إمام المسجد النبوي: الدنيا عدو الإنسان إذا استولت على قلبه

  • 12/14/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي في خطبة الجمعة اليوم، عن وعد الله الحق؛ موصياً المسلمين بتقوى الله عز وجل والمسارعة إلى الخيرات ومجانبة المحرمات. وقال "الحذيفي": إن الله وعدكم وعد الحق، ولا إخلاف لوعده ولا معقب لحكمة، وعد عباده الطائعين بالحياة الطيبة في دنياهم، ووعدهم بأحسن العاقبة في أخراهم، يحل عليهم رضوانه ويمتعهم بالنعيم المقيم في جنات الخلد مع النبيين والصالحين الذين اتبعوا الصراط المستقيم. واستشهد بقول الله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}، وقال عز وجل: {ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم، ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}؛ أي لو أنهم آمنوا بالقرآن، وعملوا به مع إيمانهم بكتابهم من غير تحريف له؛ لأحياهم الله حياة طيبة في الدينا وأدخلهم الله جنات النعيم؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى قال: (مَن عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرّب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه؛ فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) رواه البخاري. ويدل ذلك على أن الله تعالى بلطفه وكرمه ورحمته وقدرته يتولى أمور عباده الطائعين ويدبرهم بأحسن تدبير في حياتهم وبعد مماتهم. وأضاف: المؤمنون يشاهدون ما وعدهم ربهم في حياتهم الدنيا ويتتابع عليهم ثواب الله، وتتصل بهم، وتترادف عليهم آلاء الله، كما قال عز وجل {فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين}، وسيجدون في الآخرة الأجر الموعود والنعيم الممدود، لقوله تعالى {أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين}. وأردف: وعد الله للمؤمنين الطائعين، وتوعده سبحانه للكفار الجاحدين والعصاة المتمردين، وما أنذرهم به من العذاب الواقع بهم؛ لقوله تعالى {والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوًى لهم}. وتابع: الإنسان قد ابتلي بما يصرفه عما ينفعه ويوقعه فيما يضره ابتلاء وفتنة، تثبط عن الطاعات وتزيد المعاصي ليعلم الله من يجاهد نفسه ويخالف هواه ممن يعطي نفسه هواها ويتبع شيطانه؛ فيفاضل بين المهتدين بالدرجات، ويعاقب أهل الأهواء الغاوية بالدركات، لقوله تعالى: {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم}. وقال إمام وخطيب المسجد النبوي: النفس لا تسلم من الجهل إلا بالعلم النافع الذي جاءت به الشريعة، ولا تسلم من الظلم إلا بالعمل الصالح، ولا بد للمسلم أن يرغب إلى الله دائماً ويدعوه لصلاح نفسه؛ فعن زيد بن أرقم رضى الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها) رواه مسلم. وأضاف: النفس إذا زُكّيت وطهرت بالعلم النافع والعمل الصالح، تحولت إلى نفس مُصدقة بوعد الله مطمئنة منيبة إلى ربها، تبشر بالكرامة عند الموت قال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضيةً مرضيةً، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}؛ مشيراً إلى أن قاطع سبل الخير والداعي إلى كل معصية وشر، عدو الإنسان، الشيطان الرجيم الرجس النجس نعوذ بالله منه، جعله الله فتنة للمكلفين، من أطاعه كان بأخبث المنازل، ومن عصاه كان بأفضل المنازل. ونبه "الحذيفي" من الشيطان لأنه له مع ابن آدم سبعة أحوال؛ فهو يدعوه إلى الكفر والعياذ بالله؛ فإن استجاب الإنسان فقد بلغ منه الشيطان الغاية وضمه لحزبه، وإن لم يستجب للكفر دعاه للبدعة؛ فإن نجا من البدعة بالاعتصام بالسنة والمتابعة للكتاب والسنة دعاه للكبائر وزينها له، وسوّف له التوبة؛ فتمادى في الكبائر حتى تتغلب عليه فيهلك؛ فإن لم يستجب له في الكبائر دعاه إلى صغائر الذنوب ويهوّنها عليه، حتى يصر عليها فتكون بالإصرار كبائر فيهلك لمجانبة التوبة؛ فإن لم يستجب له دعاه إلى الاشتغال بالمباحات، عن الاستكثار من الطاعات، وشَغَله بها عن التزود والاجتهاد لآخرته؛ فان نجا من هذه دعاه إلى الاشتغال بالأعمال المفضولة عن الأعمال الفاضلة لينقص ثوابه، فإن الأعمال الصالحة تتفاضل في ثوابها؛ فإن لم يقدر الشيطان على هذا كله سلّط عليه جنده وأتباعه بأنواع الأذى والشر. واختتم بالقول: لا نجاة من شر الشيطان إلا بمداومة الاستعاذة منه بالله، ومداومة ذكر الله تعالى والمحافظة على الصلوات جماعة فهي حصن وملاذ.

مشاركة :