هاجم مستوطنون ممتلكات عائلات عربية تعيش في بلدة بيت حنينا في القدس، فأعطبوا إطارات سياراتهم، وهددوهم بـ«القتل» عبر شعارات كُتبت على الجدران في المنطقة الملاصقة لمستوطنة «بسغات زئيف» بالمدينة. واقتحم مستوطنون يُعتقد أنهم من جماعة «تدفيع الثمن» حي «الغرابلة» في بيت حنينا فجر أمس (الخميس)، وخرَّبوا إطارات عشرات السيارات هناك، وخطوا شعارات تدعو لقتل العرب. ووجد السكان رسمات لـ«نجمة داود» وشعارات مثل «الموت للقتلة»، و«نحن لا ننام، عندما يُنتهك اسم الرب»، و«أنا لا أنام، عندما يُسفك الدم هنا». وقال جمال غرابلي إن «جماعات تدفيع الثمن» اقتحمت الحي في تمام الساعة الثالثة صباحا، متهماً الشرطة الإسرائيلية بتعمد إهمال الأمر. وأضاف في حديث لوكالة «وفا» الفلسطينية الرسمية أنه «رغم تبليغ الأهالي لشرطة الاحتلال، فإنها تعمدت التأخر لمدة ساعة كاملة عن الوصول لموقع الحادث المتطرف، ولم تقم باعتقال أي من المستوطنين المعتدين». وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها تشتبه بوقوع «جريمة كراهية» ضد العائلات العربية، في بيت حنينا، وترجح أن المهاجمين الفارين يهود. وفتح الجيش والشرطة الإسرائيليان، وجهاز المخابرات (شاباك)، تحقيقاً مشتركاً، للوصول إلى مرتكبي هذا الاعتداء. وجماعة «تدفيع الثمن» هي جماعة يهودية خرجت من مستوطنات الضفة الغربية، تحديداً في شمال الضفة، قبل نحو 10 سنوات، وأفرادها يمثلون تياراً متنامياً من المستوطنين، يستهدفون العرب وممتلكاتهم وأماكنهم الدينية. وخلال سنوات طويلة، هاجمت هذه الجماعات الأماكن الدينية للعرب، وأراضي وسيارات في قرى الضفة، وأحرقت منازل وعائلة بأكملها. ويختار شبان «تدفيع الثمن» شنَّ هجماتهم في وقت مبكر من الفجر، ويتركون عادة آثاراً مدمرة وراءهم. وتركز عمل هؤلاء في الضفة، ونفَّذوا عمليات محدودة في الداخل. وطالما حذر الفلسطينيون من تمدد عملهم ليتركز بشكل رئيسي في القدس، وهو الأمر الذي تتجنبه كذلك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي تعد هذه الجماعات «غير قانونية». وقال وزير شؤون القدس، عدنان الحسيني إن «الهدف من عمل هذه العصابات وجرائمها هو تهجير المواطنين من شرق بيت حنينا». وأضاف: «يجب أن تنظر حكومة الاحتلال بجدية إلى خطورة هذه الاعتداءات، وتعمل على إيقافها، لأن البدائل ستكون خطيرة جداً، وسيخلق وضعاً صعباً، لأن أبناء شعبنا لن يصمتوا طويلاً على هذه الاعتداءات». وذكر الحسيني أن المنطقة التي سجل فيها الاعتداء أُضيفت إليها 500 وحدة استيطانية لـ«تسمين (مستوطنة) بزغات زئيف المقامة على أراضي المواطنين في بيت حنينا». ويعيش بين الفلسطينيين اليوم أكثر من 650 ألف مستوطن، 300 ألف منهم على الأقل في القدس الشرقية التي ينشدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة، وهذه الإحصاءات الأخيرة تشير إلى ارتفاع كبير في أعداد المستوطنين الذين تضاعفوا مرتين على الأقل خلال 10 سنوات فقط. وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية، أمس «اقتحام المستوطنين بلدة بيت حنينا وقيامهم بخط شعارات عنصرية مُعادية وإعطاب عشرات المركبات الفلسطينية»، معتبرة أن ذلك «دليل وإجراء عملي وانعكاس للمخططات التهويدية» الإسرائيلية في القدس. كما أدانت الخارجية «التغول الاستيطاني الراهن وغير المسبوق» في الأراضي الفلسطينية»، وقالت في بيان إنها «ترى في تصريحات ومواقف وقرارات إدارة (الرئيس الأميركي دونالد) ترمب المُنحازة للاحتلال ومشاريعه وسياساته مُحفزاً لليمين الحاكم في إسرائيل للتمادي في تنفيذ خريطة مصالحه الاستعمارية التوسعية في كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، بما يؤدي إلى تغيير الواقع التاريخي والقانوني والديموغرافي القائم، والعمل على تسويقه للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي كأمر واقع لا يمكن تبديله أو التراجع عنه». وأضافت الخارجية أن «ما تقوم به سلطات الاحتلال من إجراءات وتدابير استيطانية في عموم الأرض المحتلة بدعم وتشجيع من إدارة الرئيس ترمب وفريقها، يقوض أية فرصة لإحلال السلام على أساس حل الدولتين، ويغلق الباب نهائياً أمام أية فرصة لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة وهو الأمر الذي يُشكل اختباراً جدياً ونهائياً لمصداقية الشرعية الدولية وقراراتها والمجتمع الدولي ومؤسساته، ولمواقف الدول التي تدعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين». وأشارت الوزرة إلى أن «الوزارات والمؤسسات والهيئات الرسمية الإسرائيلية التشريعية والتنفيذية والقضائية تشهد حالة سباق مع الزمن لتنفيذ جميع المخططات الاستيطانية التوسعية العالقة في اللجان الحكومية المتخصصة، ومحاولة فرضها كأمر واقع بقوة الاحتلال و(بلطجة) الميليشيات الاستيطانية المسلحة، في محاولة لإنجازها قبل دخول الحلبة الحزبية في إسرائيل السباق الانتخابي القادم». وشددت الخارجية على أن المخططات الاستعمارية «تستهدف القدس الشرقية المحتلة ومحيطها ومنطقة الأغوار وعموم المناطق المصنفة (ج) وتتركز بشكل أساس في أحياء القدس المحتلة، وبالتحديد القريبة من أسوار بلدتها القديمة، وتتمثل في عمليات تهجير وطرد المواطنين الفلسطينيين من تلك الأحياء، كما هو الحال في الشيخ جراح وسلوان وحملات الهدم المتسارعة في سلوان وبيت حنينا وشعفاط وجبل المكبر ومختلف أحياء القدس المحتلة، وإحلال المستوطنين مكانهم». ورأت أن «إقدام عصابات تدفيع الثمن العنصرية على اقتحام بلدة بيت حنينا فجر اليوم وقيامها بخط شعارات عنصرية مُعادية وإعطاب عشرات المركبات الفلسطينية، ليس إلا دليلاً وإجراء عملياً وانعكاساً لتلك المخططات التهويدية وتحضيراً لها، بإشراف ودعم من المؤسسات الرسمية في إسرائيل وبلدية الاحتلال في القدس».
مشاركة :