حذر السفير الصيني لدى منظمة التجارة العالمية الأعضاء من التمييز ضد الشركات الصينية المملوكة للدولة، مشيرا إلى أن بعض الدول تخلط بين المؤسسات المملوكة للدولة مع "الهيئات العامة". وشدد السفير تشانك شيانك تشن، على أن بلاده سترفض إجراء تغييرات في قواعد منظمة التجارة العالمية يُمكن أن تؤدي إلى تسمية الشركات الصينية المملوكة للدولة كهيئات عامة. وأشار إلى "مناقشات ثلاثية" تجري بين الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان حول المؤسسات المملوكة للدولة، والدعم الصناعي، ونقل التقنيات، مضيفا أن "بكين ليس لديها مشكلة مع هذه المناقشات"، لكن المناقشات والمفاوضات أمران مختلفان، وأن أعضاء منظمة التجارة ليس لديهم تفويض للدخول في مفاوضات في مثل هذه الميادين. وقال تشن، مستهدفا بوضوح الأطراف الثلاثة المعنية بالمناقشات، "إن الأمر الذي لا يُمكن أن نقبل به هو أن التوصية الصادرة عن اجتماع ثلاثي عقدته الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، تركز ضد المؤسسات الصينية المملوكة من قِبل الدولة". وتابع "إذا ما نظرنا إلى البيان المشترك الثلاثي، فإن الأعضاء الثلاثة يُركِّزون على تدابير الانتصاف التجاري.. إنهم يُركِّزون أيضا على هيئة تسوية المنازعات.. وهؤلاء الأعضاء لديهم النيَّة لتغيير أحكام هيئة الاستئناف عن طريق معاملة المؤسسات الصينية كهيئات عامة.. لكن الأمر ليس كذلك، وهو غير صحيح، المؤسسات المملوكة للدولة شيء، والهيئات العامة شيء آخر.. لهذا لا يُمكننا أن نمضي مع فحوى البيان". وتعريف "الهيئة العامة" أمر بالغ الأهمية لأن اتفاقية منظمة التجارة العالمية حول الإعانات والتدابير التعويضية تُعرِّف "الإعانة" بأنها منفعة تمنحها الحكومة أو الهيئة العامة. ومع ذلك، فإن التعريف العملي لـ "الهيئة العامة" كان قضية مُتنازع عليها بشكل ساخن في منظمة التجارة، خاصة بين الولايات المتحدة والصين. وتصاعد الخلاف والتوتر بين واشنطن وبكين عقب صدور حكم عن هيئة الاستئناف التابعة لهيئة تسوية المنازعات في كانون الأول (ديسمبر) 2014 تم اعتباره لمصلحة الصين بعد أن قال "إن على الولايات المتحدة أن تُثبت أن لـ "الهيئة العامة" وظيفة حكومية أو سلطة، وبهذا الحكم قلبت هيئة الاستئناف رأسا على عقب قرارا سابقا لهيئة تسوية المنازعات كان لمصلحة الولايات المتحدة". ويُركِّز البيان الذي أصدرته الولايات المتحدة، واليابان، والاتحاد الأوروبي "هو الأحدث الذي تُصدره الأطراف الثلاثة ولديها تنسيق نشط داخل منظمة التجارة"، على سياسات البلدان التي لا تتمتع بصفة اقتصاد السوق، والمعونات الصناعية، والمؤسسات المملوكة للدولة. وتكمن المخاوف الصينية في أنه بمجرَّد أن يتم توصيف الصين في لوائح منظمة التجارة بأنها لا تتبع اقتصاد السوق، سيكون بمقدور الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان فرض رسوم أعلى على السلع الصينية في مجاليّ مكافحة الإغراق وتدابير الانتصاف التجاري. وقد تحدَّت الصين الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة عبر نظام هيئة تسوية المنازعات، كما أجرت مشاورات حول الموضوع والولايات المتحدة. وذكر تشن، أن بكين هي مُسانِد للإصلاحات في منظمة التجارة، لكنه أكد أن مثل هذه المجهودات مُستقلة تماما عن الإصلاحات التي تجري في الصين، وهي مسألة تتعلق باختصاص الصين حصرا. وأضاف أن "إصلاح منظمة التجارة ينبغي أن يتناول مجالين رئيسيين، الأول، أن تتصدى منظمة التجارة لما تراه بكين خللا ناجما عن القواعد الحالية التي تحكم المنظمة، والتركيز على الإعانات الزراعية التي يرى أنها شوَّهت التجارة منذ سنوات كثيرة، وأن الدول النامية تضررت بشكل خاص لأن تلك الإعانات جعلت من الصعب عليها أن تُصدِّر منتجاتها إلى الأسواق المدعومة". وكانت ورقة صينية عن إصلاح منظمة التجارة أصدرتها بكين الشهر الماضي قالت "إن الإصلاح يجب أن يُعالج التشويه طويل الأجل للتجارة الزراعية الدولية نتيجة للإفراط في الإعانات التي تقدمها الاقتصادات المتقدمة لقطاعها الزراعي". وانتقدت الورقة أيضا استخدام مصطلح "الاقتصاد الذي لا يقوم على أساس قواعد السوق"، قائلة إنها وسيلة "لإساءة استعمال تدابير الانتصاف التجاري". وتتهم الولايات المتحدة الصين بأن الإعانات الزراعية الصينية تذهب إلى أبعد مما هو مسموح به في أحكام منظمة التجارة، وتؤكد أن بكين تسيء حساب مبالغ الدعم المحلي الذي تقدمه لمزارعيها، وهي تقلل إلى حد كبير من المبلغ الفعلي للإعانات. وتعتقد الصين أن إصلاح منظمة التجارة ينبغي أن يعالج أيضا قضايا جديدة، مثل التجارة الإلكترونية، وتيسير الاستثمارات، والمؤسسات متناهية الصغر، والصغيرة، ومتوسط الحجم. وقرر بعض الأعضاء في الاجتماع الوزاري لمنظمة التجارة في بوينس آيريس في كانون الأول (ديمسبر) 2017 البحث في إمكانية الدخول في مفاوضات متعددة الأطراف في هذه المجالات علاوة على أنظمة المنظمة المتعلقة بقطاع الخدمات. وذكر تشن، أنه إذا ما تحققت نتائج ملموسة عن هذه المبادرات متعددة الأطراف على أساس الدول الأكثر تفضيلا، فإن النتائج يُمكن أن تصبح في آخر الأمر جزءًا من الأحكام المقبلة لمنظمة التجارة. وبحسب تشن، فإنه ينبغي أن تكون الآمال المتوقعة من الإصلاح في الاجتماع الوزاري المُقبل للمنظمة في كازاخستان خلال حزيران (يونيو) 2020 معقولة. وأضاف "إذا تمكن الأعضاء من تحقيق تقدم في التجارة الإلكترونية، وتيسير الاستثمار، والمؤسسات متناهية الصغر، والصغيرة، ومتوسط الحجم، بعدها يُمكن اختتام المحادثات بشأن إعانات مصائد الأسماك، ومعالجة أزمة تعيينات القضاة في هيئة الاستئناف، وإجراء بعض التحسينات على الشفافية.. وإذا حققنا تقدما في هذه المجالات، فعندها يمكن لأعضاء المنظمة أن يقولوا إنهم حققوا تقدما تراكميا". ودعا تشن، إلى مناقشات ثم مفاوضات جادة لحل أزمة هيئة الاستئناف، وإعاقة الولايات المتحدة النظر في تعيين قضاة جُدد للهيئة بديلا عن القضاة الذين يُغادرونها عقب انتهاء مدة ولايتهم، ورفضها تمديد ولاية قضاة لدورة ثانية. وقال تشن، "إن الصين تحاول أن تحافظ على نظام منظمة التجارة وإنها شاركت في تقديم مقترحين لإصلاح هيئة الاستئناف أعدهما الاتحاد الأوروبي بهدف معالجة أزمة أثيرت من قِبل عضو معيّن"، ولم يسم السفير الصيني هذه الدولة، إلا أنه من الواضح أنها الولايات المتحدة.
مشاركة :