على مدار 30 عاماً عمل الناقد الكبير يوسف شريف رزق الله مديراً فنياً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. لم ينقطع عن ذلك سوى دورة واحدة، ليعود بعدها إلى المشاركة في إدارة أقدم مهرجان سينمائي في الشرق الأوسط يتمتع بالصفة الدولية. في دردشته مع «الجريدة» يتحدث عن المهرجان وتكريمه في الدورة الأخيرة، وغيرها من تفاصيل عن الكواليس. يعلم كثيرون أنك أحد من رشحوا رئيس مهرجان القاهرة محمد حفظي لتولي منصبه قبل الدورة الأربعين، فما السبب؟ رشحته ضمن مجموعة من الأسماء بناء على طلب من وزيرة الثقافة د. إيناس عبد الدايم، وعندما قرأت ترشيحاتي توقفت عند اسمه، خصوصاً أنها كانت تفكر في التواصل معه وترشيحه وهو ما تحقق لاحقاً. وبعد انتهاء الدورة الأربعين، أستطيع أن أقول إنه كان اختياراً مناسباً. خلال عملنا في المهرجان اكتشفت فيه صفات لم أكن أعرفها، كمتابعته السينما الأوروبية، وامتلاكه شبكة علاقات واسعة، كذلك حرص على فتح قنوات تواصل مهمة مع الصحافة العالمية، وعلى أن يجذب أفلاماً إلى المهرجان تهمّ الإعلام العالمي كي يكتب عن هذه التظاهرة، فضلاً عن أن طريقته في العمل جعلت كل من تعاون معه يشعر بالراحة، حتى أنه صرف المستحقات المالية المتأخرة على مسؤوليته الشخصية من أول دفعة مالية حصل عليها المهرجان. كيف وجدت قرار حفظي عدم استضافة نجوم من هوليوود مقابل منحهم أموالاً بل الاكتفاء بتكريمهم؟ أتفق معه بشكل كامل، لأن المهرجان لا يملك ميزانية تمكنه من هذا الأمر، أضف إلى ذلك أن صفته الدولية تجعله يبحث عن الأفلام المهمة التي تضيف إليه فنياً، وتكريم الفنان الإنكليزي ريف فاينز تجربة نريد تكرارها، أي أن يكون التكريم لأجل العمل الفني وليس مدفوعاً مقابل الحضور على السجادة الحمراء للمهرجان. هل ترى أن المهرجان ينجح في جذب صانعي السينما العالمية؟ ثمة أمور كثيرة لا بد من توافرها لتحقيق ذلك، جزء منها يجب أن تتولاه الدولة، فصانعو الأفلام العالمية يتهافتون على عرض أفلامهم في المهرجانات عند وجود فرصة جيدة لتسويقها ودور مناسبة لعرضها. ولكن للأسف، في مصر لا يشتري أحد حقوق تسويق وعرض الفيلم الفائز في المسابقة الدولية حتى، ولا تجد عروضاً للأفلام خارج المهرجانات في صالات السينما. وأذكر أن على مدار 30 دورة عملت فيها لم يُسوق سوى فيلم واحد. رعاية وميزانية لماذا استغلال الرعاية الإعلامية لشبكة قنوات «دي أم سي» في معالجة عجز موازنة المهرجان خلال الدورة الماضية؟ كان الاتفاق مع شبكة قنوات «دي أم سي» في الدورة الماضية على الاهتمام بحفلتي الافتتاح والختام، وأنفقت نحو 60 مليون جنيه عليهما كرعاية إعلامية سواء باستقطاب نجوم أجانب أو إقامة الفعاليات. ولكن في الدورة الأخيرة كان الاتفاق على سداد رسوم النقل الحصري للحفلتين من دون التدخل بأي أمور أخرى، ورغم أن العائد المادي كان أقل من الدورات السابقة فإن توظيفه جاء بشكل جيد. لكن ميزانية المهرجان تحسنت العام الماضي أيضاً. تحسن الميزانية التهمه فارق العملة مع تحرير سعر الصرف، فتكلفة الحصول على الأفلام وعرضها ارتفعت بشكل مضاعف. من ثم، يمكن القول إن هذا التحسن لم يرق إلى المستوى المطلوب، خصوصاً مع وجود ديون يجب سدادها. عموماً، رغم أن الميزانية هذا العام كانت أفضل بكثير مقترنة بالسنوات السابقة، فإنها ما زالت أقل من المطلوب لإقامة أي مهرجان دولي منافس. تكريم كيف استقبلت خبر تكريمك في حفلة الافتتاح والذي تحمس له الحضور وأشاد به؟ أعتقد أن حفظي كان يرتِّب هذا الأمر من فترة طويلة، ولكني لم أعرف به إلا قبل ثلاثة أيام من موعد الافتتاح وفوجئت به. سعدت بالتكريم وحرصت على أن أوجه الشكر إلى جميع العاملين معي، إذ مرّ أمامي شريط من الذكريات بدأ عام 1987 ولم يتوقف سوى دورة واحدة. رشحت سابقاً لرئاسة المهرجان ولكنك تمسكت بالرفض، فما السبب؟ رفضي رئاسة المهرجان مرتبط برغبتي في عدم الدخول بمشاكل إدارية ومالية تتعلق باللوائح والقوانين، فأنا أعمل على الأمور الفنية ولا علاقة لي بالنواحي الإدارية وتجربتي معها مريرة، إذ عندما حاولنا تنظيم المهرجان من خلال مؤسسة بعيداً عن وزارة الثقافة، وعدلت الأخيرة عن قرارها استمريت نحو تسعة أشهر في معاناة لتسوية مبلغ مالي. انتقادات حول الانتقادات التي طاولت الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة يقول يوسف شريف: «لا نستطيع أن نقول إن المهرجان خال من المشكلات والعيوب، فنحن بذلك ننكر الحقيقة. ولكن ثمة أمور إيجابية كثيرة، وهنا يجب النظر إلى الظروف التي خرج فيها المهرجان والدور الذي قام به العاملون فيه. وفي رأيي، أن لدى البعض رغبة في تولي مناصب في المهرجان ويهدف إلى تحقيق أهدافه بالتشويش على هذه التظاهرة السينمائية واصطياد الأخطاء، وهو أمر موجود في أي مشروع وليس مهرجان القاهرة فحسب».