ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن جذوة الانتفاضة التي أشعلت فرنسا على مدار الأسابيع الماضية وشهدت ذروتها خلال شهر نوفمبر الماضي، حركها ضد الرئيس الفرنسي ونظامه موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» والذي كان ميدانا للتخطيط وساحة للتجمع قبل أي أعمال احتجاج ضد حكومة باريس في السبت من كل أسبوع. وفي يوم السبت الماضي، ارتدى توماس ميراليس سترة صفراء في مسقط رأسه بجنوب فرنسا وتوجه للاحتجاج على الرئيس إيمانويل ماكرون والضرائب المرتفعة، بعد ذلك، عاد هو وغيره من المتظاهرين في أنحاء البلاد إلى ديارهم ، تمامًا كما يفعلون في كل يوم عطلة نهاية أسبوع على مدى شهر نوفمبر الماضي. ولكن على الرغم من أنهم لم يعودوا يتجمعون معا في ساحات البلدة وفي الشوارع، كان ميراليس والعديد من المتظاهرين الآخرين بعيدًا عن الانتشار، وبعيدًا عن كاميرات التليفزيون وخطوط الشرطة، حافظوا على تنسيق أعمالهم عبر الإنترنت - وكان معظمها على "فيس بوك". وبينما تم توجيه الانتباه إلى الاحتجاجات الدراماتيكية التي وقعت السبت في جميع أنحاء فرنسا، يحدث الكثير من الأحداث على الشبكة الاجتماعية بقية الأسبوع. فبين يومي الأحد والجمعة، قام أشخاص مثل ميراليس ببث جلسات مباشرة عبر موقع "فيس بوك"، بمشاركة مقاطع فيديو مثيرة لعدوان الشرطة الفرنسية، فضلا عن عمل استطلاعات لتزويدهم بمعلومات حول القضايا التي يتحدثون عنها خلال المقابلات التليفزيونية، ورسم تحركاتهم التالية. ويقول ميراليس (27 عاما)، وهو وكيل عقاري في بربينيان، يقوم بإدارة مجموعة على موقع "فيس بوك" للمتظاهرين الذين جمعوا أكثر من 305 ألف عضو: «يزود كل منهما الآخر بالحفز والتحريض، ودون فيس بوك لن تكون هناك حركة كهذه، لكن النشاط عبر الإنترنت تغذية الطاقة في الشوارع».إن تفاعلات "فيس بوك" تغذي ما يسمى متظاهري «السترات الصفراء»، ما يساعد على تفسير لماذا ظل الكثيرون يحضرون كل يوم سبت، ما أجبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإعلان هذا الأسبوع أنه سيخفض الضرائب ويزيد بعض الدخول. وداخل المئات من مجموعات «فيس بوك» انبثقت عن «السترات الصفراء»، عرض المناقشون صولاتهم وجولاتهم فكريًا، وركزوا المتظاهرون في مجموعات "فيس بوك" الأسبوع الجاري على كيفية إرغام ماكرون على تقديم تنازلات. وذكر الكثيرون أن الإجراءات لم تكن كافية ودعوا إلى استمرار المظاهرات، وفقا للرسائل التي استعرضتها صحيفة "نيويورك تايمز". واقترح الغضب أن تحدث المزيد من المظاهرات يوم السبت، على الرغم من أن الأرقام من المرجح أن تكون أصغر بعد الهجوم إرهابي يوم الثلاثاء الماضي في ستراسبورج شمال شرق فرنسا.وتعتبر فرنسا ذات تاريخ حافل بالاحتجاج السياسي، بواسطة أو بدون "فيس بوك"، لكن النظر داخل المنصة يفتح نافذة على الطبيعة الجامحة للمحادثات الصفراء، مع مطالبها المتنافرة وأجنداتها المتنافسة. ويوجد لدى "فيس بوك" ما يقرب من 35 مليون مستخدم نشط شهريًا في فرنسا، أو حوالي 52٪ من السكان، والعديد من المنصات مكتظة بالصور المتعلقة بالاحتجاجات. وفي الأسابيع الأخيرة، حول موقع "فيس بوك" العديد من المواطنين العاديين - والممرضات، وسائقي الشاحنات ، وأصحاب الشركات الصغيرة - إلى أصحاب تأثير. وقد حظي العديد من المقاطع بأكثر من ثلاثة ملايين مشاهدة، وفقا لبيانات من كرودتثلاند، والتي تتعقب النشاط على "فيس بوك".
مشاركة :