مصدر الصورةGetty Images يصادف اليوم، الذكرى الثامنة لاندلاع ثورات الربيع العربي التي انطلقت شرارتها الأولى من تونس في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، عندما أضرم البوعزيزي النار بجسده، احتجاجاً على مصادرة البلدية لمصدر رزقه الذي كان عبارة عن عربة صغيرة لبيع الخضروات والفواكه عليها. وكان طارق الطيب محمد البوعزيزي (مواليد سيدي بوزيد، 1984 ) المنحدر من أسرة فقيرة يعيش مع والدته و 8 إخوة وأخوات، أما والده، فمات عندما كان طفلاً صغيراً. ولم يدرس البوعزيزي سوى المرحلة الابتدائية، إذ تفرغ للعمل كبائع متجول لبيع الخضار والفواكه منذ صغره. لكن ذلك الحدث ليس ببعيد، فما زال العالم العربي في حالة اضطراب وقلق. سقطت أنظمة وبقيت أخرى تصارع من أجل البقاء كما هو الحال في ليبيا ومصر وسوريا واليمن.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption احتشد آلاف التونسيين في للاحتفال بالذكرى الأولى للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالدكتاتور زين العابدين بن علي وأطلقت ثورات الربيع العربي. 17 ديسمبر/كانون الأول 2011 "صفعة إرحل" انطلقت "ثورات الربيع العربي" من معاناة البوعزيزي الذي كان يبيع الخضروات على عربة يدفعها أمامه كل يوم لكسب رزقه، لكن السلطات المحلية حاولت مصادرتها، وهي التي كانت تمثل كل ثروته ورأسماله، بذريعة أنه كان يبيع في مكان غير مسموح به. وعندما امتنع عن التسليم، قوبل بصفعة على وجهه على الملأ من قبل الشرطية فادية حمدي، التي وبخته وقالت له بالفرنسية " Dégage " أي إرحل. كانت الصفعة قد أهدرت كرامته قبل أن يفجر غضبه ويضرم النار بجسده أمام مبنى البلدية في مدينة سيدي بوزيد. مصدر الصورةGetty ImagesImage caption تم تغيير اسم ساحة "7 نوفمبر" التي كانت تشير إلى اليوم الذي تولى فيه زين العابدين بن علي رئاسة البلاد منذ عام 1987 إلى ساحة "الشهيد محمد بوعزيزي" الذي أشعل ثورة بلاده بجسده. أما صورة البوعزيزي وهو يحترق، فكانت أقوى تعبير عن عمق معاناته وألمه بسبب الأوضاع السيئة التي يعيشها، حاله كحال الغالبية في البلاد. وسرعان ما تحولت كلمة "إرحل" المطلب الأكثر انتشاراً في احتجاجات ومظاهرات التونسيين. ووصل صدى الكلمة إلى مصر وليبيا واليمن وسوريا وغيرها من البلدان التي ما زالت تعيش الاضطرابات والحرب والنزوح منذ ذلك الحين. وأصبح حرق البوعزيزي لنفسه أسلوباً كرره أكثر من خمسين شخصاُ في مختلف البلدان العربية للتعبير عن رفضهم للظلم واللامساواة والإهانة.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption ساحة محمد البوعزيزي ( 1984-2011) في تكريم له أثناء حفل أقيم في 30 يونيو/حزيران 2011 في باريس تكريم بعد الإهانة تم استبدال اسم ساحة "7 نوفمبر" في سيدي بوزيد باسم ساحة " الشهيد محمد البوعزيزي"، وكان اسم الساحة 7 نوفمبر منذ 23 عاماً، تخليداً لليوم الذي تولى فيه الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي منصب رئاسة البلاد عام 1987. وسميت المستشفى التي نُقل إليها البوعزيزي باسمه بعد أن كان اسمها سابقاً " مركز الإصابات والحروق البليغة" التي كانت عبارة عن مركز إسعافي للحالات المستعجلة. واختاره البرلمان الأوروبي في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2011 للفوز بجائزة ساخاروف لحرية الفكر إلى جانب ثلاثة آخرين. وهذه الجائزة تُمنح لتكريم الأشخاص أو المؤسسات الذين كرسوا حياتهم للدفاع عن حقوق الإنسان وحرية الفكر، وتبلغ قمية الجائزة 50 ألف يورو، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى المعارض السوفييتي أندريه سخاروف.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption مجسم لعربة البوعزيزي في ساحة سيدي بوزيد في تونس كما قام برتران دولانوي، رئيس بلدية العاصمة الفرنسية باريس بتسمية ساحة في وسط العاصمة باسم محمد البوعزيزي بحضور والدة البوعزيزي وأخته. وقالت وقتها والدته عن التكريم وهي تبكي: " أنا فخورة بتكريم ابني الشهيد، الذي يعتبر تكريماً لكل شهيد ولكل من حمل مسؤولية التونسية على ظهره، وهدية لكل الشعوب العربية التي تبحث عن حريتها وتحارب الظلم". ورفض سالم شقيق محمد البوعزيزي عرضَين من رجلي أعمال لشراء عربة شقيقه، وفضل احتفاظ العائلة بها كذكرى لفقيدهم، أو وضعها في إحدى الساحات كمعلم في مدينة سيدي بوزيد.الذكرى السابعة لاندلاع الثورة التونسية"ثورة الياسمين" بعد أن توفي البوعزيزي في 4 يناير/كانون الثاني 2011، بسبب الحروق البليغة التي غطت كامل جسده. أصبحت وفاته دافعاً أكبر لاستمرار المظاهرات الشعبية في عموم تونس، والتي أطاحت بزين العابدين بعد شهر واحد من حرق البوعزيزي لنفسه. وامتدت احتجاجات التونسيين إلى جميع المدن وأدت إلى صدامات مع قوات الأمن وسقوط العديد من الجرحى والقتلى خلال تلك المظاهرات. وفرَّ بن علي إلى السعودية بشكل مفاجئ في 14 يناير/كانون الثاني 2011. لتدخل تونس مرحلة مختلفة من تاريخ البلاد. اقرأ أيضاً: تونس: هل يكرر "اليحياوي" سيناريو "البوعزيزي"؟ لماذا زاد الإقدام على الانتحار في مصر؟ الافراج عن شرطية اتهمت بصفع البوعزيزيمصدر الصورةGetty ImagesImage caption جانب من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في ميدان التحرير في القاهرة تشتت الأسرة وبعد اندلاع الثورات، قالت ليلى شقيقة محمد البوعزيزي لصحيفة " لو جورنال دوكيبيك" ، "إن التهديدات والغيرة والإشاعات المغرضة التي تعرضت لها هي وأسرتها كانت وراء طلب اللجوء إلى كندا بوصفها طالبة". وأضافت: " التحقت بي عائلتي ووالدتي عام 2014". كما أن زوجها وأشقاء زوجها موجودون في كندا أيضاُ. وقالت ليلى للصحيفة: "اعتقد الكثيرون أن عائلتنا أصبحت ثرية بفضل شقيقي الذي كان الشرارة الأولى في ثورة تونس، لكن هذا ليس صحيحاً". وقد تلقت عائلتها مبلغ بقيمة 40 ألف دينار حالهم كحال بقية عوائل الشهداء، بالإضافة إلى مساعدات من جهات أخرى ولكن ليس لدرجة أن يصبحوا أثرياء بحسب قولها. وقالت عن إقامتها في كندا إنها تحب تونس لكنها تشعر وكأنها ولدت من جديد في كندا.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption آثار الدمار التي خلفتها الحرب في مركز مدينة بنغازي شرق ليبيا 13 مارس/آذار 2018 "ثورات" وصلت شرارة الثورة التونسية إلى مصر، وانطلقت الاحتجاجات والمظاهرات في 25 يناير/كانون الثاني، أي بعد وفاة البوعزيزي. وخرج المصريون في يوم "غضب المصريين" الذي صادف يوم الشرطة في البلاد للمطالبة بالقضاء على الفقر والبطالة وإسقاط الحكومة. وتنحى الرئيس حسني مبارك عن الحكم في فبراير/شباط 2011، وسلّم أمور البلاد إلى الجيش، إلى أن تم انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيساً للبلاد عام 2014. ولم تفلت ليبيا الواقعة بين مصر وتونس من شرارة الثورات والاحتجاجات، لكن الأمور هناك سارت في مسار مختلف. دخلت ليبيا حرباً أهلية تدخلت فيها الدول الغربية وساهمت في إسقاط حكم العقيد معمر القذافي، وانتهت بمقتله أمام أنظار العالم.مصدر الصورةGetty ImagesImage caption مدينة كوباني السورية تعرضت لدمار كبير أثناء المعارك لإخراج مقاتلي تنظيم "الدولة الاسلامية" منها وما زالت ليبيا أسيرة صراعات وحروب لا يعلم أحد متى تنتهي وتستتب الأوضاع فيها. أما حال سوريا واليمن فلا يختلف كثيراً عن حال ليبيا، فقد تحولت ثورتا البلدين إلى حروب أهلية وتدخلت قوى خارجية ساهمت في تعقيد الأوضاع فيها وسط دمار وخراب كبيرين. كما تسبب الصراع في البلدين بأزمات إنسانية غير مسبوقة، إضافة إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف من المدنيين. --------------------------------------- يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.
مشاركة :