لندن - يلمس المتابع للمشهد الإعلامي العربي اتساعا في رقعة هذا الفضاء، ويرصد تخمة كمّية من حيث عدد الفضائيات والمواقع الإلكترونية والمجلات والصحف والوكالات، مقابل ضعف على مستوى النوع والتأثير والخطاب الموجه. ويمتلك العرب المئات من الفضائيات وعددا لا يحصى من المواقع والصحف، لكنّ قلة قليلة منها نجحت في أن تلفت النظر إلى “الآخر” الخارجي، ومن حقق ذلك فمن خلال أجندة محددة وتوجه مقصود يسيء للعرب أكثر ما يفيدهم. الإعلام العربي اليوم منقسم إلى إعلام ديني لا يعمل إلا على بث الفتن، وآخر منوعاتي يبالغ في الترفيه، وإعلام سياسي تخلى عن حياده وموضوعيته. ورغم ريادة دول عربية مثل السعودية كما مصر ولبنان وغيرها، في صناعة الإعلام، إلا أن هذه الريادة فقدت الكثير من زخمها حين لم تواكب المتغيّرات المحيطة وعاشت في بوتقة منغلقة جمهورها محلي دون أن “تطور” من لغتها وتصوراتها وأهدافها وخطابها وجمهورها، لذلك تجد دولة مثل السعودية نفسها اليوم في حاجة إلى رفد عقيدتها الدفاعية باستراتيجية إعلامية متطورة، صوتا وصورة، تصنع الحدث وتكون مستعدة لخوض غمار حرب لا تقل أهمية عن حربها ضد التطرف والتشدد بكل مظاهرها وحملاتها. وقد وبرزت خلال الفترة الماضية أصوات داخل السعودية تنادي باعتماد استراتيجية إعلامية واضحة المعالم للتصدي لهجمات وسائل الإعلام الخارجية التي تعمل على استهداف المملكة بحملات تشويه وأخبار كاذبة وشائعات مغرضة. وتبدو الفرصة واعدة أمام ما هو مطروح على أجندة الرياض عاصمة للإعلام العربي للعام 2019، ضمن خطة جديدة يتطلع المتابعون لتكون حدثا يواكب المشروع التنويري السعودي الذي يحتاج إلى إعلام يكون في مستوى تطلعاته ويترك بصمته ويتفاعل مع الحركة الإعلامية العالمية بهدف إبراز الرؤى العربية، ويقدم خطابا معاصرا قادرا على أن يكون الأداة الأقوى والأكثر فاعلية في مواجهة مغالطات الإعلام الغربي ويؤثّر بدوره على الجمهور الغربي، مثلما يؤثر على الجمهور العربي.
مشاركة :