الجينز الممزق موضة شبابية يزيدها الرفض انتشارا

  • 12/16/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

انتشار موضة ارتداء الملابس البالية وإقبال المشاهير والنجوم عليها، كان له تأثير كبير على المراهقين والشباب العرب، ومع وصول الجينز المُمزق إلى أهم منصات عواصم الموضة العالمية، ازداد الإقبال عليه وكثر الجدل حوله في نفس الوقت، حتى وصل الأمر إلى منعه من قبل بعض الحكومات والجامعات والهيئات الرسمية. تونس - بين كونه موضة قبيحة ومظهرا غير لائق إلى حدّ اعتباره حرية شخصية وموضة أو تفردا لجيل شاب متمرّد، لا يزال الجينز الممزق يثير موجة من الجدل رغم مرور سنوات على ظهوره، ويزداد النقاش احتداما مع استمرار اتساع الخروق والثلمات. وظهرت دراسة روسية مؤخرا أثلجت صدور المنتقدين الرافضين لهذا المظهر بوصفه “تلوثا بصريا” على حدّ قولهم، فقد ذكر خبراء اجتماع في الدراسة إن ارتداء الأزياء المهترئة والممزقة يدل على إصابة أصحابها بأمراض اجتماعية، ومعاناتهم من مشكلات نفسية عصيبة. وأكد علماء نفس في موسكو، أن ظاهرة محبي موضة البنطلون الممزق، أو الجينز المثقوب، والقمصان المجعدة، علامة على الإصابة بمرض انفصام الشخصية. وقالت إيرينا مدفيديفا، مديرة المعهد الاجتماعي للأمن الديموغرافي في موسكو “إن ظهور الشباب بثياب رثَّة في السنوات الأخيرة دليل على مشكلات اجتماعية ونفسية خطيرة، منها تدني الأخلاق، وزيادة العدوانية بين الناس، وتدهور العلاقات الاجتماعية”. وأضافت مدفيديفا، أن الترويج للأزياء البالية يعكس حالة من عدم الرضا لدى الجيل الشاب، ويزرع فيه عقدا عصبية واجتماعية مصطنعة، ويؤدي إلى خلل فكري خطير. انتقادات غير مقنعة لم تقنع هذه الدراسة الكثير من الشباب الذين اعتبروها بالغت في تفسير الظاهرة، في عصر تكتسب فيه الحريات الشخصية أهمية بالغة، وغالبا ما يجنح الجيل الجديد إلى التعبير عن ذاته بطرق تبدو للآخرين غريبة لكنها مقبولة من وجهة نظره. وتقول لينا عزيز موظفة من تونس (32) إن “الدراسة الروسية وضعت أشكالا متعددة من الموضة في سلة واحدة، مثلا أنا ارتدي الجينز الممزق لكني لا أفضل القمصان المجعدة، وقد أعتبر نفسي أول من لبس الجينز الممزق في تونس فقد عمدت إلى ثقب الجينز أيام الدراسة، وتروق لي موضته حتى لو انتهت صلاحيتها، إذ يعجبني شكل الجينز الممزق أكثر من أنواع الجينز الأخرى”. السينما وتحديدا الأميركية ساهمت في إطلاق هذه الموجة من الأزياء، وبات الجينز إحدى علامات العولمة وسرعان ما غزا الأسواق وأضافت في تصريح لـ“العرب” موضحة “أظن أن الأمر أذواق ولا علاقة له بالانفصام كما تقول الدراسة، فهناك أسباب عملية لاختياره مثلا إنه يصلح لكل زمان ومكان أكثر من الجينز العادي ويناسب جميع الأحجام، يعني حتى وإن كان يبدو مجعدا فإنه يظهر مقبولا مع التقطيع″. واللافت أنه كلما زادت مساحة الأجزاء البالية أو الممزقة في الثياب كلما زاد ثمنها وزاد عدد المقبلين على شرائها والساعين لاقتنائها. والتباهي، والمفاخرة بها. وقد ساهمت السينما وتحديدا السينما الأميركية في إطلاق هذه الموجة من الأزياء وبات الجينز إحدى علامات العولمة، ومن بين مظاهرها الواضحة خصوصا لدى الشباب والفتيان المعجبين بالبطولات السينمائية، وسرعان ما غزا الأسواق. وبدأت شعبية الجينز المُمزق في أواخر عام 1980، وازدهرت في منتصف التسعينات مع ظهور موضة الإكسسوارات المعدنية الثقيلة، حيث عدّه البعض رمزا للتمرد، وفي عام 2010 تضاعف اهتمام كبرى العلامات التجارية به وبدأ المصممون بالتعامل مع الجينز المُمزق على أنه سلعة ساخنة تدرّ ربحا وفيرا. وبعد انتشار موضة ارتداء الملابس البالية وإقبال المشاهير والنجوم حول العالم على شرائها واقتنائها كقطعة عملية أنيقة ومريحة، وهو ما كانت له انعكاسات وتأثيرات كبيرة على توجهات الموضة لدى المراهقين والشباب، حتى وصل الجينز المُمزق إلى أهم منصات عواصم الموضة العالمية وارتبط بتشكيلات جميع المواسم. ويزداد هوس الشباب يوميا باتباع آخر صيحات الموضة العالمية، وبالأخص في مرحلة المراهقة، ويكون بتقليد أعمى دون اعتبار للآداب العامة في بعض الأحيان، ودون النظر إلى اختلافها مع العادات والتقاليد المتعارف عليها باختلاف المجتمعات الشرقية والغربية. شكل بيع الجينز الممزق في أهم متاجر الأزياء بأسعار باهظة، حافزا قويا دفع بالكثير من الأشخاص إلى الاعتماد على أنفسهم في منح بنطلونات الجينز الموجودة في خزانات ملابسهم مظهرا باليا ومهترئا بسرعة وسهولة، وذلك باستخدام أدوات متوفرة في كل منزل مثل المقص والخيط والإبرة. حتى أن البعض أصبح يرتدي الجينز المُمزق للتعبير عن نمطه الشخصي وذوقه الخاص ويميّزه بالتطريزات والرسومات والطبعات. رفض رسمي أحدث انتشار موضة الجينز الممزق بين الشباب والفتيات في الجامعات ضجة كبيرة، حتى أن البعض منها منع الطلاب من متابعة الدروس بسببها، ففي مصر رفض عمداء بعض الكليات والجامعات، دخول الطلاب بهذه الملابس، حيث وضع عميد كلية زراعة الإسكندرية قرارا رسميا باشتراطات دخول الكلية، وتوالى عدد كبير من الجامعات برفض هذا النوع من الملابس. كما طالب مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر، الصحافيين بعدم ارتداء الجينز الممزق باعتباره غير لائق لمزاولة عمل الصحافي، وكذلك المؤسسات الدينية لم تتوقف عن اتخاذ قرارات بمنعه، حيث منع الأنبا يؤانس أسقف أسيوط، دخول الفتيات اللاتي يرتدين الملابس القصيرة والبنطلون الممزق إلى الكنيسة، ووصلت حالة الرفض إلى البرلمان، فأحدثت خلافا بين بعض النواب حول إقرار تعديل تشريعي بمنعه. وفي 2012، نشرت وزارة التربية البحرينية مرسوما، عممت فيه على إدارات المدارس الحكومية حظر ارتداء “الجينز” بالنسبة للمعلمين والمعلمات والالتزام بالمظهر العام واللائق ومراعاة كون المعلم قدوة حسنة. وفي 2014، قررت جامعة الكوفة العراقية، منع طلابها وهيئة التدريس من ارتداء البنطلون الجينز خلال الدوام الدراسي، وعممت الجامعة وثيقة رسمية أصدرتها رئاسة الجامعة تقضي بأنه ستتم محاسبة المقصرين حفاظا على الأخلاق الإسلامية الحنيفة. دراسة روسية: ارتداء الأزياء المهترئة والممزقة يدل على إصابة أصحابها بأمراض اجتماعية دراسة روسية: ارتداء الأزياء المهترئة والممزقة يدل على إصابة أصحابها بأمراض اجتماعية وخلال العام نفسه، في الأردن منعت القاضية منال شموط، إحدى المحاميات من البدء في المرافعة بسبب ارتدائها لبنطال جينز، الأمر الذي قوبل بالترحيب وسط بعض النشطاء في نقابة المحامين كان على رأسهم المحامي حاتم إرشيدات المقرب من الحركة الاسلامية، والذي وجه التحية للقاضية شموط. وفي 2015، ذكرت وكالة “إيسنا” عن المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، أن الدوائر الحكومية بدأت في تنفيذ القرار الذي يقضي بمنع ارتداء البنطلون الجينز للنساء والرجال، وأن من يخالف القرار سيتم تغريمه بـ100 دولار في كل مرة. وشملت السيدات في حالة التبرج أو استعمال الماكياج خارج المنزل. وفي 2016، قدمت 16 فتاة سودانية للمحاكمة بتهمة ارتداء زي فاضح، بعد اعتقالهن لارتدائهن سراويل جينز، رغم توقف تلك الملاحقات بعد الانتقادات الدولية الواسعة التي وجهت للحكومة السودانية، بعد الحكم على الصحافية لبنى أحمد حسين، بـ40 جلدة بسبب ارتدائها للبنطال. وكان من أغرب الادعاءات ما جاءت به صحيفة “يني عقد” التركية المعروفة بتوجهاتها الإسلامية أن موضة سراويل الجينز الممزقة تُستخدم كوسيلة للتواصل من قبل الوحدات الاستخباراتية الأجنبية وعملائها. وقالت الصحيفة إن العملاء الاستخباراتيين يتواصلون عبر الفتحات الموجودة في أماكن محددة بسراويل الجينز التي تحمل الرقم التسلسلي نفسه. هذا وذكرت الصحيفة أن المخابرات التركية لاحظت الأمر منذ البداية، مشيرة إلى أنه خلال عملية كشف الصلات المهمة بين العملاء الاستخباراتيين الأجانب والمتعاونين معهم توصلت المخابرات التركية إلى هذه الطريقة. مساواة بالفقراء لكن هذه القرارات لاقت استنكارا واسعا داخل هذه الدول وخارجها، ورأت عفراء الحسين (30) طالبة جامعية في دمشق “لا أدري لماذا كل هذه الضجة حول الموضوع، فبحسب وجهة نظري دعوا البنات يلبسن ما يردن ففي النهاية كل واحدة ترتدي اللباس الذي يناسبها وترتاح به، فهذه الأمور من الخصوصيات ولا يجب أن نتدخل فيها، أهم شيء البنت تنظر إلى نفسها وتعرف ما هو الجيد أو السيء بالنسبة لها”. الجينز يساوي بين الجنسين الجينز يساوي بين الجنسين وأضافت “خذوا الأمر من ناحية إيجابية، إنهم يسهلون الحياة على الفقراء، يعني الفقير لم يعد يستحي من ارتداء شيء ممزق لأن الموضة هكذا”. وأخذ الجدل منحى آخر مع رفض البعض لفكرة الجينز الممزق باعتباره تمثلا بالفقراء، الأمر الذي أدى إلى قبول البعض من الأولياء به بعد أن كانوا يعتبرونه موضة قبيحة، خصوصا بعد تصريحات مستفزة من قبيل ما أدلت به الإعلامية المصرية نجوى إبراهيم في هذا الموضوع؛ حيث عبرت عن رفضها ارتداء ابنتها لـ“بنطلون جينز ممزق” لأن الغرض منه المساواة بين الشخص الفقير والغني، وذلك يعطي أملا للفقراء بأن الأغنياء سيكونون مثلهم، وهو أمر غير مقبول. وفتح هذا التصريح عليها نار الانتقادات والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي واتُهمت بالطبقية والعنصرية، فظهرت بعد ذلك وقدمت اعتذارها، ووضحت أن الناس فهموها بشكل خاطئ، وأن كلامها قد حُرّف نحو سياق مختلف تماما. ومع كل هذا الجدل والضجة المستمرة لا يزال الجينز بجميع أشكاله وأنواعه من الضيّق إلى الواسع والممزق يلقى رواجا وانتشارا بين الشباب، ولا يبدي الجيل الجديد الكثير من التأثر بالانتقادات أو الاعتراضات من الأهل أو المجتمع أو الهيئات الرسمية والجامعات، ويصرون على ارتدائه ومتابعة آخر صيحات الموضة في هذا المجال. وهو ما أكدته وعد (40عاما) أمّ وموظفة سورية بالقول “نتمنى أن تنتهي هذه الظاهرة، ولكن في الحقيقة إنها تتزايد يوما بعد يوم، ولم أستطع إقناع أولادي بتدنّي جماليتها أو عدم ملاءمتها لهم”.

مشاركة :