كان للفنون والأهازيج الشعبية الإماراتية حضورها المميز على مدى أيام مهرجان الشيخ زايد التراثي بمنطقة الوثبة في أبوظبي، بما قدمته من عروض مستمرة تنافس فيها أبناء الإمارات في إبراز لمحة من موروثهم الشعبي، خصوصاً الفن التراثي العسكري والحربية والعيالة، التي تمارس في مختلف المناسبات الاجتماعية والوطنية. اهتمت الفرق الشعبية والعسكرية بتقديم عروض تراثية وموسيقية تحث على الولاء والانتماء للوطن، وذلك باستخدام الآلات الموسيقية القديمة منها «القرب» و«الطبول العربي»، و«الكأس النحاسي» و«المزمار»، إلى جانب أداء بعض الأشعار القديمة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وكذلك تأدية بعض الأغنيات الشهيرة لفناني الإمارات أبرزهم ميحد حمد. حب وفخر ولم تقتصر عروض الفرقة الموسيقية التراثية العسكرية على مكان بعينه في المهرجان، بل انتشر أبناء الإمارات في الساحات والأجنحة المختلفة للحدث التراثي، ليقدموا للجمهور هذا اللون الفريد من الفلكلور الإماراتي بأرديتهم البيضاء المشرقة، وحركاتهم الإيحائية المتناغمة، يتشارك في أدائها مختلف الأعمار، فنجد الأطفال إلى جانب الشباب والكبار يؤدون نفس الإيقاعات في حب وفخر بماضي الأقدمين بكافة أشكاله وفنونه، ويشارك في أداء الحربية صفان من الرجال يكونان متقابلين، وقد يرتفع العدد إلى 3 أو 4 صفوف بحسب عدد الرجال، ويقف بين صفوف الرجال، شاعر أو اثنان، ويقومان بإلقاء قصائد أو أبيات شعرية بالتبادل على هيئة محاورة شعرية تضفي أجواء الحماسة والفخر على العرض، وهناك أشعار مختلفة للحربية تبعاً للمناسبة التي تقام فيها. موروثات قديمة وعن مشاركة الفنون الموسيقية والتراثية والعسكرية في مهرجان الشيخ زايد التراثي، قال العميد سيف الشامسي، مدير المراسم والعلاقات، والمشرف العام على فعاليات الفرقة الموسيقية التابعة للقيادة العامة لشرطة أبوظبي: نشارك كل عام في هذا الحدث الثقافي التراثي الأبرز في أبوظبي والمنطقة، والذي يحمل اسماً غالياً على قلوب كل الإماراتيين، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، لافتاً إلى أن الفرقة تتخذ من المهرجان منصة لتقدم بعض الموروثات القديمة، والفنون البدوية الأصيلة، ولا يصاحبها أي إيقاعات موسيقية، بل قصائد شعرية مختلفة أكثرها يدور حول الحماسة، أو الغزل وتؤدي في كافة المناسبات الوطنية والاجتماعية، مثل استقبال كبار الضيوف أو في الأعراس، وغيرها من المناسبات السعيدة، ويحمل بعض المؤدين بنادق من الزمن القديم أو عصي من الزمن الحديث للمشاركة بها في هذا العرض البديع، الذي يتضمن أيضاً فنون الشعر النبطي. ووجه الشامسي شكره لإدارة المهرجان، التي تهتم سنوياً بإقامة فقرات فنية تراثية بشكل يومي ضمن فعاليات المهرجان المتنوعة، مشيداً في الوقت نفسه بالتطور الكبير الذي يشهده المهرجان كل عام من ناحية التصاميم والديكورات والأجنحة، وكذلك الفقرات الفنية والثقافية التي تجمع كل دول العالم عبر منصة واحدة. عرس تراثي من جهته، أوضح حميد سالم المعمري، مشرف الفرقة الموسيقية التابعة للقيادة العامة لشرطة أبوظبي، أن مشاركته في المهرجان يعدها واجباً وطنياً، حيث يفخر بالتعريف بتراث بلده من خلال هذه الفعاليات الفنية التراثية، التي جعلت المهرجان أشبه بعرس تراثي كبير، وقال: في السابق كانت الفرقة الموسيقية تتكون من 30 عارضاً، لكن هذا العام زاد مجموع العارضين ليصبح 50 عارضاً، لكي نقدم مجموعة مختلفة من الأعمال الفنية التراثية الأصيلة، التي تنوعت بين فريق المشاة وفريق التخت العربي القديم، وفريق إلقاء الشعر والأداء الغنائي، ما أسهم في رسم صورة باهرة عن الفرقة التراثية العسكرية، وجعلت منها نقطة جذب مهمة في مهرجان الشيخ زايد التراثي، معبراً عن سعادته، هو وأعضاء الفرقة، بتقديم هذه الرزفات إلى الجمهور الذي يتلقاها بسعادة غامرة، وهو ما يزيد من فرحتهم كأبناء الإمارات حين يروا أبناء الشعوب الأخرى يقبلون بحب واهتمام على مختلف ألوان تراث وثقافة الإمارات، ما يجعلهم يبذلون المزيد من الجهد من أجل إبراز هذا الموروث الغالي في أبهى صورة، سواء في مهرجان الشيخ زايد التراثي، أو غيره من المهرجانات. الرزفة وكانت الرزفة من أبرز الاستعراضات الإماراتية التي نالت استقطاباً كبيراً من قبل زوار مهرجان الشيخ زايد التراثي، وهي استعراض شعبي إماراتي، وأحد الفنون التقليدية التي يمارسها الرجال في مناسباتهم المختلفة كالأعراس والأعياد، وإلى غير ذلك من المناسبات السعيدة، حيث يجتمع الرجال لإقامة الرزفة بتكوين صفين متقابلين متوازيين، ثم تبدأ بعد ذلك شله الغناء، حيث يقوم أحد شعراء الرزفة البدوية بتلقين أحد الصفين نص شله الغناء شعراً، فيتلقفها ذلك الصف، ويقوم بترديد الشله شعراً ونغماً، أما الصف الآخر، فيردد ما يغنيه الصف الأول، بحيث يصبح غناء الشله متبادلاً بين الصف، ويستمر تبادل الغناء بين المشاركين في الشله من شعر، وعندما يتوقف الجميع يأخذون قسطاً من الراحة لتبدأ بعدها شله أخرى من شلات الرزفة· عُرس فني أشاد العديد من الزوار بالفعاليات الفنية، الإماراتية والعربية والعالمية، التي يقدمها مهرجان الشيخ زايد التراثي، والتي هي أشبه بكرنفال فني وعرس تراثي يؤديه مجموعة من الموسيقيين والعازفين المحترفين من كافة أنحاء العالم، حيث تذكر شيخة المنصوري أن المهرجان عبر من خلال فعالياته عن ثقافات الشعوب من خلال مسيرة الحضارات التي تقدم بصفة يومية، حيث تسير مجموعة من الفرق الموسيقية من كل دول العالم بين أرجاء وساحات المهرجان، يرتدون ملابسهم الشهيرة التي تعبر عن دولتهم، ويجولون المهرجان وسط الزوار وهم يقدمون معزوفاتهم وأهازيجهم التراثية الشعبية التي تعبر عن روح المهرجان الذي نجح في جمع مختلف حضارات العالم على أرض الإمارات. كما أبدت سعادتها بمشاهدة الفرق الإماراتية ومن أبرزها عروض الموسيقى التراثية العسكرية والرزفة، وهي تؤدي استعراضات شعبية تراثية، أظهرت العادات والتقاليد الإماراتية الأصيلة، والثقافة المحلية في أجواء من الفلكلور الشعبي والضيافة المتأصلة في الحضارة الإماراتية. وينوه حسن المرزوقي أنه يشعر بحالة من السعادة الغامرة، لاسيما أنه تمكن من التعرف عن قرب إلى ثقافات الشعوب المختلفة وحضاراتهم من مختلف مناطق العالم، من خلال الأجنحة الخاصة التي تم إنشاؤها خصيصاً لكل بلد، إلى جانب متابعته الدائمة للعروض الفنية الفلكلورية والتراثية الإماراتية التي تعبر عما يحمله شعب الإمارات للقيادة من حب ووفاء، من خلال الأهازيج الوطنية والتراثية، بما يعكس تنوع وثراء الموروث الثقافي والشعبي لأبناء الإمارات. عصي وبنادق يمسك المشاركون في الرزفة بعصي من الخيزران، أو قد يمسكون ببنادق أو سيوف يركزونها على الأرض، ويحركون رؤوسهم أعلى، وإلى أسفل في إيماءات متوالية، وثنيات خفيفة من الجزء الأعلى من الجسم، وقد يضعون هذه العصي على أكتافهم، ويقومون بالحركات السابقة نفسها، أما حركة الرازفين بين الصفين فهي حركة طليقة، فهم يجولون في الساحة بين الصفين يحمل كل واحد منهم سيفه أو بندقيته أو نصل خنجره، في خطوات ثابتة يستعرضون برمي سيفه أو بندقيته عالياً في الهواء ليتلقفها مرة أخرى قبل أن تسقط على الأرض، أو قد يقوم أحدهم برفع بندقيته عالياً ويلفها بين يديه، بحيث ترسم دائرة كاملة في الهواء، إضافة إلى استعراضات أخرى بالأسلحة·
مشاركة :