صلة الرحم وطول العمر

  • 12/21/2018
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

د. عارف الشيخ ورد في أحاديث صحيحة في «البخاري ومسلم» عن الرسول صلى الله عليه وسلم «من سره أن يبسط له في رزقه أو أن يُنسأ له في أثره فليصل رحمه»، والحديث صحيح، ومعنى ينسأ له في أثره أن يزاد في عمره.وربما يقول بعض الناس: كيف يزيد عمره والعمر أمر مقطوع به بدليل قوله تعالى: «فإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون» الآية ٤٩ من سورة يونس» وكما ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: «اعملوا فكلٌّ ميسّر لما خلق له، فمن كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة ومن كان من أهل الشقاوة فييسر لعمل أهل الشقاوة».نعم.. هذا هو الأصل لكن لا ننسى أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فقس عليه عمرك الذي إن قضيته في طاعة الرحمن بارك الله فيه ونفعك به وسلمت من الأمراض والمصائب.وإن قضيته في معاصي الله واتبعت الشيطان في إغواءاته تدافعت عليك الأمراض وابتليت بالمصائب التي تكلفك مادياً وصحياً، ومن ثم لم تنتفع بعمرك ولا بوقتك فمت بنتيجة ابتلاءاتك.فالأخذ بالأسباب لا ينافي ما في اللوح المحفوظ الذي يتعلق بما ورد في الحديث بأن الجنين في بطن أمه بعد إكماله أربعة أشهر يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد.ومما يدل على فضل صلة الرحم الحديث القدسي الذي رواه عبد الرحمن بن عوف قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله عز وجل: أنا الله وأنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته».ومما يدل على أن صلة الأرحام أفضل الأعمال وأنها سبب من أسباب البركة في العمر والسعة في الرزق، حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتصفح عمَّن شتمك».ويقول الدكتور محمد راتب النابلسي استاذ الإعجاز العلمي في القرآن الكريم: «الحقيقة أن العمر لا يطول لأن لكل إنسان أجلاً لا يزيد ولا ينقص كما ورد في الآية الكريمة، لكن هناك دكانان يفتحان الساعة التاسعة صباحا ويغلقان التاسعة مساء بلا زيادة ولا نقصان ونجد الغلة مختلفة لماذا؟ لأن الله رزق هذا عملاً صالحاً فبورك في وقته فربح الوقت كله بعكس الآخر».ومن أجل ذلك فإنك إذا قيل لك في الدعاء: أطال الله عمرك فلا يعني ذلك أنك تعطى من العمر أكثر مما كُتب لك في الأزل، بل المعنى أنك تنفق وقتك في الطاعات فيغني الله وقتك.فطول العمر من غير عمل صالح لا فائدة منه، ولذا فإن الرسول عندما سئل من خير الناس؟ قال: «من طال عمره وحسن عمله». (رواه الترمذي)ومما ذكره الدكتور النابلسي أيضاً أن أحد علماء دمشق وصل إلى الثامنة والتسعين، وكان منتصب القامة حاد البصر، وكانت أسنانه في فمه، وكان مرهف السمع ذاكرته قوية.وكان إذا رأى شباباً يقول لأحدهم: أنت كنت تلميذي يابني، وأبوك كان تلميذي، وجدك كان تلميذي.وعندما سئل مرة عن هذه الصحة التي يتمتع بها أجاب: حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر.

مشاركة :