ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأحد ان القيادة العسكرية لحلف شمال الاطلسي ومسؤولين في الادارة الاميركية يبحثون تأييد ارسال أسلحة دفاعية الى القوات الأوكرانية التي تقاتل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا. ونقلت الصحيفة ان الرئيس باراك أوباما لم يتخذ حتى الآن قراراً في شأن إرسال "مساعدة فتاكة"، لكن إدارته تناقش الموضوع بسبب تصاعد وتيرة المعارك بين كييف والانفصاليين. وأضافت ان قائد قوات الحلف الاطلسي الجنرال الاميركي فيليب بريدلوف يؤيد ارسال اسلحة دفاعية الى القوات الأوكرانية وان وزير الخارجية يبدي انفتاحاً على مناقشة هذا الامر. واتهمت الولايات المتحدة روسيا بخوض حرب بالواسطة في أوكرانيا، لكنها امتنعت حتى الان عن تسليح سلطات كييف. ويكتفي البيت الابيض بتقديم مساعدة "غير فتاكة" تشمل سترات واقية للرصاص وتجهيزات طبية ورادارات لرصد اطلاق قذائف الهاون. وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي الاميركي برناديت ميهان للصحيفة "رغم اننا لا نزال نركز على السعي الى حل عبر الوسائل الدبلوماسية، فاننا نقيم على الدوام خيارات اخرى بهدف تأمين مساحة من اجل حل تفاوضي للأزمة". واوردت الصحيفة ان رئيس اركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي يبدي بدوره انفتاحاً على مشاورات جديدة، ومثله سوزان رايس مستشارة أوباما للمسائل الأمنية. وأكدت ان تقريراً سينشر قريباً سيحض واشنطن على تزويد أوكرانيا اسلحة دفاعية ومعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تشمل طائرات استطلاع من دون طيار وصواريخ مضادة للدبابات. ميدانياً، أعلنت مصادر من أطراف النزاع في شرق أوكرانيا عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصا إثر حدوث معارك هناك، وذلك بعد فشل مباحثات السلام بشأن الأزمة الأوكرانية. وأضافت المصادر أن 13 مدنيا على الأقل لقوا حتفهم في معاقل الانفصاليين في منطقتي دونيتسك ولوهانسك، فضلا عن إصابة نحو 50 آخرين. وحمل الانفصاليون المتمردون وحدات الحكومة الأوكرانية مسؤولية سقوط القتلى. وأعلن المتحدث باسم الانفصاليين إدوارد باسورين عن سقوط سبعة قتلى و23 جريحا بين صفوفهم. وبالمقابل، أوضح متحدث باسم الجيش الأوكراني في كييف أن ما لا يقل عن خمسة جنود لقوا حتفهم إثر المعارك الناشبة في شرق أوكرانيا، فضلا عن إصابة 29 آخرين. وأعلن قائد الانفصاليين ألكسندر زاخارشينكو عن اجراءات تعبئة للقوات في منطقة دونباس، وقال إنه من المقرر أن يتم تسليح مئة ألف مقاتل جديد في المنطقة خلال الأسبوع القادم. وعلى جانب آخر أظهر استطلاع حديث تم إجراؤه في روسيا أن عدد المواطنين الروس الذين يتخوفون من حدوث تصعيد جديد في الأزمة الأوكرانية يزداد بصورة مستمرة. وأوضح معهد " فيتسيوم" لأبحاث الرأي، الذي اجرى الاستطلاع، أن عدد المواطنين الذين يعتبرون إمكانية حدوث حرب بين روسيا وأوكرانيا أمراً "محتملاً للغاية" ارتفع في غضون ثلاثة أشهر من 17 بالمئة إلى 26 بالمئة. وأضاف المعهد أن عشرة بالمئة من المواطنين الذين شاركوا في الاستطلاع والبالغ عددهم 1600 شخص تقريباً، يعتبرون أن هناك حرباً أهلية جارية حالياً بالفعل. ويتذكر المراقبون دعوة هيلاري كلينتون لروسيا عام 2009 بالانطلاق بالعلاقات بين البلدين من الصفر لبدء حقبة جديدة، لم يتم إحراز الكثير من التقدم، وهو ما يشهد عليه الفتور المخيم بين موسكو والغرب الذي لم يعد يدري كيف يتعامل مع فلاديمير بوتين. وترى الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي خلف النزاع في أوكرانيا الذي تسبب بسقوط 5100 قتيل خلال تسعة اشهر، عودة للنزعة الامبريالية الروسية التي تبعث لدى البعض مخاوف من اشتعال الوضع في هذا البلد الذي يعتبر مفصلا بين روسيا وباقي اوروبا. وتتهم واشنطن وحلفاؤها موسكو بتأجيج الوضع في أوكرانيا من خلال تجهيز ودعم الانفصاليين الموالين لروسيا، وبالتالي فان التوصل الى توافق مع اكبر بلد في العالم يطرح معضلة حقيقية. وما يزيد من صعوبة التحدي بحسب ما اوضح وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر الاسبوع الماضي انه يتحتم على الولايات المتحدة ان تترك لروسيا إمكانية لإيجاد مكانة لها "بشكل مستديم" في صفوف الأسرة الدولية حيث هي "مدعوة للعب دور أساسي". والواقع ان موسكو تبقى في عالم متعدد الاقطاب لاعباً من الصف الاول وهي تقيم علاقات مميزة سواء مع دول من الشرق الاوسط او مع بلدان ناشئة من اميركا اللاتينية. وقال نائب رئيس الوزراء السلوفاكي ميروسلاف لايكاك الجمعة امام مركز دراسات في واشنطن "اننا بنظر البعض عند مشارف حقبة جديدة يطلقون عليها اسم حقبة ما بعد الحرب الباردة". ومن الاساسي برأيه التفكير ملياً في "هذه الحقبة الجديدة ومكانة روسيا ومكانتنا في هذه الحقبة الجديدة، وخصوصا ما سنفعله من اجل الوصول اليها". ويراهن الغرب في الوقت الحاضر على العقوبات الاقتصادية على امل ان يثير تدهور الروبل وهروب الرساميل نقمة على السلطة. وقالت فيكتوريا نولاند مساعدة وزير الخارجية الاميركي للشؤون الاوروبية مؤخراً "تجري تساؤلات مرة جديدة حول جميع الطاولات في روسيا حول ما يجعل الحكومة (الروسية) تفضل المغامرات في الخارج على رفاهية مواطنيها ومستوى معيشتهم". لكن فيونا هيل مديرة قسم الولايات المتحدة واوروبا في معهد بروكينغز ترى ان الغرب يخطئ ان كان يعتبر الاستراتيجية الامثل تقضي بالانتظار الى ان تأتي العقوبات بمفعولها. وقالت لوكالة الأنباء الفرنسية انه بين موسكو والغرب "نشهد منازلة لمعرفة من سيصمد اطول، هذا كل ما في الامر. وبوتين لن يتراجع". واضافت ان "المعضلة الحقيقية تكمن في وقف النزاع الجاري في أوكرانيا مع تفادي الدخول في علاقة خلافية بشكل متزايد مع بوتين". وفي هذا السياق يتم طرح بوادر سياسات كتلك التي اقترحتها وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني في وثيقة تمهيدية تم "تسريبها" في الصحافة وشرحت فيها قبل عشرة ايام انه ينبغي طرح مسالة القرم جانباً والتفكير في شكل الحوار الذي ينبغي اعتماده مع موسكو. وقالت خلال زيارة لواشنطن "ان سياستنا القائمة على عدم الاقرار بضم القرم ثابتة. لا ننسَ ذلك في أي من الأحوال". لكنها اقرت في المقابل بانه "من السذاجة ان نعتبر ان روسيا ستختفي بكل بساطة عن الساحة". واوضحت ان "روسيا جارتنا لانه لا يسعنا شيئا حيال الجغرافيا. كيف نتعامل اليوم مع هذا الجار في وقت نواجه نزاعاً وماذا نفعل بعد سنتين أو خمس سنوات أو عشر سنوات؟". ويلتقي وزير الخارجية جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف في نهاية الاسبوع المقبل على هامش مؤتمر الأمن في ميونيخ بعد محطة الخميس في كييف. وفي مؤشر الى التوتر بين الوزيرين نفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جنيفر بساكي معلومات اوردتها صحيفة كومرسانت الروسية تفيد عن زيارة لكيري الى روسيا قبل التوجه الى كييف.
مشاركة :