تحقيق: راندا جرجسيبلغ طول الجهاز الهضمي 9 أمتار، وهو يتكون من مجموعة من الأعضاء في جسم الإنسان، تبدأ من فتحة الفم إلى الشرج، حيث يقوم كل عضو بمهمة محددة لإتمام عملية الهضم وتفتيت الطعام، وتعد عملية الهضم معقدة حيث إنها تتم بواسطة الأنزيمات والمواد الكيميائية لتحويل الطعام إلى أحماض أمينيه ودهنية وسكرية ثم إيصاله إلى القلب والأوعية الدموية، لتستفيد منه باقي الأجهزة، ولكن في بعض الحالات ينجم أثناء هذه العملية يعض المشكلات المزعجة التي تستهدف الكبار والصغار كارتجاع المريء وعسر الهضم، وهذا ما سنقرأ عنه تفصيلاً في السطور القادمة.يقول الدكتور محمد عبدالرحيم سليمان استشاري الأمراض الباطنية، إن الارتجاع المعدي المريئي من أكثر الأمراض الشائعة للجهاز الهضمي على مستوى العالم بنسبة 50%، كما أنه أحد أهم أمراض الجهاز الهضمي، وهو ارتجاع للحامض المعدي إلى المريء مرة أخرى، ولا يحدث ذلك مع الأشخاص الطبيعيين، حيث إن كل ما يتناوله الإنسان كالطعام والشراب وكذلك الأدوية، يتحرك من أعلى إلى أسفل من خلال عملية البلع التي تدفع الطعام إلى البلعوم ثم المريء ومنها إلى المعدة، ليستقر بها قبل استكمال رحلته عبر القناة الهضمية، كما يوجد أسفل المريء عضلة عاصرة تسمح فقط بدخول الأطعمة والمشروبات إلى المعدة ثم تغلق فتمنع ارتجاع الحامض المعدي إلى المريء، وتقوم هذه العضلة بحماية المريء من العصارة المعدية وتأثيرها الحارق، وهنا تحدث الإصابة عندما تضعف العضلة العاصرة الموجودة أسفل المريء ولا تغلق بشكل جيد، فيسمح ذلك للحامض المعدي بالارتجاع من المعدة إلى المريء، ما يؤدي إلى حدوث التهابات بالمريء، البلعوم، والأحبال الصوتية، كما يمكن أن يحدث ارتجاع المريء نتيجة وجود فتق في عضلة الحجاب الحاجز التي تفصل المكونات البطن عن الصدر، ما يسهل انزلاق جزء من المعدة لتدخل في التجويف الصدري وبالتالي ينجم عنه ارتجاع الحامض من المعدة إلى المريء.مسببات وأعراضيفيد د. عبدالرحيم بأن هناك عدة عوامل عديدة تساعد على حدوث الارتجاع المريئي مثل السمنة المفرطة التي تزيد الضغط داخل البطن وتسهل الارتجاع، وكذلك أثناء الحمل، حيث يزيد الضغط داخل البطن في الشهور الأخيرة، وخاصة بعد تناول وجبة دسمة، أو مليئة بالبهارات والمقليات، وكذلك المشروبات الغازية والقهوة وغيرها، بعض الأدوية التي تهيج المعدة كمضادات الالتهاب، الكورتيزون، كما يمكن أن يكون وضع النوم سبباً في عملية الارتجاع، حيث إن الوضع الأفقي يساعد ويسهل انزلاق الحامض، ولا ننسى دور التدخين في استمرارية المرض، وصعوبة علاجه، وأيضاً التدخين السلبي يزيد من الارتجاع ويجعله مزمناً.يضيف: تتراوح أعراض ارتجاع المريء من بسيطة إلى متوسطة أو شديدة، وربما يصاحبها نزيف من الجهاز الهضمي، ففي الحالات الخفيفة يشكو المريض حرقة بالصدر وآلاماً بأعلى البطن، وغثيانا، أما الحالات المتوسطة فربما يؤثر الارتجاع الحمضي على الأحبال الصوتية، ما يؤدي إلى وجود بحة بالصوت ووجود كحة شديدة بالجهاز التنفسي، وعندما يتطور المرض يؤدي إلى أنيميا مزمنة لا يكون معلوماً سببها، وأيضاً رائحة الفم الكريهة، الربو، فرط حساسية الأسنان، والأخطر من ذلك حدوث تغيير في الخلايا المبطنة لجدار المريء ويسمى ذلك مرض باريت، ويكون بمثابة مقدمة لحدوث سرطان المريء، ومن أخطر المضاعفات التي تنتج عن الارتجاع المزمن. معالجة الارتجاع يؤكد د. عبدالرحيم على أن علاج الارتجاع المريئي يبدأ مع تغيير نمط الحياة وتناول الوجبات الصحية المعتدلة، ممارسة الرياضة، محاولة تقليل الوزن في حالة السمنة، الإقلاع نهائياً عن التدخين، عدم تناول المسكنات والأدوية الأخرى، إلا تحت إشراف الطبيب وتجنب تناول مشروبات القهوة والحمضيات والمشروبات الغازية والكحوليات، تجنب الوجبات الدسمة المليئة بالدهون، البهارات الحارة حتى يمتلئ البطن والشعور بالتخمة من فرط الطعام، حيث إن اتباع نظام صحي سليم والتخلص من العادات الغذائية السيئة هو الأساس في علاج ارتجاع المريء، كما يعد عدم النوم بعد تناول الطعام مباشرة، كفيلاً بعلاج الحالات البسيطة من الارتجاع، وأيضاً ممارسة الرياضة بشكل منتظم، أما الحالات المتوسطة والشديدة فلا بد من اللجوء إلى الأدوية، كمضادات الحموضة التي تمنع إفراز الحامض داخل المعدة، وربما يحتاج المريض إلى التدخل الجراحي أو التنظير لعلاج فتق الحجاب الحاجز، وكذلك معالجة ارتخاء العضلة العاصرة أسفل المريء.مشكلات الأطفال يشير الدكتور ستيفانو جولياني استشاري جراحة الأطفال، أن الطفل المصاب يعاني بمرض الارتجاع المعدي المريئي ارتداداً غير طبيعي لحمض المعدة إلى المريء، ويختلف ذلك عن الارتجاع المعدي الطبيعي المحدود عند الرضع، الذي تقل وتيرته عادة مع بدء تناوله الأطعمة الصلبة وجلوسه في الوضع القائم أثناء تناول الوجبات، وربما تتسبب بعض الأمراض والحالات الطبية، مثل: الشلل الدماغي، فتق الحجاب الحاجز والجنف، المرض العصبي العضلي، في زيادة احتمالات إصابة الطفل بحالة ارتجاع معدي مريئي حاد، ولهذا يجب دراسة شدة الارتجاع المعدي المريئي لدى الطفل لمعرفة اتجاهات العلاج الناجعة، وترتبط أعراض هذه الإصابة بعمر الطفل المصاب، إذ يعاني حديثو الولادة والرضع التقيؤ المتكرر، ضعف النمو والبكاء بعد الرضاعة والسعال وتقوس الظهر، أما الأطفال الأكبر سناً فيعانون آلام خلف القص وارتجاعا وقيئاً، ويعد السبب الرئيسي هو وجود عيب في الصمام الفاصل بين المريء والمعدة يسمح برجوع حمض المعدة إلى قناة المريء، وربما يكون وجود خلل خلقي غير طبيعي في الوصلة بين المعدة والمريء مع فتق في الحجاب الحاجز من ضمن مسببات المرض أيضاً.فحوص ومضاعفاتيفيد د. جوليانى بأن الأطباء يحددوا شدة حالة الارتجاع المعدي المريئي، بدراسة حالة الارتجاع لدى المريض لمدة 24 ساعة، وتدعى دراسة المقاومة/ درجة الحموضة، ويدخل الطبيب خلالها مسباراً صغيراً في المريء ليسجل كمية حمض المعدة وحجم محتواها في المريء، ومن أهم التحاليل الأخرى دراسة الاتصال المعوي المعدي لمعرفة طبيعة تشريح المعدة وأخذ خزعات من المريء بالتنظير لتحديد شدة الالتهاب الناتج عن الارتجاع، وتعد أهم مضاعفات التهاب المريء هي حدوث النزيف والألم، والسرطان على المدى الطويل، كما يمكن أن يتطور الأمر إلى ظهور التقرحات السنية، التهاب الحلق، الربو والتهاب الأذن الوسطى المتكرر.يستكمل: تشمل المرحلة الأولى من العلاج تناول أدوية تقلل إنتاج المعدة للسائل الحمضي، وتتوفر العديد من الأدوية على هذا الصعيد وهي فعالة للمستويات الخفيفة والمتوسطة من الارتجاع المعدي المريئي، أما في حالات وجود مشكلة تشريحية أو ارتجاع شديد، فمن الأفضل إجراء عملية جراحية لعكس أسباب الارتجاع، وتسمى العملية الجراحية الأكثر شيوعًا لعلاج هذه الحالة عملية نيسن لطي المعدة، وهي تنطوي على تشكيل الطبيب الجراح لصمام عند نقطة التقاطع بين المعدة والمريء مستخدماً جزءاً من المعدة.عسر الهضميذكر الدكتور أحمد عبدالحميد مختص الأمراض الباطنية، أن عسر الهضم، لا يعد مرضاً، و لكنه مجموعة من الأعراض التي تنتج عن اعتلال عملية هضم أو امتصاص الطعام، وتتفاوت علامات عسر الهضم حسب المسبب، وتتراوح في المجمل بين آلام بأعلى البطن، شعور بالامتلاء أو الانتفاخ، الإحساس بالحرقة، الغثيان، وفى بعض الأحيان القيء، ولا يوجد سن محدد لعسر الهضم ولكن هناك بعض فئات الأشخاص الذين يعتبرون الأكثر عرضة لظهور أعراض عسر الهضم مثل الحوامل، أصحاب الوزن الزائد، مرضى الأمراض المزمنة وخاصة من يستدعى مرضهم تناول المسكنات أو مضادات الالتهاب بشكل دوري، وكذلك المدخنون ومن يحتوى نمط حياتهم على درجة عالية من التوتر، وهناك 25% من أعراض عسر الهضم التي تكون وراءها أسباب عضوية، ولكن الغالبية العظمى هي نتيجة خلل وظيفي في الجهاز الهضمي، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك أسباباً أخرى لعسر الهضم غير مرتبطة بشكل مباشر بالجهاز الهضمي مثل أمراض الغدة الدرقية، داء السكرى، الفشل الكلوي، أما عن الأسباب العضوية والخاصة بالجهاز الهضمي فنذكر منها على سبيل المثال التهابات المعدة، ارتجاع المريء، الالتهابات الكبدية، البنكرياس والمرارة، أورام الجهاز الهضمي، الداء البطني، والإمساك المزمن.يستكمل: هناك بعض الأعراض المصاحبة لعسر الهضم التي تعتبر ناقوس خطر، يحمل خلفه بعض الأمراض المستعصية أو الخطيرة، التي تستدعى استشارة الطبيب بشكل عاجل، ومنها ظهور أعراض عسر الهضم بعد سن الـ60، وجود نزيف للجهاز الهضمي مثل القيء الدموي، فقدان غير متعمد للوزن، وجود دلائل لفقر الدم غير المبرر، الشعور بصعوبة في البلع، تاريخ عائلي لأورام الجهاز الهضمي.تشخيص وعلاج يوضح د. أحمد أن هناك العديد من الفحوصات التي تستخدم في تشخيص أسباب عسر الهضم مثل الأشعة التلفزيونية، الرنين المغناطيسي للبطن، واختبارات الجرثومة الحلزونية للمعدة، بعض اختبارات الدم، وتحاليل البراز، بالإضافة إلى مناظير الجهاز الهضمي، وفى الغالب يتم اختيار نوع الفحص حسب تاريخ الأعراض، والعلامات المصاحبة لعسر الهضم، مع الأخذ في الاعتبار الحالة العامة للمريض، وفى بعض الأحيان التاريخ العائلي لبعض الأمراض، وعلى الرغم من أن علاج عسر الهضم يعتمد بشكل كبير على المسبب للمشكلة، إلا أنه في كثير الأحيان يستجيب المريض للعلاجات التي تحتوى على مكونات طبيعية كالأنزيمات الهاضمة ومكملات بكتيريا الخمائر الحية (البوبيوتيك) ومضادات الانتفاخ الطبيعية مثل الكمون، الكراوية، ألينسون، والنعناع، ومع ذلك فإن هناك العديد من النصائح العامة التي يؤدى اتباعها إلى تجنب أو تحسن أعراض عسر الهضم ومنها: الاهتمام بمضغ الطعام جيداً قبل ابتلاعه، الإقلال من تناول الأطعمة الحريفة والدهنية، عدم الإكثار من تناول المياه الغازية ومشروبات الطاقة، الامتناع عن التدخين والمشروبات الكحولية، تجنب النوم مباشرة بعد الأكل مع الحفاظ على ممارسة الرياضة اليومية، تفادى تناول كميات كبيرة من الأكل في الوجبة الواحدة، كما تجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من أن معظم أسباب عسر الهضم هي أمراض ليست على درجة من الخطورة، إلا أنه يمكن التعامل مع معظمها بعلاجات دوائية عرضية. داء كورونيستهدف داء كورون الجهاز الهضمي مسبباً مرض التهاب الأمعاء، التي تنتشر سريعاً، ولا يصيب منطقة واحدة من نفس الجهاز، ولكنها تختلف من شخص لآخر، ومن العلامات الشائعة التي تصاحب الإصابة به هو الإسهال الشديد، آلام في البطن، فقدان الوزن بدون سبب معروف، الشعور بالتعب والضعف العام، كما أنه ربما يؤدي في بعض الحالات إلى مضاعفات خطيرة، وعلى الرغم من أنه لم يجد العلماء علاجاً رادعاً لداء كورون، إلا أنهم ينصحون ببعض الأدوية والعقاقير التي تحد من علاماته لفترة طويلة، ليستطيع المرضى المصابون به التعايش معه دون التعرض لمشكلاته التي ربما تهدد حياتهم.
مشاركة :