أكد الدكتور ماجد بن عبدالله الهديان المتخصص في قانون الاستثمار الأجنبي، أهمية إعلان الميزانية العامة للدولة (1440 – 1441هـ). وقال لـ "سبق": على الرغم من استمرار التوترات الدولية والإقليمية التي تسببت في تردي الأوضاع الاقتصادية عالميًا وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط؛ مما جعلها محفزة إلى دعم ارتفاع أسعار النفط في الفترة القادمة خصوصًا أن المخزونات النفطية مرتفعة وستستغرق بعض الوقت لتصفيتها، وفي ظل توقع حذر يؤدي إلى زيادة أسعار النفط تدريجيًا في السنوات القليلة القادمة مع انتهاج منظمة الأوبك سياسة خفض الإنتاج، يُلمس في مؤشرات قياس الأداء من تنامي مشروعات الاستثمارات الوطنية والأجنبية المباشرة حاليًا في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية. وأضاف: ومن هنا أدركت الحكومة الرشيدة دورها، حيث ستواصل تلبية طلب عملائها على النفط؛ وعلى الرغم من كون النفط يعد المصدر الوحيد للموازنة العامة خلال السنوات الماضية ولم يحقق الهدف المنشود في تحقيق التنمية المستهدفة، إلا أن الحكومة الرشيدة بدأت تحولاً جوهريًا في سياساتها الاقتصادية الحصيفة لمواجهة أسعار النفط المنخفضة؛ واستحدثت سلسلة من الإصلاحات على مدار العام الماضي، كما وضعت أخيرًا خططًا جريئة وطموحة تؤكد متانة الاقتصاد السعودي لمواجهة التحديات في ظل "رؤية المملكة 2030". وبين الدكتور الهديان: "اتسمت السياسة الاقتصادية المعلنة لكي تساعد في تحقيق أهداف الرؤية ضمن سلسلة من الخطط على مستوى السياسات الاقتصادية العامة بهدف تعزيز مقومات التنمية وفق رؤية إصلاحية شاملة لبرامج تنفيذية لتحقيق الأولويات القائمة على شراكة القطاعين العام والخاص والقطاع غير الربحي في ظل آليات التكامل والتنسيق بين مختلف الجهات العامة والخاصة؛ وتعزيز الشفافية وكفاءة الإنفاق المالي العام وتكريس النزاهة، كما وضعت برامج لضمان الدقة في التنفيذ لبنود الميزانية وتقييم الأداء الحكومي وفق البنود المعلنة في بيانات الميزانية العامة. وقال: من أهم أولويات السياسة الاقتصادية الطموحة التي أعلنت في ثنايا محاور الميزانية العامة للعام المالي 2019م: تنويع مصادر الدخل؛ والتوجه نحو الاقتصاد المعرفي، وإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين في القطاع الخاص، فمن المخطط له إقامة مزيد من مشروعات الاستثمارات الوطنية والأجنبية في مختلف مناطق المملكة، حيث تؤكد قراءة بيانات الميزانية حرص الحكومة الرشيدة على تحفيز القطاع الخاص كشريك استراتيجي في التنمية الشاملة حيث رصدت مبلغ (200) مليار ريال ليتمكن من المشاركة في مشروعات التنمية التحتية وتحسين الخدمات بغية تحقيق جودة الحياة للمواطن. وزاد: هذا يمثل رسالة صريحة لجذب وتشجيع الاستثمارات الوطنية والأجنبية مما يلقي العبء الأكبر على القطاع الخاص لكي يكون محفزًا لاستقطاب الكفاءات البشرية التي تعد أهم موارد التنمية الوطنية. وتابع: من مؤشرات إعلان الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2019م؛ أكدت الحكومة الرشيدة التزامها بتنفيذ الإصلاحات لتحقيق الأهداف المتوخاة في "رؤية المملكة 2030 م" وعزمها على إحداث تحول في الاقتصاد الوطني من خلال زيادة الإنفاق الحكومي؛ ومنح الأولوية للمشروعات التنموية، وتطبيق فاعل لمؤشرات قياس أداء الجهات الحكومية لضمان تعزيز إدارة الاستثمارات العامة وفق منهجية اقتصادية تحقق أهداف الرؤية. وأردف: ومن شأن الأهداف الواردة في "برنامج التحول الوطني" وغيرها من خطط السياسات المستقبلية التي تدعم الرؤية توسيع نطاق هذه الإصلاحات الجارية وتعميقها وتبسيط عملية صنع القرار وتعزيز آليات المساءلة في مختلف الجهات الحكومية لدعم عملية الإصلاح الاقتصادي المنشود والعمل لإيجاد ميزانية متوازنة لتحقيق هذا الهدف من خلال الجمع بين إصلاح النفقات والإيرادات، وذلك بدوره يؤدي إلى تحسين أداء برنامج كفاءة الإنفاق العام. وأكمل: التوجه نحو النشر الدوري (ربع سنوي) لبيانات أكثر تفصيلاً عن تحليل الميزانية العامة وأوجه الصرف، وهذا من شأنه دعم الشفافية والمساءلة؛ وإعلان الميزانية العامة للعام المالي 2019م، يُمثل نقلة نوعية في حجم المشروعات التنموية التي صاحبت إعلان ميزانية هذا العام عن سابقاتها، حيث بلغت الميزانية العامة (1106) مليارات ريال؛ وتخفيض العجز إلى (131) مليار ريال، في ظل زيادة الإنفاق بنسبة (7 %) مقارنة عن العام 2018م. وتقدر الإيرادات بزيادة بلغت بـ (9 %) مقارنة بالعام 2018م، وهذا يؤكد متانة الاقتصاد السعودي ونجاعة الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة الرشيدة خلال الأعوام الماضية، ويعطي مؤشرات إيجابية على الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية في ظل توجه في السياسة الاقتصادية نحو زيادة الإيرادات غير النفطية. وأوضح: هذه الميزانية الاستثنائية تؤكد تمتع المملكة بمناخ استثماري جاذب لإقامة مشروعات التنمية الشاملة من خلال الاستثمار الوطني والأجنبي وبالتالي زيادة العوائد غير النفطية والبعد عن هيمنة النفط ومخاطر تذبذب أسعاره، وستنعكس مخرجات الميزانية على تحسين جودة الخدمات التي تقدم للمواطن في ظل توجه نحو تطوير القطاعات التنموية الخدمية مع التزام تام ببرنامج كفاءة الإنفاق الحكومي.
مشاركة :