مدريد- لا تحب الفقمة “نوكا” أن يدغدغها أحد من أسفل خطمها، وتحرك ذيلها تعبيرا عن الضيق. إنها ناعمة الملمس وعيونها البراقة الواسعة تتابع جميع حركات ولفتات محدثها. والفقمة نوكا ربوت صمّم للمساعدة في علاج مرضى الزهايمر، والتوحد وغيرها من تلك النوعية من الأمراض، ابتكره الباحث الياباني تاكانوري شيباتا، مستوحيا فكرة العلاج من الاستعانة بحيوانات حقيقية. يقول شيباتا “التواصل مع الحيوانات يساعد على تحسين الحالة النفسية للبشر، وعلى تخفيف حدة الاكتئاب والشعور بالقلق ويحفز التواصل، ومع ذلك هناك أشخاص لديهم حساسية من بعض الحيوانات، لأنها يمكن أن تنقل إليهم العدوى ببعض الفيروسات، كما أن بعض الحيوانات لا يسمح بدخولها إلى المستشفيات”. فكر شيباتا في ربوت على هيئة حيوان يمكن من خلاله تقريب هذه الأنماط العلاجية غير التقليدية من بشر العالم كلهم، فصمم نماذج لربوتات على هيئة كلاب وقطط وأخيرا فقمة. وحقق التصميم الأخير نجاحا منقطع النظير، نظرا لأن غالبية المستخدمين ليس لديهم أيّ تصورات عن نمط سلوك هذا الحيوان. يوضح الباحث الياباني، “عندما بدأ الناس يتواصلون مع ربوتات الكلاب والقطط، كانوا قد جربوا ذلك بالفعل مع قطط وكلاب حقيقية وكانوا يتوقعون المزيد، أما الفقمة فهي ليست من النوع المألوف، ومن هنا كان تقبلها أكبر”. الاستنتاجات ترجح أن هذه الوسيلة العلاجية ملائمة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الشيخوخة بوسع هذه الفقمة تعلم اسم جديد إذا تكرر على مسامعها أكثر من مرة، وهذا جزء من مميزات الذكاء الاصطناعي المزوّد به الربوت، ومن بينها حساسات مزوّد بها الفراء الناعم وتجعله يدرك ما يدور حوله، مثل التعرف على نبرة الصوت، واتجاهه ومعرفة ما إذا كانت هناك إضاءة أم لا، كما يمكنه تعلم سلوكيات مستخدمه والتكيف مع أسلوب حياته. يقول شيباتا، “لقد أجريت الكثير من الدراسات على تأثير نوكا على كبار السن الذين يعانون من أمراض مثل الزهايمر، وأظهرت نتائج تلك الأبحاث أن التواصل مع الفقمة الروبوت، يمكن أن يساهم في تحسين حالات مثل الاكتئاب، والقلق، والألم ، والوحدة وتحفيز الرغبة في الحياة. إن الأشخاص المصابين بمشاكل الشيخوخة، يعانون من اختلال السلوك، إلا أن التواصل مع نوكا يمكن أن يساعد في مثل هذه الحالات السلوكية السلبية، ومن بينها الميول العدوانية والهذيان والتخبط”. وفي إسبانيا قام مركز المرجعيات العلمية الحكومي ومعهد كبار السن للخدمات الاجتماعية بتحليل بعض تأثيرات نوكا على بعض حالات مرضى الزهايمر وغيرها من أمراض الشيخوخة، وتقييم مدى درجة الاختلالات السلوكية مثل “الميل للخمول، والاكتئاب، والعدوانية، والشعور بالوحدة والقلق”، ووجدوا أن هذه الاختلالات تتحسن بالتواصل مع الفقمة الروبوت. وفي هذا السياق، قالت إيلينا غونزاليس أنخيلمو رئيسة قسم المعلومات والتوثيق والبحث والتقييم بالمركز “نعم ، كان هناك تأثير كبير على نوعية الحياة، كما لوحظ تراجع قياس ضغط الدم المرتفع”. وأضافت، “ترجح الاستنتاجات أن هذه الوسيلة العلاجية ملائمة للأشخاص الذين يعانون من أمراض الشيخوخة، حيث توفر لهم حالة من الاسترخاء، وترفع من معنوياتهم، وتحسن نسبيا نمط حياتهم. أما ما لم يتم تحديده بدقة فكان الأثر المرتبط بالنواحي العصبية والنفسية، حيث لم يكن هناك تأثير يذكر على جوانب مثل القلق المرضي وكذلك الاكتئاب”. توضح أنخيلمو “إنه أسلوب علاج مختلف عمّا يتبعه المصاب ومن ثمّ لا يمكن الحديث عن استبدال أحدهما بالآخر. يجب أن تتعرف على الشخص الذي أمامك، وأن تتأكد من أن أسلوب العلاج المتبع سوف يفيده، وبالفعل يمكن التعامل مع نوكا لتوفير تأثيرات مريحة تساعد على الاسترخاء، وللتواصل اجتماعيا خصوصا مع أشخاص مصابين بأمراض الشيخوخة. إنه مفيد، ولكنه أسلوب علاج مختلف”. بوسع هذه الفقمة تعلم اسم جديد إذا تكرر على مسامعها أكثر من مرة بوسع هذه الفقمة تعلم اسم جديد إذا تكرر على مسامعها أكثر من مرة وهناك العلاج باستخدام العرائس مع حالات خرف الشيخوخة، سواء العرائس التي تحاكي الواقع أو الدمى التقليدية. ومع ذلك يرى شيباتا أن المرضى لا يطورون أي نوع من الروابط مع تلك العرائس، ولا يديمون التواصل معها، ولكن في حالة نوكا يحدث تواصل وتطور للعلاقة وتستمر، مما قد يفيد في تحسين الحالة المعنوية للمريض ويحد من معدل القلق لديه، والشعور بالألم أو الاكتئاب. ويضيف “كلما استمر التواصل مع نوكا، خفت حدة الهذيان”. تقول أنخيلمو “عندما تعطي دمية لشخص يعاني من اختلال سلوكي بسبب خرف الشيخوخة، سواء كان رجلا أو امرأة، فإن هذا يساعد على ضبط السلوك والقلق، ونرى سلوكيات أكثر تهذيبا وودا”. كما يرى شيباتا أن هذا قد يساعد على التقليل من جرعة العلاج الدوائي النفسي لدى الأشخاص الذين يعانون من القلق أو مشاكل سلوكية معينة، محذرا من الأعراض الجانبية الضارة للكثير من هذه الأدوية، مشيرا إلى أن الأشخاص الذين استعانوا بالفقمة الروبوت تمكنوا من تقليص الجرعات الدوائية بشكل ملحوظ. يشار إلى أن المركز العلاج ليس متخصصا في العلاج بالأدوية، ومع ذلك يعتبرون أن هناك اختلالات سلوكية تستدعي استخدام العقاقير. تقول انخيلمو، “ما يحدث هو أن مراكز العلاج تستقبل الأشخاص الذين يتناولون العديد من الأدوية ولكنهم لا يتلقون علاجات أخرى. عندما تبدأ بالعمل مع العلاجات غير الدوائية، مثل نوكا أو الموسيقى أو الرقص، يمكنك القضاء على بعض الاختلالات وربما تقليل الأدوية”. تؤكد أنخيلمو أن العلاج باستخدام نوكا مع الأشخاص الذين يعانون من خرف الشيخوخة، يحدث تأثيرا إيجابيا محفزا. ولكن قبل العلاج بالفقمة الربوت، تعتقد أنه من الضروري تقديم علاجات غير دوائية منذ البداية، “سيكون ذلك إنجازا عظيما للصحة العامة، حيث بدل أن يرسلوا المريض إلى طبيب الأعصاب، سيرسلونه إلى أخصائي علم النفس العصبي أو المعالج النفسي لتحفيز الإدراك المعرفي عندما يشخّصون حالته فقط”. وهناك أيضا جدل بشأن بعض الجوانب الأخلاقية مثل الوثوق في رعاية هؤلاء الأشخاص من قبل الربوتات فسيخلف ذلك مخاطر التجرد من الإنسانية.
مشاركة :