القاهرة: عبد الستار حتيتة تحدى وزير العدل المصري السابق، المستشار أحمد مكي، قرارا باستدعائه للشهادة اليوم (الاثنين)، في قضية تخص تزوير انتخابات نيابية جرت في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقال مكي الذي كان وزيرا في عهد الرئيس السابق محمد مرسي لـ«الشرق الأوسط» أمس إنه لن يمثل أمام قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل للاستماع إلى شهادته في القضية. ويأتي هذا في وقت قررت فيه سلطات قضائية أمس وقف 76 قاضيا عن العمل، ينتمي غالبيتهم لحركة «قضاة من أجل مصر» المتهمة بالانحياز لجماعة الإخوان المسلمين، لحين التحقيق في شبهة ممارستهم للسياسة. وتفجرت القضية المطلوب مثول وزير العدل السابق للشهادة فيها، بعد خطاب شهير للرئيس السابق محمد مرسي، قال فيه، قبل عزله في يوليو (تموز) الماضي، إن انتخابات البرلمان عام 2005 تعرضت للتزوير، ما ترتب عليه ندب قاض للتحقيق في القضية. وقال الدكتور شوقي السيد، الفقيه القانوني والدستوري، لـ«الشرق الأوسط» إن مثل هذه القضايا لا تسقط بالتقادم ولو مر عليها سنوات. ومن المعروف أن عددا من القضاة خاضوا معركة قانونية وسياسية في عام 2005 استمرت حتى مطلع عام 2006 بشأن ما قالوا إنه أعمال تزوير طالت الانتخابات التي فاز فيها حينذاك حزب مبارك بأغلبية كبيرة في البرلمان، مقابل نحو 20 في المائة لمرشحي جماعة الإخوان. وكان من بين القضاة الذين فجروا قضية تزوير الانتخابات في ذلك الوقت، وحازوا شهرة واسعة في وسائل الإعلام المحلية حينها، المستشار مكي، والمستشارة نهى الزيني نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية. ومن جانبه أوضح قاضي التحقيق في القضية، المستشار مجدي عبد الخالق، أمس أن القرار الذي أصدره بضبط وإحضار مكي جاء بعد عدم امتثال الوزير السابق لطلبات استدعائه لسماع شهادته. لكن مكي قال ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس: «أنا كتبت رأيي لسيادة النائب العام في شأن أمر الضبط والإحضار». وشمل قرار الاستعداء في القضية عددا من القضاة الآخرين، بوصفهم شهودا، إلا أن مصادر قانونية قالت إن عدم حضور غالبية هؤلاء القضاء يمثل تحديا للسلطة القضائية، مشيرا إلى أن بعض القضاة أرسل بالفعل مذكرات تتضمن ردودا باعتبار أنها شهادة على ما جرى في الانتخابات البرلمانية منذ نحو سبع سنوات، إلا أن قاضي التحقيق طلب حضورهم لمناقشتهم في المذكرات المقدمة منهم. وقال الدكتور شوقي السيد: «للمحقق سلطة أن يستدعي الشهود والمتهمين ويأمر بضبطهم وإحضارهم، وهذا يعني أن يأتي وزير العدل السابق مقبوضا عليه ومصحوبا بأحد رجال القبض القضائي»، مشيرا إلى أن «أمر الضبط أمر قضائي يجب تنفيذه، لأن العدالة ترتفع فوق أي مصالح شخصية أو أي مراكز أو اعتبارات أخرى. وبالتالي إما أن يذهب المستشار مكي مختارا أو مجبرا». ومن جانبها قالت مصادر تشرف على التحقيق في القضية إن الوزير السابق «لم يرسل أي مذكرات ولم نتسلم منه أي رسائل، وحضوره مطلوب ولا بد أن يمثل أمام قاضي التحقيق، اليوم (الاثنين)، وإلا فستتولى السلطات الأمنية المختصة إحضاره للمثول أمام القاضي المختص». وتابع المستشار مكي الذي عمل وزيرا للعدل في عهد مرسي، قائلا ردا على اللغط الدائر عن استدعائه للشهادة: «لا يحسن أن يكون الموضوع محلا للنشر، وأنا لست مستصوبا أن أدخل في محل مناقشات حول هذا الموضع». لكنه أضاف موضحا: «أنا كتبت رأيي لسيادة النائب العام في شأن أمر الضبط والإحضار». وتابع أنه معني منذ زمن بقضية تزوير الانتخابات، و«هي قضية عمري». وأضاف أن «دور القضاء في بحثها وآثارها على صلاحية القضاة، هذه قضية عمري، وكان لي موقف في مجلس القضاء الأعلى في هذا الشأن، لكن هذه القضية تقتضي أن الجهاز القضائي كله يتحرك لضبطها، وليس أن أسأل أنا في شكوى، وواحد يقول هاتوا فلان لتستمعوا لأقواله، هذا لن يؤدي إلى شيء». وأضاف وزير العدل السابق عن موعد مثوله أمام قاضي التحقيق المقرر له اليوم (الاثنين): «لن أذهب». وأضاف أن السبب هو «أن طريقة الطلب غير قانونية، وليست بالضبط والإحضار». ومن جانبه أعلن قاضي التحقيق المنتدب من وزارة العدل في القضية أن استدعاء المستشار مكي والمستشارة الزيني جاء نتيجة وجود طلبات لشهادتيهما، وجرى إعلانهما ثلاث مرات وفقا للقانون، ولم يمثلا لسماع شهادتيهما. وعلى صعيد آخر قررت الجمعية العمومية لمحكمة استئناف شمال القاهرة وقف المستشار وليد شرابي، المتحدث الرسمي باسم حركة «قضاة من أجل مصر»، عن العمل، ووضعه تحت تصرف المحكمة، وعدم إسناد أي أعمال إليه «لحين الفصل في البلاغات المقدمة ضده و75 قاضيا، من بينهم أعضاء من حركة قضاة من أجل مصر»، وذلك «لوجودهم أعلى منصة اعتصام رابعة العدوية». واستخدمت قيادات تيار الإسلام السياسي بقيادة جماعة الإخوان «منصة رابعة» كخشبة مسرح تدعو فيها أنصار مرسي إلى عدم الامتثال لسلطات الحكم الجديدة. كما أوصت الجمعية العمومية لمحكمة استئناف شمال القاهرة باقي المحاكم بإيقاف جميع أعضاء الحركة عن العمل حتى يجري الفصل في البلاغات المقدمة ضدهم؛ «لأنهم يعملون لصالح فصيل سياسي معين وليس للصالح العام». وتنفي الحركة الاتهامات المنسوبة إليها، وتقول إنها تعمل من أجل الحفاظ على الشرعية الدستورية والالتزام بالقانون.
مشاركة :