تحرص دولة الإمارات العربية المتحدة على لعب دورها الريادي في مواصلة العمل على استمرار الدور الحضاري للأمة العربية، وذلك من خلال تثمين تراثها والاهتمام بميراثها الفكري والحفاظ على هويتها من الضياع. وبما أن اللغة العربية هي الوعاء الحاضن للموروث العربي بكل جوانبه النقلية والعقلية، واللسان الذي تخاطب به الأمم، يظل الحفاظ عليها من الضياع والضعف والعمل على تقويتها، أحد أجلّ الأعمال وأعظم الإنجازات التي يمكن أن يقوم بها الناطقون باللغة العربية، خاصة في ظل مواجهتها اليوم للعديد من التحديات، والتي ليس أقلها تراجع نسبة الناطقين بها داخل الفضاء العربي نفسه، مقابل تصاعد الاهتمام باللغات الأجنبية وارتفاع نسبة المتحدثين بها، فضلاً عن انحسار انتشار اللغة العربية على المستوى العالمي في مجال إنتاج المعرفة في مجالات العلوم والإبداع، بعد أن ظلت لقرون عديدة لغة العلم والثقافة والتقدم. وانطلاقاً، من هذا الواقع وما بات يترتب عليه من تداعيات سلبية على مستقبل الهوية العربية نفسها، أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة على عاتقها مهمة النهوض باللغة العربية، فتبنت العديد من المبادرات التي أسهمت خلال السنوات الأخيرة في إعطاء دفعة قوية للغة العربية، ما أسهم في استعادة رونقها وألقها وإعادة لفت الانتباه إلى جماليتها التي عرفت بها عبر العصور. وذلك بدءاً من وضع «ميثاق اللغة العربية» إلى الإعلان عن المجلس الاستشاري للغة العربية، وانعقاد المؤتمر السنوي للغة العربية، وفرض استخدامها في المعاملات الرسمية، ومروراً بإطلاق برنامج أمير الشعراء -الذي بات مناسبة سنوية لاستقطاب مئات الشعراء العرب المبدعين- وإطلاق مسابقة تحدي القراءة العربي -والتي باتت ورشة لتفريخ المبدعين العرب الصغار في مجال البيان وفصاحة اللسان وقوة السليقة- وانتهاء بتبني استراتيجيات القراءة بمبادراتها المختلفة داخل دولة الإمارات، والتي بدأت هي الأخرى تترسخ كعادة يومية ونشاط مستمر لدى الأفراد والمؤسسات داخل الدولة من خلال المسابقات المدرسية والتعليمية وغير ذلك. وقد قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، «في اليوم العالمي للغة العربية، تحتفي الإمارات مع العالم بهذه اللغة الخالدة دراسةً وبحثاً، عبر سياسات حكومية وثقافية متجددة»، مضيفاً: «لدينا أجندة وطنية للغة العربية، ووجّهنا بعمل المزيد من الدراسات والمبادرات لترسيخها لغة للحياة». كما واصلت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة مواكبتها لكل الخطوات الهادفة إلى إعادة مكانة اللغة العربية إلى سابق عهدها، وذلك بتجديد دعم المبادرات ومواصلة احتضانها، وهو ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، خلال استقباله أعضاء لجنة مسابقة «أمير الشعراء»، التي تنظمها لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، حيث قال سموه: «إن للشعر دوراً مهماً في ترسيخ القيم العربية الأصيلة وإبرازها.. وإن العالم يحتفي اليوم باللغة العربية باعتبارها إحدى اللغات الرئيسة العالمية، بما تملكه من حضور وفصاحة وبلاغة وبيان»، مشيراً سموه إلى أهمية حماية اللغة العربية، والنهوض بها وتعزيز حضورها في المبادرات والمشاريع الثقافية الرائدة، والتي من بينها برنامج «أمير الشعراء»، باعتبار اللغة المكون الرئيس لهويتنا وثقافتنا العربية الأصيلة. إن احتفال العالم باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام، يمثل حدثاً بارزاً بالنسبة لكل المتحدثين بها في العالم، لأن لغة الضاد هوية قبل أن تكون أداة تواصل، ومعيار للانتماء الثقافي ورمز للخصوصية، وحاضن حيوي لإرث فكري وأدبي نافست به الأمة، وورثته لأمم نهضت به وتطورت. ولذا يعتبر احتفاء دولة الإمارات بهذا اليوم، احتفاء بالهوية والتاريخ والمستقبل. ولعل أبلغ ترجمة لذلك ما أكده صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عندما قال في وقت سابق إن «اللغة العربية هي قلب الهوية الوطنية ودرعها، وروح الأمة وعنصر أصالتها ووعاء فكرها وتراثها». عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :