يحرك رجليه بالكاد بين دروب مكتبته الكائنة بمنطقة الدقى، يسكنه دائمًا شعور بالتعثر وارتباك خطواته، تحاوطه الأوراق والكتب العتيقة، يتكئ عليها خيرًا من ألف «عكاز»، يستيقظ فى السابعة صباحًا، تنشر الشمس النور على الأرض وهو ينشر النور فى العقول، يطيل المكوث بين كتبه المتراصة حتى الواحدة صباحًا، يكفيه أن ينظر إليها على الرفوف فتطمئن روحه، إنها حكاية عم عوض الرجل السبعينى الذى نشرت عنه «البوابة» فى صفحتها الأخيرة، فى أحد أعدادها، لم يكن الأمر عاديًا فى حياة عم عوض الذى انتصر على الجهل ببيع الكتب، وظل أسيرًا بين مئات الكتب التى وقع فى حبها.لم يمر الأمر مرور الكرام على سيدة إماراتية قدمت إلى مصر، قرأت قصة الرجل السبعيني، فبحثت عنه بين شوارع الدقي، وبين المكتبات من أجل أن تجلس وتعرف حكاية «عبدالغفور البرعي» فى عالم الكتب كما أطلقت عليه «البوابة»، يسرد عوض لـ«البوابة» أنه لم يكن يتوقع أن يقدم إليه أحد بعدما قرأ الموضوع، عندما جاءت أمامه السيدة الإماراتية وأخبرته أنها بحثت عنه بين بائعى الكتب من أجل أن تكتشف شخصيته التى وقعت فى غرام الروايات وحكايات بين صفحات الكتب، يكمل حديثه أن الأمر كان بالنسبة له أشبه بأحلام اليقظة أو فيلم عربي أحسن المخرج نهايته للجمهور بأن تكون ولا حكايات ألف ليلة وليلة.السيدة الإماراتية التى رفض عم عوض أن يتحدث عن حياتها سوى أنها شخصية ذات مكانة رفيعة، قامت بشراء مجموعة كبيرة من الكتب، ثم قدمت له مبلغًا ماليًا لم يكن يتوقعه، إلا أن إصرار عم عوض شكر «البوابة» جعله يتواصل مرة ثانية ليخبرنا أننا «فاتحة خير» بعد سبعين عامًا من العمر على حد قوله.