تتطور المالية العامة للمملكة العربية السعودية عاماً بعد عام منذ إطلاقها (رؤية المملكة 2030) في العام 2016م - بإشراف وتوجيه من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- لتحقق نمواً ملموساً وفائضاً واضحاً، مع وضع مالي قوي واحتياطات قادرة على التصدي للصدمات الخارجية. وفيما تعكف وزارة المالية على تطوير سياسات الإعداد للميزانية العامة للدولة لتطويـرها ووضعها فـي إطار متوسـط المدى يأخذ في الاعتبار البعدين المالي والاقتصادي لتحقيق التـوازن المالي والنمو الاقتصادي، جاءت أرقام أصدرتها الهيئة العامة للإحصاء عن الربع الثاني للعام الجاري 2018م؛ لتؤكد نجاعة تلك السياسات وتحقيقها النمو المنشود. وأكدت الهيئة أن مؤشر الحساب الجاري لميزان المدفوعات حقق فائضاً بلغت نسبته 9.82 % إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من 2018م، في حين كانت نسبة العجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات إلى الناتج المحلي الإجمالي 3.24 % خلال الربع الثاني من 2017م. وأشارت إلى أن قيمة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني لعام 2018م، بلغت بالأسعار الجارية 21 ألفاً و997 ريالاً بارتفاع بلغت نسبته 14.91 %، مقارنة مع الربع الثاني من العام 2017م. أما قيمة نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في الربع الثاني لعام 2018م بالأسعار الجارية فبلغت 22 ألفاً و272 ريالاً بارتفاع نسبته 14.20 %، مقارنة مع الربع المقابل من العام السابق. وأوضحت الهيئة العامة للإحصاء أن هذا المؤشر يعبرِّ عن قدرة الفرد في حصوله على السلع والخدمات الاستهلاكية، ويعطي انطباعاً عن متوسط دخل الفرد في المملكة بشكل ربع سنوي وسنوي، ويُستخدم كأحد مقاييس التنمية الاقتصادية لدول العالم، وللمقارنة بين بلد وآخر. وكذلك أصدرت الهيئة مؤشر الادخار الإجمالي للربع الثاني لعام 2018م، مفيدة فيه بأن إجمالي الادخار بلغ 242 ملياراً و497 مليون ريال بارتفاع نسبته 29.13 %، مقارنة بقيمته في الفترة نفسها من العام السابق والبالغة 187 ملياراً و793 مليون ريال، فيما ارتفعت نسبة الادخار الإجمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2018م بنسبة 33.09 % مقابل 30.18 % في الفترة المماثلة من العام السابق. وما كان لهذه الأرقام أن تتحقق لو لم تطلق وزارة المالية فـي إطـار تنفيـذ (رؤيـة المملكة 2030)، برنامـج تحقيـق التـوازن المالـي الذي يشـمل تطبيـق إطـار للماليـة العامـة متوسـط المـدى يحـدد سـقف الميزانيـة وسـقوف إنفـاق علـى مسـتوى الجهـات الحكوميـة، والعمـل علـى التخصيـص الأمثـل للمـوارد وإدارتهـا بكفـاءة وفاعليـة، وتحسـين عمليـة تحصيـل الإيـرادات العامـة للدولـة، بأهـداف قابلـة للقيـاس والمتابعة، إضافة إلى تحسـين قـدرة التصدي للمخاطر الماليــة، وتحســين جــودة الحســابات الماليــة ودقتهــا وتعزيــز الشــفافية، والاســتغلال الأمثـل لأصـول الدولـة والاسـتفادة مـن آليـات ووسـائل التمويـل الجديـدة. ولتحقيـق هــذه الأهـداف؛ أنشأت الوزارة عـدداً مــن الوحدات والمكاتب لإدارة البرامج المختلفـة، وتشـمل: وحـدة السياسـات الماليـة والكليـة، مكتـب إدارة الديــن العــام، مكتــب ترشــيد الإنفــاق الرأســمالي والتشــغيلي، مكتــب برنامــج تحقيـق التـوازن المالـي، مكتـب تطويـر القطـاع المالـي، وحـدة تنميـة الإيرادات غيـر النفطيـة؛ وذلـك لمواكبـة مرحلـة التحـول والمسـاهمة فـي تنفيـذ برامـج (رؤيـة المملكة 2030). وتشارك في تنفيذ استراتيجية الوزارة، منظومــة الخزينــة التــي تشــمل: وكالــة الميزانيــة والتنظيــم، ووكالــة الماليــة والحســابات، ووكالــة الإيرادات، بالتنســيق مــع الإدارات المختلفــة فــي الــوزارة والجهــات الحكوميــة الأخــرى. وكانت وزارة الماليـة اتخذت خـلال العـام 2017م عـدداً مـن المبـادرات والإصلاحات المؤسسـية لتطويـر إدارة الماليـة العامـة، شـملت اسـتكمال تطبيق تصنيـف الميزانية العامــة وفقاً للدليــل الدولــي للإحصــاءات الماليــة الحكوميــة (2014GFSM ) وتطويــر المنظومــة المؤسســية المســؤولة عــن إعــداد عناصــر السياســة الماليــة مــن خــلال إنشـاء الوحـدات المتخصصـة لتدعيـم عمليـة اتخـاذ القـرار وتحسـين كفـاءة إدارة الماليـة العامــة. وشملت الوحدات التي استحدثت في الوزارة الماليــة: السياسـات الماليـة والكليـة، مكتـب إدارة الديـن العـام، وحـدة تنميـة الإيرادات غيـر النفطيـة، إضافـة إلـى انضمام مكتـب ترشـيد الإنفـاق الرأسـمالي والتشـغيلي، ووحدة الشراء الاستراتيجي، ومكتب برنامج تحقيق التوازن المالي؛ لتكون تحــت إشراف وزارة المالية. وكانت وزارة المالية قدّرت في ميزانية العام 2018م، أن يبلــغ إجمالــي النفقات 978 مليــار ريــال بارتفاع نســبته 6.5 % عن توقعات الصرف في العام 2017م، وذلك بسبب ارتفاع النفقات التشغيلية والرأسمالية نتيجة للإنفاق على تحقيق مبادرات برامـج (رؤيـة المملكة 2030)، ومنها (حساب المواطن) الذي جاء لمواجهة الآثار التي قد تنشأ عند تطبيق بعــض الإجراءات المالية، ومنها تصحيــح أســعار الطاقة.
مشاركة :