لا شك أن القراءة بمعنى مطالعة الكتب، والمجلات، والصحف، والدوريات الورقية، مفيدة في تحصيل المعلومة، وزيادة المعرفة، وتنمية عملية الفهم، وتوسيع الإدراك لدى القارئ، سواء كانت قراءة على سبيل الهواية، أو أنها تتم على سبيل الاحتراف والمنهجية. ومع انتشار الثقافة الرقمية، وانحسار دور الكتاب الورقي، وانتشار ثقافة الصورة، في الوسط الثقافي المعاصر، خلال الواقع الافتراضي على نطاق واسع، وانغماس المتصفحين فيه بشكل تام، فقد تراجع أسلوب القراءة في الكتاب الورقي على النحو التقليدي، بلا شك، وفقد القارئ آصرة الانجذاب إلى الكتاب، والتعلق به، وتأبطه إلى المكتب، والمقهى، وفي الشارع، كما كان الحال عليه أيام زمان. ومع ذلك، تظل القراءة في الكتاب الورقي، خاصة في المجالات الأدبية، مهمة في صقل المهارات الكتابية، وتساعد على اكتساب وتنمية مهارات التعبير، مع كونها موهبة إبداعية ابتداء. فالقراءة في الأدب تسهم بشكل كبير في تنمية مهارة التواصل عبر الكتابة، والحديث، لأنها توسّع الملكات اللغوية للقارئ، وتزيدها ثراء، ومعرفة. وإذا كانت إغراءات الصورة، وعبارات البوستات الجاهزة، لا تحتاج سوى كبسة زر للاستدعاء، ثم الحضور الفوري أمام المتصفحين، ومستخدمي الإنترنت، ودون عناء يذكر، فإن القراءة الرقمية مع ذلك، تظل عرضة للتشوش خلال التصفح، وذلك نتيجة تزاحم انسياب المعلومات، والصور، والمشاهد، بالانبثاق المفاجئ، مما يستهلك كثيرا من وقت المستفيد، ويشتت انتباهه، ويضعف قدرته على التركيز في اللحظة. ولذلك، تظل المطالعة خلال تصفح الكتاب الورقي التقليدي، مركّزة، وأكثر رصانة، ومن ثم فإنه ما يزال لها سحرها الخاص، وبالتالي فإنها ما تزال تحتفظ بنكهتها الأصيلة في وجدان القارئ، خاصة قراء ذلك الجيل من مثقفي أيام زمان.
مشاركة :