بدأ القادة اليونانيون أمس جولة اوروبية تهدف الى الحصول على تأييد اكبر عدد ممكن من البلدان ضد سياسات التقشف في مواجهة ألمانيا التي ما زالت متشددة، وذلك غداة تصريحاتهم التي سعوا فيها الى التهدئة. وكانت الحكومة اليونانية الجديدة سعت أول من أمس الى تخفيف التوتر مع الدائنين. وطلب رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس في بيان صدر عن مكتبه منحه مهلة مؤكداً انه «لا يسعى الى خلاف». وكما كرر خلال حملته، وعد زعيم حزب «سيريزا» اليساري المعارض للتقشف من جديد بعدم اتخاذ اي قرار «احادي الجانب» حول القضية الشائكة التي تمثلها ديون البلاد. واستبعدت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل مرة اخرى احتمال شطب اي ديون لأثينا. وقالت في مقابلة نشرت أول من أمس ان «بعض المانحين شطبوا بعض ديون اليونان طوعاً بينما خفضت مصارف بلايين اليورو من ديون اليونان». وأضافت مركل «لا اتوقع اي شطب جديد للدين» لليونان. وذهب رئيس البرلمان الأوروبي الألماني مارتن شولتز الى حد وصف موقف الحكومة اليونانية «باللامسؤول». وفي اسبانيا، حشد حزب «بوديموس» الإسباني المعادي لليبيرالية عشرات الآلاف من انصاره مدفوعاً بانتصار «سيريزا» في الانتخابات، ضد هذا الموقف المتشدد لبرلين. وفي اثينا حاول وزير المال يانيس فاروفاكيس اخماد الحريق الذي اشعله الجمعة بتصريحاته حول رغبة بلاده في التعامل المباشر مع الدائنين وهم الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، موضحاً ان اليونان لم تعد لديها «النية في التعاون» مع فريق «الترويكا» للتدقيق المالي. وفي مقابلة نشرت أمس في مجلة «تو فيما» اليونانية، حاول فاروفاكيس التخفيف من حدة تصريحاته. وقال انه «لا يريد اضاعة وقت الترويكا لأنها ليست مؤهلة» لمناقشة برنامج المساعدة البالغ 240 بليون يورو والذي وضع في 2010 من اجل اليونان. وهذا «المنطق» هو ما تريد اليونان اعادة التفاوض حوله عبر «عقد جديد» اوروبي بدءاً بشطب جزء على الأقل من ديونها البالغة 315 بليون يورو وتعادل 175 في المئة من اجمالي ناتجها المحلي. وستشاور اليونان شركة «لازارد» الفرنسية - الأميركية التي دعا نائب رئيسها في اوروبا ماتيو بيغاس علناً الجمعة الى شطب مئة بليون يورو من هذا الدين. ويريد تسيبراي وفاروفاكيس ان يدافعا ايضاً خلال جولتهما الأوروبية عن برنامج واسع للإنعاش من اعادة توظيف في مؤسسات الدولة الى زيادة الحد الأدنى للأجور ومساعدة العائلات الفقيرة ووقف عمليات التخصيص بما في ذلك مرفأ بيريوس الذي يرتدي طابعاً رمزياً كبيراً. والتقى فاروفاكيس في باريس وزير المال الفرنسي ميشيل سابان الذي عبر عن رغبته في أداء دور للتقريب بين ألمانيا واليونان، ثم وزير الاقتصاد ايمانيول ماكرون. وسيلتقي نظيره البريطاني جورج اوزبورن في لندن اليوم ثم نظيره الإيطالي في روما غداً. اما تسيبراس، فبدأ رحلته بقبرص أمس ثم يتوجه الى روما غداً وإلى باريس بعد غد. وحتى الآن لم يقرر الوزراء اليونانيون التوجه الى ألمانيا وما زال «حوار الطرشان» بين الجانبين مستمر عبر وسائل الإعلام. وأكد وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله في مقابلة أول من أمس «لو كنت سياسياً يونانياً مسؤولاً لما فتحت نقاشات حول تخفيف الدين». وألمانيا ليست وحيدة في موقفها. فقد اعرب رئيس وزراء البرتغال بيدرو باسوس كويلو كذلك عن معارضته لأي اعادة تفاوض على ديون اليونان. وقال انه يرفض «اي مؤتمر يقترح لإلغاء او اعادة هيكلة الدين». وفي برلين قالت مصادر ان دول البلطيق ايضاً تؤيد تبني موقف حازم حيال اليونان. وهذا الموقف الحازم لقي أول من أمس تأييد رئيس البنك المركزي الفنلندي ايريك ليكانين الذي يشغل أيضاً مقعداً في ادارة البنك المركزي الأوروبي. فقد ذكر بأن خطة مساعدة اليونان «تنتهي نهاية شباط (فبراير) لذلك يجب ايجاد حل وإلا لن نستطيع مواصلة الإقراض». وفي هذا التاريخ، يفترض ان تحصل اليونان على 7.2 بليون يورو (8.1 بليون دولار) من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي في حال نفّذت تعهداتها. الا انها لم تقم بأي خطوة في هذا الاتجاه. وأعلن وزير الاقتصاد جورج ستاثاكيس أول من أمس عن قانون ينص على «تخفيف كبير» لدين الفقراء «غير القادرين على تسديد قروضهم المصرفية» مع «معايير اجتماعية واضحة».
مشاركة :