منذ 5 سنوات كان المشهد مثيراً وعبثياً إلى درجة كبيرة، فالكهرباء أصبحت مثل الفاكهة المحرمة، لا تأتى إلا نادراً، والظلام أصبح يهاجم القاهرة والمحافظات يومياً ولساعات طويلة، ربما تمتد إلى أكثر من نصف اليوم في محافظات الصعيد والوجه البحري، وتقل قليلاً في محافظات القاهرة الكبرى. وفى كل الأحوال أصبح تخفيف الأحمال سمة يومية في التعامل مع الكهرباء، ومع استمرارية تلك الحالة الظلامية ازدهرت تجارة المولدات الكهربائية للطبقة الميسورة، أما الطبقات الفقيرة فلجأت إلى شراء «لمبات الجاز» و«الكلوبات» مرة أخرى. مأساة كبيرة عاشتها مصر في تلك الفترة الصعبة مع الكهرباء والطاقة، وكان المصريون يتابعون خروج الشحنات من موانئ الدول الصديقة والشقيقة القادمة إلى مصر في محاولة لمتابعة توقيت وصولها لمعرفة حجم الانفراجة المتوقعة ومدتها، وللأمانة والتاريخ، فقد وقفت دول الخليج العربي خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت موقفاً تاريخياً لا ينسى من أجل تخطي تلك الفترة العصيبة. تذكرت كل تلك المشاهد والأحداث وأنا أتابع مؤتمر الأهرام الثاني للطاقة مستمعاً إلى حديث د. محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة الذي نجح في رصد رحلة خروج مصر من الظلام إلى النور، وكيف أنها كانت رحلة شاقة وعسيرة. فالعجز في قطاع الكهرباء كان ضخماً، حيث تم تنفيذ خطة عاجلة لإضافة قدرات بإجمالي 3632 ميجاوات، للتغلب على العجز الموجود، وتم تنفيذها في وقت قياسي لم يتجاوز ثمانية أشهر لتبدأ الآثار الإيجابية تظهر تباعاً اعتباراً من صيف عام 2015 لينتهي تخفيف الأحمال تماماً بعد ذلك. قطاع الكهرباء نجح في إنشاء 3 محطات عملاقة لتوليد الكهرباء بنظام الدورة المركبة بسعة 14400 ميجاوات بكفاءة أعلى من 60%، وتم افتتاحها في يوليو الماضي بتشريف رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي. إعجاز حقيقي حدث في قطاع الكهرباء أدى إلى انبهار العالم بما حدث في مصر وقدرتها على الخروج من الظلام الذي كان يهددها إلى تأمين الطاقة الكهربائية لكل الاحتياجات المنزلية والصناعية والزراعية والتوسع العمراني والصناعي والزراعي في إطار إستراتيجية قطاع الكهرباء 2035. الآن انقلب العجز الضخم في قطاع الكهرباء إلى وجود احتياطي آمن يصل إلى 25% حالياً مع السعي إلى زيادة هذا الاحتياطي في إطار خطة لإدخال مصادر جديدة ومتنوعة للطاقة، والالتزام بالمعايير البيئية الصارمة في إنشاء المحطات الجديدة، وأيضاً الالتزام بأعلى معايير الأمان في إنشاء مفاعل الضبعة النووي. حيث تعمل مصر على تنويع مصادر الطاقة مثل إقامة أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم المقامة في بنبان، وكذلك محطة توليد الطاقة من الرياح في الزعفرانة، إلى جوار توليد الكهرباء من الطاقة النووية في الضبعة. كل هذا سوف يسهم في التوسع في تصدير الطاقة من خلال محطات الربط مع الدول الأخرى كالسودان والأردن وغيرهما من الدول العربية والإفريقية والأوروبية. هذا الإعجاز لم يكن ليتحقق إلا بالتعاون مع قطاع البترول والثروة المعدنية، وهو القطاع الذي نجح في توفير احتياجات محطات توليد الكهرباء من البترول والغاز، حيث عمل قطاع البترول على محاور أساسية عدة، هي تأمين الطاقة والاستدامة المالية، وحسن إدارة هذا القطاع بأعلى كفاءة ممكنة مما أدى إلى تحقيق الأهداف المرجوة خلال السنوات الأربع الماضية. سألت وزير البترول المهندس طارق الملا عن طموحاته وتوقعاته خلال الفترة المقبلة؟ أجاب: الرئيس عبد الفتاح السيسي وضع استراتيجية لتحويل مصر إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز والبترول، وهي الاستراتيجية التي نعمل عليها من خلال محاور عدة، مشيراً إلى أن مصر تتمتع بكل المقومات التي تؤهلها لتصبح مركزاً إقليمياً للطاقة بما يسهم في تأمين مصادر الطاقة، وجذب المزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة وتوفير النقد الأجنبي وفرص العمل الجديدة للشباب. وأشاد بتوقيع اتفاقيات تعيين الحدود مع السعودية وقبرص، مما أدى إلى زيادة معدلات البحث والتنقيب، ومن المتوقع أن يكون البحر الأحمر هو منطقة الجذب الجديدة للاستثمارات بعد المؤشرات الأولية المبشرة التي ظهرت هناك. لقد نجح مؤتمر الأهرام للطاقة في أن يتحول إلى منصة مهمة للحوار والنقاش بين جميع الأطراف العاملة في مجال الطاقة والكهرباء بدءاً من الجهات الحكومية (وزارتا الكهرباء والبترول) مروراً بالشركات المحلية العاملة في هذا القطاع وانتهاءً بالشركات العالمية العملاقة الإقليمية والدولية. طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :