في مواعيد كروية مثل المونديال، يكتب التاريخ وينجز فصلاً جديداً من قصة الملاحم، وينضم لخيمة العشق مولعون جدد، لذلك يبحث العين اليوم في نزال العمر أمام الأخطبوط اللاتيني ريفر بليت أيقونة الكرة الأرجنتينية، عن كتابة التاريخ بأن يكون أول نادٍ إماراتي يصل إلى نهائي المونديال، وثاني أندية العرب وصولاً إلى القمة المشرفة، على المجد الكوني، بعد الرجاء المغربي، وعن إنجاز فصل جديد في ملحمية وعالمية «البنفسج»، وتلقاء ذلك سيدخل إلى خيمة إبداعه عشاق جدد، ليس من الإماراتيين فحسب، ولكن من كافة ربوع الوطن العربي، ولماذا لا من مدن في العالم يسكنها المتيمون بالكرة الجميلة والعاشقون للأندية التي ترفع رأسها في حضرة العمالقة. كل هذه المشاعر تتنازع الفريق العيناوي بمكوناته كافة، لتجعل من مباراة اليوم أمام «المليونيرات» حدثاً كروياً تاريخياً، يستحيل أن يعبره العين، من دون أن يترك فيه بصمة أو أثراً. القصد هو أن فرسان العين ليسوا بحاجة إلى خطبة عصماء تستنفر قدراتهم، ولا يحتاجون إلى مؤطر ذهني يجعل عقارب أدمغتهم في نفس اتجاه الحلم، فالمباراة نفسها تشحذ الهمم وتستفز الملكات، وتجعل من الموت وقوفاً أجمل الأقدار، ولنا أن نتذكر نسخة العام الماضي لمونديال الأندية، عندما برع الجزيرة في كسر الطوق ليصل إلى المربع الذهبي، فما احتاج لقاؤه أمام الأسطورة ريال مدريد إلى تعبئة نفسية أو ما شابهها، لكي يوقع على مباراة بطولية، ما زلنا نذكر درجة الألم وقوة النزيف الذي ضرب «الملكي»، قبل أن يفوز، ويصل إلى النهائي الذي أهداه اللقب الثالث في تاريخه. لاعبو العين بحاجة فقط، إلى ما يزيدهم إيماناً بمقدراتهم الفنية والتكتيكية، الجماعية والفردية، إلى ما يعرفهم بالتضاريس الوعرة لنادي ريفر بليت، الذي يتقن جيداً مكر وخداع الكرة الحديثة، عندما يكون ضرورياً أن تفوز من دون أن تملك الكرة بنسب مئوية مرتفعة جداً، ومن دون أن تستحوذ وتناور بكل الأسلحة المتاحة اليوم، ولكن فقط بأن تكون ماهراً في صناعة الفرص التهديفية من لاشيء، وأن تتقن عملية تأديب الخصم على أخطائه. هذا الريفر الذي يقف اليوم فاصلاً بين العين وبين لحظة تاريخية طال انتظارها، ليس هو بالقطع لا الترجي التونسي ولا ولينجتون النيوزيلندي، فالفوارق في الشخصية والهوية والحذاقة الكروية كبيرة جداً، لدرجة أنها تعفينا من كل مقارنة، إلا أنني على ثقة من أن لاعبي العين، متى انضبطوا ومتى بلغوا درجات عالية في التركيز، ومتى استلهموا من روعة اللحظة ما يشجعهم على ركوب صهوة التحدي، أهدونا المباراة التي تزيدنا عشقاً بـ «البنفسج».
مشاركة :