زادت «حركة الشباب» الصومالية المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة، فى الأسابيع الأخيرة من وتيرة هجماتها داخل الأراضى الكينية، ما أثار مخاوف واسعة من أن يكون هناك مخطط جديد للإرهابيين يقوم على توسيع نطاق القتال إلى خارج حدود الصومال، وبالتالى نشر عدم الاستقرار والفوضى فى منطقة شرق أفريقيا بأكملها.ففى ٩ ديسمبر الحالى، ذكرت «رويترز»، أن عبوة ناسفة انفجرت بالقرب من شاحنة للبضائع على طريق سريع فى شمال شرقى كينيا، قرب الحدود مع الصومال، ما أسفر عن إصابة ثلاثة أشخاص كانوا على متن الشاحنة، فيما رجحت مصادر أمنية كينية، ضلوع حركة «الشباب» الصومالية فى الانفجار، لأنه وقع فى منطقة لامو، التى شهدت هجمات مماثلة للحركة فى فترات سابقة.وفى ٢١ نوفمبر الماضي، اتهمت الشرطة الكينية، عبر صفحتها الرسمية على «تويتر»، «حركة الشباب» باختطاف إيطالية تبلغ من العمر ٢٣ عامًا، وتعمل متطوعة فى منظمة غير حكومية، تدعى «إفريقيا ميليلى أونلس»، وقالت الشرطة الكينية حينها، إن عصابة مسلحة ببنادق الكلاشينكوف، يشتبه فى انتمائهم لحركة الشباب، قاموا باختطاف المتطوعة الإيطالية بمنطقة كيفلى فى شمال شرقى كينيا.وفى ٣ أكتوبر الماضي، قام مسلحون من حركة «الشباب»، أيضا بقصف قاعدة عسكرية فى مدينة لامو فى شمال شرقى كينيا، فيما أعلن الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، فى ١٥ أكتوبر أن حكومة بلاده لن تتوانى فى الحرب ضد «حركة الشباب»، وأن القوات الكينية التى دخلت إلى الصومال عام ٢٠١١ عاملة فى إطار بعثة الاتحاد الأفريقى «أميصوم» ستبقى حتى يتحقق هدف بلاده بتأمينها من الإرهاب العابر للحدود، ويتم استعادة السلام والاستقرار فى الصومال.وقال هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية بالأهرام، إن حركة الشباب تستهدف أولًا قوات الاتحاد الأفريقى فى الصومال التى تضم جنودًا من عدة دول أفريقية وقوامها حوالى ٢٢ ألف فرد، وقد سبق، أن قامت الحركة بهجمات فى العمق الكينى خلال السنوات الماضية، على خلفية مشاركة الحكومة الكينية بقوات فى أميصوم لدعم الحكومة الصومالية فى قتالها ضد الحركة.وأضاف النجار، أن الحركة كثفت هجماتها على أهداف عسكرية وأمنية داخل الأراضى الكينية، عقب إعلان الجيش الكينى أن قواته قتلت عشرة من مسلحى الحركة فى اشتباك قتالى فى شمال شرقى كينيا فى أكتوبر الماضي. وبدوره، قال الباحث المصرى محمود كمال، نائب الجمعية العربية للدراسات الإقليمية والاستراتيجية، إن حركة الشباب التى تأسست فى ٢٠٠٤ وأعلنت عن نفسها فى ديسمبر ٢٠٠٧ وبايعت القاعدة فى فبراير ٢٠١٢، عملت على تجنيد بعض الشباب المسلم فى كينيا وتنزانيا وإثيوبيا وتدريبهم فى معسكراتها وإرسالهم مرة أخرى إلى تلك الدول، ومن هنا، تمكنت الحركة من شن هجمات كثيرة فى كينيا.وأضاف كمال، أن هناك ارتباطا وثيقا بين حركة الشباب وبين تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب، حيث يتم تبادل السلاح، وهو ما يشكل خطورة بالغة لأنه قد يهدد حركة الملاحة فى باب المندب والبحر الأحمر.وأشار إلى أن كينيا كانت هدفا لتنظيم القاعدة منذ نشأته، وهذا ظهر فى التفجير الذى استهدف السفارة الأمريكية فى نيروبى فى ١٩٩٨ والذى راح ضحيته ٢١٣ شخصًا وأعلنت القاعدة مسئوليتها عنه.وفى السياق ذاته، قال هشام البقلي، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن حركة الشباب الصومالية الإرهابية تستخدم الحدود مع كينيا لأمرين، الأول، هو محاولة السيطرة على المناطق الحدودية من أجل سهولة الدخول والخروج ما بين الصومال ودول الجوار، والثاني، محاولة الضغط على كينيا لسحب قواتها من الصومال.وأضاف، أن حركة الشباب تسعى أيضًا لتوجيه رسالة إلى الحكومة الصومالية من خلال شن هجمات داخل كينيا مفادها أن أى دولة ستحاول دعمها، لن تجنى سوى الهجمات والتفجيرات داخل حدودها. وتابع «لا يمكن أن ننكر أن حركة الشباب أصبحت تشكل خطورة بالغة، نظرا لتواجد الصومال فى منطقة القرن الأفريقى قرب باب المندب، وهى تتسبب فى عدم الاستقرار سواء داخل حدود الصومال أو خارجه، ومن الممكن أن يتم استخدامها فى أغراض مختلفة من أعداء الصومال والعرب».وتسعى حركة «الشباب» المتشددة للإطاحة بالحكومة المركزية الصومالية، وإقامة حكمها الخاص القائم على تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، وتتواجد فى جنوب، ووسط الصومال، وتتركز معظم هجمات الحركة فى مناطق بولايات هيرشبيلى وجوبالاند فى جنوب الصومال، كما تستهدف قوات اميصوم، خاصة القوات الكينية، كما تشن هجمات عبر الحدود داخل الأراضى الكينية.وفى ١٧ يونيو الماضي، لقى ثمانية من أفراد الشرطة الكينية مصرعهم، بانفجار لغم لدى مرور آليتهم على طريق فى منطقة واجر بشمال شرقى كينيا، ونقلت وكالة «فرانس برس» حينها عن مصدر أمنى كيني، قوله حينها، إن الانفجار وقع فى بلدة بوجيغاراس فى شرق منطقة واجر، واتهم حركة «الشباب» الصومالية المتطرفة، المحسوبة على تنظيم القاعدة، بالمسئولية عن الحادث. وفى ٦ يونيو الماضي، أعلن مصدر كينى أيضا أن خمسة من رجال الشرطة، لقوا مصرعهم فى تفجير استهدف دوريتهم فى شرق البلاد، ونقلت «رويترز» حينها عن المصدر، قوله، حينها إن رجال الشرطة كانوا فى دورية على متن مركبة بقرية هارار التابعة لمدينة ليبوى القريبة من الحدود مع الصومال، عدما وقع الانفجار. وأضاف المصدر الكيني، حينها، أنه كان على متن المركبة، ثمانية من أفراد الشرطة، قتل خمسة منهم، والناجون حالتهم حرجة.وفى ٨ مايو الماضي، قتل أيضا تسعة جنود كينيون من قوات حفظ السلام الأفريقية فى الصومال فى هجوم شنته حركة «الشباب»، وذلك بعد أن استهدفت السيارة، التى كانوا يستقلونها بعبوة ناسفة، فى مدينة «دوبلي» بإقليم جوبا السفلى فى أقصى جنوب الصومال، بالقرب من الحدود مع كينيا.ونعى الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، حينها الجنود التسعة، وقال فى بيان نشرته وسائل الإعلام الكينية، إن الجنود الذين قتلوا كانوا ضمن بعثة الاتحاد الأفريقى فى الصومال (أميصوم)، وإنهم ضحوا بأرواحهم لبلادهم، وتعهد بعدم التراجع أبدًا حتى يتم إخراج الإرهابيين من الصومال.وتابع «شعرت بالفزع والحزن، عندما علمنا أننا فقدنا تسعة من الشباب الوطنيين فى هجوم إرهابى جبان فى الصومال. هؤلاء الرجال ضحوا بحياتهم من أجل بلدهم، ومن أجل السلام». وأضاف كينياتا «أن المهمة التى قدم الجنود الكينيون من أجلها كل شيء ستستمر إلى أن يهزم الإرهابيون الشريرون من حركة الشباب، ويصبح شعب الصومال آمنًا مرة أخرى». وفى ٧ ديسمبر الجاري، التقى الرئيس الكينى أوهورو كينياتا، فى مقر الرئاسة فى نيروبى، تيبور ناجى مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشئون الأفريقية.وذكرت وسائل الإعلام الكينية، أن كينياتا والمسئول الأمريكي، بحثا تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والحرب على حركة «الشباب» الصومالية المتشددة، المرتبطة بتنظيم القاعدة.وقال كينياتا إن بلاده والولايات المتحدة تواجهان تهديدات مماثلة، وتتعاونان فى مواجهة التحديات الأمنية، مشيرا إلى أن حركة «الشباب» الصومالية، تشكل خطرًا أمنيًا على الصومال، ودول المنطقة.وكثفت واشنطن فى ٢٠١٨ من قصف مواقع حركة الشباب فى جنوب ووسط الصومال، وأفادت وسائل الإعلام الصومالية، بأن عدد الضربات الأمريكية، التى استهدفت الحركة هذا العام تجاوزت ٣٥، وأدت إلى مقتل وإصابة العشرات من مسلحى الحركة.
مشاركة :