حذّر خبير في الأمن الاجتماعي من التأخر في طرح رؤية مستقبلية للأسرة السعودية، على مدى الأعوام الـ10 المقبلة، تتناول حلول إرشادية مبتكرة لتعزيز قيم التعاضد والتكافل الأسري في مواجهة ظواهر التفكك والعنف والعنوسة، مشيراً إلى أن وزارة التخطيط السعودية، ذكرت أن عدد اللواتي لم يتزوجن في العشرية الماضية وتخطين عمر الـ30 عاماً، وصل إلى 1.529.418 فتاة، بنسبة تصل إلى 33.45 في المئة من إجمالي عدد النساء في المملكة البالغ 4.572.231 فتاة. وأكد الأمين العام لجمعية «وئام» الدكتور محمد العبدالقادر، وجوب صوغ ما أسماه استراتيجية لـ«هندسة المجتمعات»، ترتكز على «منهجية بحثية ميدانية، ينفذها خبراء ومختصون في مجال الدراسات السكانية والتعليمية والصحية وعلم الاجتماع وعلم النفس ورجال القضاء وخبراء في المجال الأمني». ونبّه العبدالقادر في إطار الاستعدادات التي تجريها جمعية «وئام» للرعاية الأسرية، لتنظيم الملتقى السابع لجمعيات الزواج ورعاية الأسرة في المملكة بعنوان (الأسرة السعودية عام 1445هـ) في 11 و12 شباط (فبراير) المقبل في الدمام بمشاركة خبراء واختصاصيين في مجال العمل التطوعي والإرشادي والأسري والنفسي وعلم الاجتماع وجمعيات الزواج والأسرة. نبّه إلى أن «هندسة المجتمعات» علم حديث لم يتم تسخيره في العالم العربي بشكل جيد حتى الآن، ويتطلب وقفة جادة من الجهات المسؤولة لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع وتحويله من مجرد مصطلح إلى ممارسة فعلية على أرض الواقع، لافتاً إلى أن من أهداف الهندسة المجتمعية هو الطرح الشمولي للقضايا المجتمعية سواء أكان على صعيد تشخيص المشكلة أم على صعيد إيجاد الحلول. وضرب أمين جمعية «وئام» مثلاً على ذلك بقوله: «إن المجتمع السعودي يشجع منذ فترة تزيد على عقدين من الزمن على تأصيل مفهوم «الزيجات الجماعية» لمحاربة ظاهرة اجتماعية خطرة تتمثل بتفشي العنوسة»، موضحاً أن هذه المبادرات تتم في إطار اجتماعي يغلب عليه «القالب التطوعي والمبادرات الفردية والنهج الإداري للقائمين على جمعيات الزواج»، مطالباً بأن يتم وضع هذه المهرجانات التي تهدف إلى الحد من ظاهرة «العنوسة» ضمن استراتيجة «هندسة المجتمعات» من خلال مفهوم إصلاحي اجتماعي أشمل وأعم، يراعي خطط التنمية في المناطق والمحافظات والمدن السعودية، بتقديم خدمات شمولية تقوم على أساس رعاية الأسرة من جميع النواحي لمحاربة ظاهرة العنوسة، وبما يتسق مع خطط البنية التحتية وخطط التنمية المستقبلية التي تختص بقطاعات التعليم والصحة والخدمات البلدية والإسكان وغيرها. وفي سياق التعريف بظاهرة العنوسة ومخاطرها على الأمن الأسري والاجتماعي، استعرض العبدالقادر إحصاءات ودراسات محلية وعربية تحذّر من خطر العنوسة، ومنها ما أعدته وزارة التخطيط السعودية، وتشير إلى أن عدد اللواتي لم يتزوجن في العشرية الماضية وتخطين عمر 30 عاماً في السعودية، وصل إلى 1.529.418 فتاة، بنسبة تصل إلى 33.45 في المئة من إجمالي عدد النساء في المملكة البالغ 4.572.231 فتاة. ورأى العبدالقادر، إنه «لا يمكن أن نبادر إلى حل مشكلة العنوسة لنجد أنفسنا وقعنا في مشكلات أكبر وأخطر ترتبط بالتأثير السلبي لخطط التنمية المجتمعية. فالزيجات الكثيرة والمتتالية على شكل مهرجانات جماعية مسألة في غاية الأهمية بكل تأكيد، لكن يجب أن يصاحبها تخطيط استراتيجي سليم في إطار صياغة شمولية لهندسة المجتمع، إذ يتم التنسيق مع خبراء في مجال الأسرة والسكان، والأمن، والصحة والبلديات والإسكان والتربية والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية، لتقدير معدل الخصوبة في كل منطقة، وما هو معدل المواليد المتوقع، وكم ستبلغ نسبة الكثافة السكانية بعد 10 أعوام، وما هي الحاجات الخدمية التي ستحتاجها المنطقة بناء على ذلك، مشدداً على أن هذه كلها «حزمة متكاملة لا يمكن التفريط بأي منها، بل يجب التعامل معها في إطار شمولي عام، يندرج بمفهوم «هندسة المجتمعات» لتكون النتيجة النهائية نهضة حضارية وتنمية مستدامة ومحاربة للظواهر المجتمعية السلبية وعلى رأسها مشكلة العنوسة». العبدالقادر: «الزواجات الجماعية» لا تكون على حساب البنى التحتية < أوضح أمين جمعية «وئام» الدكتور محمد العبدالقادر أن استراتيجية الهندسة المجتمعية تتطلب التخلي عن مجرد الاهتمام بالأطر التنظيمية من زاوية إدارية مجردة حتى لا تكون على حساب الغايات والأهداف الاجتماعية الملحّة في ظل تعاظم المؤشرات المقلقة التي تؤثر في الأسرة والمجتمع، كما لا بد من تكاتف الجهود بين قطاعات الدولة وبين القطاع الثالث المعني برعاية الأسرة. وأشار إلى أن إدارة جمعيات الزواج، لا تزال تركز على الجانب التنظيمي من الناحية الإدارية التي تهتم بتوافر حفلات زواج جماعي، ومنح المتزوجين المستلزمات المنزلية مثل غرف النوم والأجهزة الكهربائية، والهدايا العينية ودفع أجور وتكاليف الزواج، مطالباً بالبحث في حلول ذات صبغة مجتمعية تضمن استقرار الزواج وديمومته، من طريق توفير فرص وظيفية وخلق استثمارات مشتركة للزوجين من طريق مبادرات مدعومة من الشركات الوطنية الكبرى في القطاعين العام والخاص. وأكد العبدالقادر على ما سمّاه تعثر مناهج العلوم الإنسانية وعجزها عن إيصال رسالتها، في ما يختص بدراسات الرعاية المجتمعية والإرشاد الأسري. لافتاً إلى أن مقارنة بسيطة بين أبحاث العلوم التطبيقية وبين الأبحاث في العلوم الاجتماعية تكشف أن التوصيات الخاصة بالدراسات العلمية «الطبية والهندسية» سرعان ما تجد طريقها للتنفيذ، بينما التوصيات الصادرة عن الأبحاث والدراسات الإنسانية فغالباً لا تجد توصياتها طريقاً للتنفيذ، مبيناً أن الملتقى السابع لجمعيات رعاية الأسرة السعودية سيقدم نحو 30 بحثاً حديثاً لم تعلن في ملتقيات سابقة. داعياً المهتمين إلى المشاركة في الملتقى الذي يقام بعنوان «الأسرة السعودية 1445» في 11 إلى 12 شباط (فبراير) المقبل في فندق الشيراتون في الدمام.
مشاركة :