في تاريخ الشعوب والمجتمعات محطات مضيئة تسترشد بها الأجيال لمستقبلها، وتقف عندها لتأخذ منها الدروس والعبر، ومن المحطات الأساسية في هذا الوطن هي التي سطّرها جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مع توليه مقاليد الحكم في العام 1999م كبشائر للخير حين تحدث عن الأيام الجميلة القادمة، وها هي واقع مشاهد في فصول هذا المجتمع، مكاناً وزماناً. مع بداية دور الإنعقاد الأول من الفصل التشريعي الخامس للمجلسين (النواب والشورى) وضع جلالته عبر خطابة السامي مساء الأربعاء (12 ديسمبر) خارطة الطريق للمرحلة القادمة 2018-2022م، وهي فصل من فصول الإصلاح الشامل الذي توافق عليها أبناء هذا الوطن في فبراير 2001م، وقد تناول جلالته في خطابه السامي الملفات الأساسية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والرياضية وغيرها، ضمن مفهوم الأسرة الواحدة، والخصوصية البحرينية مع التمسك بالقيم والمبادئ التي نشأ عليها أبناء هذا الوطن؛ سعياً لتعزيز الديمقراطية والعدالة والتعددية والحرية وحقوق الإنسان كأسس للدولة المدنية الحديثة!! لقد أكد جلالته على مواصلة مسيرة الوحدة الوطنية لتحقيق الإزدهار والرفعة والتقدم والاستقرار، وأن تلك الجهود تأتي لتنفيذ (رؤية إصلاحية وحداثية تنبعث من واقعنا البحريني)، ورغم أنها تجربة حديثة (وعمرها الفتي) مقارنة تجارب الكثير من الدول إلا أنها قد حققت الانجازات المتميزة بمضومنها وتطلعاتها. لقد جاء الخطاب السامي لجلالة الملك المفدى بتواجد أعضاء مجلس النواب والشورى والوزراء ورجال الأعلام ليؤكد على مجموعة من الأهداف المنشودة لتحقيق الأمن والاستقرار والرفاهية لأبناء هذا الوطن، وقد جاءت الإشادة الملكية إلى الفعاليات المجتمعية وإسهاماتها، وهي إشادة للعطاء المتواصل في بناء الدولة الحديثة (البحرين) ومنها: أولاً: الاقتصاد البحريني، فقد تضمن الخطاب السامي الإشارة إلى تنويع مصادر الداخل ودعم الإصلاحات الاقتصادية ومنها التوازن المالي وإشراك القطاع التجاري في المشاريع، كل ذلك لتعزيز أمن واستقرار الوطن، وهي مسؤلية مشتركة تتحملها السلطة التشريعية والتنفيذية والقطاع الخاص وغرفة تجارة وصناعة البحرين. ثانياً: الانتخابات الحرة المباشرة: لقد أعرب جلالته عن ارتياحه لما شاهده من انتخابات وطنية عكست الرغبة الصادقة من أبناء هذا الوطن في بناء دولتهم، وأن المشاركة في التصويت دليل على (متانة التجربة الديمقراطية وصلابة الإرادة الشعبية المتطلعة لخير البحرين)، وقد جاءت النتائج لتؤكد على وعي وإدراك الناخبين لمسئولياتهم حتى بلغت نسبة التصويت 67%. ثالثاً: كبار السن والمسئولية الوطنية، لقد أثبت أبناء هذا الوطن انتمائهم وولاءهم واعتزازهم بالمكاسب التي تحققت خلال السنوات الثمانية عشر، والمقدر في هذا الأمر هو تدافع كبار السن للتصويت، فقد كان كبار السن ومن تجاوز المائة عام يسيرون للمشاركة في اتجاه مراكز الاقتراع للتصويت، وقد جاءت الإشادة الملكية والتكريم تقديراً لدورهم المشرف ومواقفهم المشهدوة، وقد جاء الشكر الملكي لهم: (وأعانهم الله على تلبية واجبهم بروحهم الوطنية الشابة، شاكرين لهم هذا الحرص المعبر عن إرادتهم الصلبة، فجاءت مشاركتهم خير نموذج لالتزام المواطن البحريني في إدارة شأن وطنه)، وقد منحهم جلالته (وسام البحرين) تقديراً وعرفاناً لتواجدهم ومشاركتهم في العرس الديمقراطي. رابعاً: المرأة وتضحياتها ومسئولياتها: فقد أشاد جلالة الملك المفدى في خطابه السامي بدور المرأة ومكانتها وتضحياتها، فقد اعتبر جلالة الملك وصول المرأة لقبة البرلمان (حدثًا تاريخيًا وإنجازًا وطنيًا كبيرًا)، وأنها بصبرها ومثابرتها استطاعت تحقيق النتائج الباهرة في الانتخابات الأخيرة (النيابي 6 عضوات، والبلديات 4 عضوات)، وذلك بجهدها وعطائها دون منّة من أحد، فقد رفضت المرأة مشروع الكوتا أو المحاصصة، ورفضت كذلك أن تنال عطف الجمعيات السياسية لتتفضل عليها بإدراج اسمها في قوائمها!، لأن إيمانها بقدرتها على تقديم النموذج النسوي هو الذي حقق لها هذا المكسب الديمقراطي، فدخولها المجالس المنتخبة كان بجهدها وحدها، ويعود الفضل بعد الله تعالى إلى المجلس الأعلى للمرأة الذي قدم لها النصائح والإرشادات لتمكينها! خامساً: الرياضة والشباب وعام الذهب، وقد تحقق هذا الحلم بجهود سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة الذي نال الميدالية الذهبية في الأنجاز العالمي، وسار أبناء هذا الوطن على هذه الخطى الثابتة الواثقة لتحقق أعلى نسبة من الميداليات الذهبية (197 ذهبية، 158 فضية، 135 برونزية)، فكانت الإشادة الملكية لكل الرياضيين بما حققوه في هذه الفترة الوجيزة. إن الخطاب الملكي السامي قد جاء ليعطي المشروع الإصلاحي دفعة جديدة من العمل الوطني، فكل فرد في هذا الوطن يتحمل المسئولية لمواصلة مسيرة العمل والبناء، ومسيرة الإصلاح والإنجاز، كل ذلك من أجل تحقيق التنمية المستدامة، بروح وطنية مخلصة لا تعمل إلا من أجل تحقيق المراكز الأولى. لقد جاء الخطاب الملك السامي ليؤكد على استمرار العملية الإصلاحية المتجددة باستمرار، محافظة على النهج القويم والاستراتيجيات الحكيمة والخطط التي تهدف لتحديث مؤسسات الدولة ووزاراتها، فهذا هذا المجتمع قائم على أسس من التآلف والمحبة، وقيم التعايش والتسامح، وهي أسس وقيم متمسك بها المجتمع البحريني من القديم، ولكنها اليوم تتجدد مع كلمات جلالة الملك المفدى الذي يعزز هذه الكلمات بأفعال يراها المواطن والمقيم والزائر حتى اصبحت البحرين أنموذجًا للتعايش السلمي والتسامح الجتمعي.
مشاركة :