما من عبارات التأنيب ما يؤلمهما ويجرح مشاعرهما، وينسى فضائلهما، وأي عقوق أعظم من ذلك؟!وقال إن الأولى بالملل والكلل والفتور هو صاحبُ المعصية والمجاهر بفسقه، فجدير به أن يسأم من ارتكاب المحرمات ويتوقف عن اجتراح الموبقات ويحذر من سوء الخاتمة والمهلكات ويقبل على من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.واختتم خطبته: اجعلوا نصب أعينكم وانتم في طريق سيركم إلى ربكم هدي قدوتنا صلى الله عليه وسلم، فمع ان الله قد غفر الله له ما تقدّم وما تأخّر من ذنبه إلا أنه لم ينقطع عن العبادة بل كان دائم الصلة بربه مقبلا عليه مجتهدا في طاعته لا يكلّ ولا يملّ، ولا يسأم ولا يفتر.
مشاركة :