داهمت الشرطة الألمانية مسجداً في العاصمة الألمانية برلين بعد الاشتباه بتمويل إمام المسجد لمتطرفين في سوريا. ولم تلقِ الشرطة القبض على الإمام المعروف «بأبو البراء» واسمه الحقيقي (أحمد. أ)، ولكنها استحوذت على أجهزة كومبيوتر وهواتف ذكية ونواقل بيانات واتصالات (يو إس بي). وقال متحدث باسم الشرطة إنه سيتم التحقيق في الأدلة وتقييمها. وأعلن مكتب الادعاء الألماني في ولاية برلين في تغريدات على «تويتر» أنه: «منذ ساعات الصباح الباكر، داهمت الشرطة أبنية من بينها مسجد الصحابة في منطقة فيدينغ بحثاً عن أدلة تتعلق بتمويل الإرهاب». وأضاف في تغريدة ثانية أنه يشتبه بأن «(أحمد. أ) البالغ من العمر 45 عاماً، وهو إمام المسجد ويعرف باسم (أبو البراء)، يموّل مقاتلين متطرفين في سوريا بهدف الاستحواذ على أدوات لاستخدامها لأهداف إرهابية». وأوضحت أن النقود أُنفقت للحصول على مواد متفجرة استُخدمت في هجوم إرهابي، دون أن تذكر مزيدا من التفاصيل. وشارك الوحدات الخاصة في المداهمات التي طالت أيضاً مسكن شخص آخر من المسجد، نحو 100 شرطي ومحقق. ولم يعلق «أبو البراء»، وهو إمام ألماني من أصول فلسطينية، على مداهمة المسجد. ويعد «أبو البراء» من الأئمة المتهمين بالتطرف، وكان قد قال في إحدى الخطب إن على النساء ألا يخرجن وحدهن وإنه يفضّل ألا يرتدن المساجد كذلك والصلاة في المنزل عوضاً عن ذلك. ويعتبر أبو البراء جاذباً للأئمة المتشددين في أنحاء ألمانيا، وهو يدير جلسات حوار في مدن مختلفة في ولايات نورث راين وساكسونيا السفلى وبادن فاتنبيرغ وغيرها. ويعد مسجد «الصحابة» واحداً من 3 مساجد في برلين يتردد عليها المتطرفون، من بينها مسجد «النور» في نويكولن، و«إبراهيم الخليل» في تامبلهوف. وتخضع هذه المساجد الثلاثة لمراقبة هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية). وينظم المسجد أيضاً ندوات ودورات لأئمة من بون ولايبزيغ لنشر الأفكار المتشددة. وتردد على المسجد أنيس العامري، التونسي الذي نفّذ عملية إرهابية على سوق للميلاد قبل عامين. وكان العامري يتردد بشكل أساسي على مسجد في منطقة موابيت، تم إغلاقه نهاية عام 2017. وحسب صحيفة «تاغس شبيغل»، فقد جاءت المداهمة بعد أن حوّل «أبو البراء» نقوداً بقيمة 500 يورو إلى مقاتل في سوريا عبر «ويسترن يونيون». ولم تتضح هوية الشخص الذي تلقى الأموال بعد. وعثرت الشرطة كذلك خلال المداهمات، حسب الصحيفة، على 15 ألف يورو نقداً. وذكرت أن هذا الأمر «مثير للاستغراب، لأن أبو البراء يعيش من المساعدات الاجتماعية»، التي تقدمها الدولة. وفي يوليو (تموز) الماضي، قُتل مؤسس المسجد رضا صيام، في مدينة الموصل العراقية في أثناء قتاله إلى جانب «داعش». ونقلت صحيفة «تاغس شبيغل» أن صيام، وهو من أصول مصرية، كان من بين القيادات غير الرسمية في مسجد «الصحابة» في فيدينغ. وقد أسس المسجد عام 2010، إلا أنه غادر بعد عامين في 2012، وقيل إنه انضم إلى «داعش» في سوريا، ولاحقاً ظهر كـ«مسؤول مجلس التعليم في (داعش)» وبقيت زوجته مع أولاده في ألمانيا طوال هذه الفترة. وانتهى عقد إيجار مسجد «الصحابة» في فيدينغ في يوليو الماضي، وكان القيمون عليه يخططون لنقله إلى منطقة أخرى وتوسيعه بعد الحصول على التمويل الضروري. ولكن يبدو أن الانتقال جرى تأخيره بضعة أشهر ريثما يتم الحصول على الرخص الضرورية من البلدية أو جمع الأموال الضرورية. وما زال المسجد في الوقت الحالي في شارع تورفشتراسه في منطقة فيدينغ ببرلين. وفي تقرير الصيف الماضي، ذكرت هيئة حماية الدستور أن أعداد المتطرفين يتزايد في برلين، وحددت نحو 1000 متشدد 460 منهم لديهم نزعة للعنف. وارتفعت هذه الأرقام مقارنةً بالعام 2016 حين حددت المخابرات الداخلية حينها أعداد المتطرفين في برلين بـ840 شخصاً بينهم 380 لديهم نزعة للعنف. ووفقاً لبيانات السلطات الألمانية، فإن مسجد «الصحابة» يعتبر أيضاً ملتقى للمهتمين بالآيديولوجية المتطرفة حتى من خارج برلين، حيث يتضح ذلك من الندوات والدورات التدريبية التي يشارك فيها دعاة من مدينتي بون ولايبتسيج. وجاء في تقرير هيئة حماية الدستور: «في المعتاد يراعي الدعاة في محاضراتهم ألا تؤدي تصريحاتهم إلى عقوبات من جانب الدولة. ورغم ذلك تمثل هذه الندوات مشكلة؛ لأنها تقدم إطاراً لتشكيل الجماعات والتأثير بأفكار متطرفة من جانب محاضرين يتمتعون بكاريزما في الغالب».
مشاركة :