الشاعر اللبناني وديع سعادة يفوز بجائزة الأركانة للشعر

  • 12/21/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

توج الشاعر اللبناني وديع سعادة بجائزة الأركانة العالمية للشعر، التي يمنحها بيت الشعر في المغرب. وعادت الجائزة في دورتها الثالثة عشرة إلى الشاعر العربي المقيم في أستراليا، على أن يتم منح الجائزة للشاعر في المغرب، والاحتفاء به في أمسيتين منفصلتين. حقق بيت الشعر في المغرب وصية الشاعر اللبناني وديع سعادة، حين توجه بجائزة الأركانة العالمية للشعر، برسم سنة 2019، لينضاف إلى قائمة الشعراء الذين توجوا بالأركانة، من الصيني بي بيضاو، إلى شاعر الطوارق محمدين خواد في الدورة السابقة. وكان وديع سعادة قد كتب، قبل أشهر، مجموعة من الوصايا، على أساس أن تنفذ بعد رحيله، ومن ضمنها إقامة عرس بدل مأتم، وهي الوصية التي نفذها بيت الشعر في المغرب، وهو يقيم عرسا شعريا احتفاء بالشاعر، من خلال منحه جائزة الأركانة، خلال حفل شعري كبير في الرباط، يوم 6 فبراير المقبل، وآخر في الدار البيضاء حيث تقام أمسية شعرية تكريمية خاصة بالشاعر يوم 9 فبراير، ضمن البرنامج الثقافي والشعري للمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته المقبلة. مخطوطات معاصرة وديع سعادة هو من جيل شعراء قصيدة النثر في لبنان، الذي برز فيه عدد من الشعراء منهم عباس بيضون، بسام حجار، إلياس حنا إلياس، جاد الحاج، ويعتبر من المتأثرين بالتجارب الرائدة للشعراء اللبنانيين أنسي الحاج، شوقي أبي شقرا، وبول شاول وعالمياً بالشاعر اليوناني يانيس ريتسوس، الذي نبه جيل وديع سعادة الشعري إلى ما يسمى باللغة اليومية في الشعر. وهو صاحب المخطوطات الشعرية المثيرة، منذ ديوانه الأول “ليس للمساء إخوة”، الذي حرره الشاعر بخط يده، ووزعه بين أصدقائه في مطلع السبعينات، قبل أن يصدر الديوان مطبوعا مطلع الثمانينات. وهو العمل الشعري الذي يحكي لغة شعرية نثرية يومية، قادمة من عوالم القرية التي ولد فيها الشاعر في شمال لبنان، وهي قرية شبطين، قبل أن يستقر في بيروت، ومنها إلى لندن فباريس، وصولا إلى أستراليا. وواصل الشاعر كتابة مخطوطاته الشعرية، وكأن القصيدة عنده شهادة يوقعها في دفتر الحياة، وفي صخبها، باعتباره عابرا في هذا العالم، وهو شاعر لأنه عابر، بهذا المعنى. كما يحيل على ذلك ديوانه الشعري الأخير الذي نشر سعادة مخطوطته في موقعه الإلكتروني بعنوان “قل للعابر أن يعود، نسي هنا ظله”. وفي انتظار ظهور مخطوطاته الشعرية الأخرى التي يعرف المقربون من وديع سعادة قيمتها الشعرية وأهميتها في مد القصيدة العربية الجديدة بنفس شعري وأفق جمالي مغايرين. اللجنة اعتبرت منجز وديع سعادة الشعري متفردا، أسهم، بجماليته في إحداث انعطافة في مسار قصيدة النثر العربية جاء في قرار لجنة تحكيم جائزة الأركانة أن منح الجائزة لهذا الشاعر استحقاق لشاعر قدم، طيلة نصف قرن، “منجزا شعريا متفردا، أسهم، بجماليتِه العالية، في إحداث انعطافة في مسار قصِيدة النّثر العربية وفتحها على أفق كوني يحتفي بالشخصي والإنساني والحياتي”. اللجنة التي ضمت في عضوتها كلا من الناقد خالد بلقاسم، والشعراء رشيد المومني ونجيب خداري ومراد القادري ورشيد خالص وحسن نجمي، الأمين العام للجائزة، وبرئاسة الأكاديمي عبدالرحمن طنكول، ترى أنه، وفي “مزيجٍ مكثف، مدهش، من البلاغة الرومنطيقية المتأخرة، ومن الفانتازيا، ومن الشذرية، ومن السردي والسير ذاتي، يُقطّر وديع سعادة نصوصه بلغة شديدة الصفاء، محاولا إعادة تركيب الحياة، ممجدا الغياب والعابرين، في قلق وجودي عميق، يضيء العدم ويعانقه، ويُؤنْسِنُ الطبيعة والأشياء”. واستحضرت اللجنة تجربة سعادة منذ ديوانه الأول، حيث “دأب الشاعر على بِناء عوالمه، وشروخ ذاته، داخل الهشاشة، والحلم، والوهم، والنبرة الخافتة، والحكمة، والجنون، وضجِيج الصمت، وحطب الذكرى، ملاحقـا الأثر الذي يـذوب”. ورأت اللجنة أن وديع سعادة، بانتمائه إلى العديد من الأمكنة، وإلى اللامكان، أيضا، فإنه “يكتب أسطورة المنافي ويمحوها، ليكتب أسرار الماء والغابة، ليتذكر الشجر والحجر والريح والذئب الذي يطارد الخروف في قـلب الشاعر”. شاعر الهامش انتصر وديع سعادة لحداثة الشعر حين انفلتت قصيدته، باكرا، “من إسار عمود الشعر، لتلامس رحابة الشعر في نثْر الحياة وتحررها وتمردها”، يضيف بلاغ اللجنة، ومشددا على ارتباط تجربة وديع سعادة في الكتابة بتجربته في الحياة، حيث “كانت سِيرته هي شعره، ولا شيء خارجها، حيث يرتطم الشعر، دوما، بالشاعر”. احتفى الشاعر وديع سعادة بالهامش، وكتب قصيدة نثرية قوية، أشبه ما تكون بحاشية على هذه الحياة. لكنه استطاع أن يجعل من هذا الهامش مركزا للعالم، وأن يرى في الشعر مركز النظر إلى العالم والموقع الأثير لرصده. كما احتفى الشاعر بالذات، وهو يعيد كتابتها، شعريا، في نوع من التخييل الذاتي، كما في العديد من أعماله الشعرية، وقصائده السير ذاتية، ومنها قصيدته الشهيرة “تركيب آخر لحياة وديع سعادة”، التي حملت عنوان ديوان له صدر سنة 2006. وقبل ذلك وبعده، صدرت للشاعر مجموعة من الدواوين، منها “ليس للمساء إخوة”، و”المياه المياه” و”بسبب غيمة على الأرجح” و”غبار” و”رتق الهواء”، و”من أخذ النظرة التي تركتُها أمام الباب؟” و”قل للعابر أن يعود، نسي هنا ظلَه”، كما صدرت أعماله الشعرية عن دار النهضة سنة 2008. وقبل تتويجه بالأركانة، حاز وديع سعادة سنة 2011 على جائزة ماكس جاكوب عن الأنطولوجيا التي أعدّها له وترجم نصوصها أنطوان جوكي، وصدرت عن دار “أكت سيد” في باريس، بعنوان “نص الغياب وقصائد أخرى”. كما ترجمت أشعاره إلى عدد من اللغات الحية. ووديع سعادة هو الشاعر الثالث عشر الذي يفوز بجائزة الأركانة.

مشاركة :