5 مغالطات تشوه فهم القانون المقترح للتقاعد المبكر

  • 12/15/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

بعد موافقة مجلس الأمة على قانون التقاعد المبكر الجديد بالمداولة الأولى بجلسة 11 ديسمبر 2018، ظهرت آراء لمتخصصين وسياسيين تنتقد القانون بشكل ربما يكون مستغرباً أو مبالغاً فيه نوعا ما. وذلك لا يعني بالضرورة أن القانون الجديد متكامل او في أفضل صورة ممكنة، ولكنه جيد ويؤدي الغرض ان تم النظر إليه بطريقة عملية مع مقارنته بالوضع الحالي. ويمكن تلخيصه بالآتي: 1 – يفتح باب التقاعد المبكر اختياريا بحسب قانون التأمينات وبحد أقصى خمس سنوات قبل السن المستهدفة. 2 – يميز من له 30 سنة خدمة من الرجال أو من لها 25 سنة خدمة من النساء بنسبة خصم مخفضة من المعاش التقاعدي الأساسي عن كل سنة قبل السن المستهدفة. تكون نسبة الخصم صفراً في السنة الأولى للتطبيق كمرحلة انتقالية، ثم تصبح %2 بعد ذلك. وتكون نسبة الخصم %5 عن كل سنة لمن يختار التقاعد المبكر وليست لديه سنوات خدمة كافية. 3 – يفتح إمكانية الحصول على قرض حسن للمتقاعد بـ 5 أضعاف المعاش التقاعدي، وتسدد على 10 أشهر. مع الإبقاء على خيار الاستبدال لمن يرغب بذلك، مع مراعاة عدم الخلط بين القرض الحسن والاستبدال حفاظا على الحالة المالية للمتقاعد (بحسب التصريحات). 4 – يرفع الحد الأقصى لمكافأة نهاية الخدمة من 18 شهرا إلى 21 شهرا لمن يبقى بعد السن المستهدفة في العمل. 5 – يعطي ميزة المساواة للمرأة العزباء مع المرأة المتزوجة في استحقاق المعاش التقاعدي الطبيعي عند 15 سنة خدمة وسن 50 سنة. (قد لا تكون ميزة إذا أخذنا بالاعتبار إمكانية الإحالة إلى التقاعد بشكل أسرع للمرأة العزباء). المغالطات المنتشرة بعد انتشار الكثير من اللغط حول القانون المقترح، أصبح من الضروري توضيح بعض المغالطات المنتشرة في بعض آراء المختصين والسياسيين: 1 – «القانون الجديد فتح الباب للحكومة بإحالة كل من يستحق معاشا تقاعديا مبكرا إلى التقاعد»: وهذا صحيح في الغالب، ولكن يجب الانتباه إلى أن قانون التأمينات الاجتماعية يبين الحقوق والالتزامات في العلاقة التأمينية بين الموظف والمتقاعد والتأمينات وليست له أي علاقة في اختيار الموظف للتقاعد أو خيار الدولة في الإحالة إلى التقاعد. لذلك، كان يفترض من النواب طلب تعديل قانون الخدمة المدنية كإجراء مصاحب للقانون الجديد بدل فتح المجال لانتقاد القانون المقترح. لذلك، يجب تعديل المادة الخاصة بالإحالة إلى التقاعد في قانون الخدمة المدنية مادة 32 والمادة 71 من نظام الخدمة المدنية، والتي تنص على شرط استحقاق معاش تقاعدي للموظف ليسمح للحكومة بإحالته إلى التقاعد. وهذه أمثلة على التعديلات التي قد تكون مناسبة: • وضح شرط سن أدنى للإحالة إلى التقاعد وهي 55 سنة للرجل و50 سنة للمرأة حتى لا يدخل مستحقو التقاعد المبكر ضمن صلاحيات الحكومة في الإحالة إلى التقاعد. • إلغاء أي خصم من المعاش التقاعدي الأساسي وزيادة المعاش التكميلي %25 مثلا عند الإحالة إلى التقاعد. 2 – «خصم الـ%2 أو الـ%5 سيكون من اجمالي المعاش التقاعدي الأساسي والتكميلي»، وهذا غير صحيح لأن الخصم المقترح هو من المعاش الأساسي فقط. ويحسب المعاش التقاعدي الأساسي بشكل مبسط من آخر راتب أساسي + علاوة اجتماعية + علاوة أطفال. ويمكن توضيح أسباب تغافل بعض القانونيين عن هذه الحقيقة بالتالي: • القانون المقترح هو عبارة عن تعديلات لأحكام الأمر الأميري بالقانون رقم 61 لسنة 1976، وهو القانون الخاص بالمعاش التقاعدي الأساسي، وليست له علاقة بالمعاش التكميلي الذي تم العمل به بعد صدور المرسوم بالقانون رقم 128 لسنة 1992 بنظام التأمين التكميلي. أي أن قانون التأمين التكميلي يختلف عن قانون التأمين الأساسي، والتعديل الحالي يختص بالتأمين الأساسي فقط، وأي خصم مقترح من المعاش التقاعدي هو من المعاش الأساسي فقط. • نظرا لأن قانون المعاش الأساسي صدر سنة 1976 وليس هناك أي معاش آخر في القانون مع تأسيس مؤسسة التأمينات، فلم يكن هناك أي داع لذكر مصطلح المعاش الأساسي الذي أصبح له معنى بعد صدور قانون التأمين التكميلي. لذلك نجد أن مصطلح المعاش التقاعدي في القانون يعني المعاش الأساسي فقط وليست هناك أي علاقة مع المعاش التكميلي. • إذا كان هناك تعديل، فيجب تعديل قانون سنة 1976 لاستبدال مصطلح المعاش التقاعدي بمصطلح المعاش الأساسي. 3ــ «القانون تم تفصيله لـ6400 موظف من دون مراعاة لبقية الموظفين»: وهذا غير صحيح لأن التعديلات على قانون التأمينات بطبيعتها تحتاج إلى فترة انتقالية أو نقطة فاصلة بين ما قبل التعديل وما بعده. وهو ما حدث بالسابق في العديد من التعديلات، وحيث إن الـ6400 موظف المحتمل تقاعدهم كانوا في انتظار هذا التعديل لفترة تقارب السنتين، فقد كان تحمل الخزانة العامة لكامل تكلفة تقاعدهم المبكر بدلا منهم كنوع من التعويض لهم عن فترة الانتظار التي لن ينتظرها غيرهم في المستقبل. • يمكن تعديل هذه الفترة الانتقالية لتكون أطول أو متدرجة أكثر في التطبيق. مثل سنتين بدل سنة أو تتدرج نسبة الخصم لكل سنة قبل بلوغ السن لمن خدم 30 سنة أو خدمت 25 سنة من صفر في السنة الأولى للتطبيق إلى %2 في السنة الخامسة بحسب التفصيل الآتي: i- السنة الأولى صفر. ii – السنة الثانية نصف في المئة. iii – السنة الثالثة %1. iv – السنة الرابعة %1.5. v. السنة الخامسة %2 • يعني ما سبق أن من يتقاعد في السنة الاولى من تطبيق القانون يكون خصمه عن كل سنة صفر. ومن يتقاعد في السنة الثانية يكون خصمه عن كل سنة نصف في المئة. ومن يتقاعد بالسنة الخامسة لتطبيق القانون يكون خصمه عن كل سنة %2 وهكذا. • ويكون ما سبق مع احتفاظ الموظف بالحق في اقل خصم كتشجيع على عدم الاستعجال في التقاعد لمن لديه 30 سنة ولديها 25 سنة، أي من يحق له أن يتقاعد في السنة الاولى يكون خصمه صفر حتى لو تقاعد في السنة الثانية وهكذا. 4ــ «خصم الـ%5 عن كل سنة يجعل المتقاعد يخسر %25 من معاشه التقاعدي»، هذا الخصم من المعاش الأساسي فقط. وهو خاص بمن يريد التقاعد قبل استكمال 30 سنة خدمة للرجل و25 سنة خدمة للمرأة وهو دون السن المستهدف.حيث يخصم من معاشه التقاعدي الأساسي %5 عن كل سنة بين عمره عند طلب التقاعد وسن الـ55 للرجل والـ50 للمرأة وبحد أقصى 5 سنوات. أساس نسبة الخصم %5 يعود لدراسة الشركة المحايدة وهي وضعت بهذا الشكل: • لعدم التشجيع على التقاعد المبكر. • للحفاظ على المركز المالي للتأمينات دون الحاجة لتعويضها من الخزانة العامة. • لإتاحة الفرصة لمن يحتاج بالفعل للتقاعد المبكر سواء من الذكور أو الاناث بدل الـ%7.2 عن كل سنة المعمول بها للإناث في القانون الحالي (نسبة أكثر قسوة). 5ــ «هذا القانون يهدر المال العام»، التقاعد المبكر لا يهدر المال العام، بل يساهم في توفيره خاصة عندما يكون المواطن هو من يتحمل تكاليف هذا التقاعد. في ظل كبر حجم القطاع الحكومي وانتشار ظاهرة البطالة المقنعة يكون تقاعد موظفي الحكومة مبكرا احدى وسائل توفير المال العام وليس هدره. أهم عيوب المقترح الحالي لا يخلو هذا المقترح من عيوب يجب إصلاحها لاحقا أو من خلال مراقبة التجربة واهم هذه العيوب الآتي: 1 ــ فتح مجال التقاعد المبكر لموظفي القطاع الخاص بسبب اشتراكهم في نفس الصناديق التأمينية مع موظفي القطاع الحكومي والنفطي. بينما هناك صناديق تأمينية أخرى لمن يعملون لحسابهم الخاص وللعسكريين. ويكون العلاج هنا في خلق صناديق تأمينية منفصلة لموظفي القطاع الخاص. 2 ــ يجب أن تعطى مزايا تقاعدية أكثر لموظفي القطاع الخاص مثل رفع الحد الأعلى للمعاش والمكافأة وخلافه. 3 ــ لا يوجد فحص للملاءة المالية يبين من خلاله إمكانية تحمل من يتقاعد مبكرا وبخصم عال من المعاش الأساسي أو بانخفاض المعاش التكميلي لأعبائه المالية. 4 ــ لا يتم الفصل بين مزايا الشيخوخة مثل تأمين عافية وربما غيرها في المستقبل وبين من يتقاعد مبكرا بشكل اختياري مما قد يترتب عليه ارتفاع تكاليف مزايا الشيخوخة أو يجعل منها أداة للتشجيع على التقاعد. محمد رمضان كاتب وباحث اقتصاديrammohammad@

مشاركة :