مع تزايد التوترات حول إعادة فرض العقوبات الأميركية وتنامي الأنشطة الإيرانية "الخبيثة" حول العالَم، كمؤامرات الاغتيال في أوروبا، وإثارة عدم الاستقرار في المنطقة، وتجارب الصواريخ البالستية... لا يمكن تجاهل التهديدات الإيرانية ضد البلدان الخليجية المجاورة. هدّد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه إذا منعت الولايات المتحدة صادرات النفط الإيرانية، «فلن يتم تصدير أي نفط من الخليج العربي»، وقد لا يكون ذلك أكثر من كلامٍ فارغ، لكن مع تزايد التوترات حول إعادة فرض العقوبات الأميركية وتنامي الأنشطة الإيرانية «الخبيثة» حول العالَم، كـمؤامرات الاغتيال في أوروبا، وإثارة عدم الاستقرار في المنطقة، وتجارب الصواريخ البالستية... لا يمكن تجاهل التهديدات الإيرانية ضد البلدان الخليجية المجاورة. تقرير الاستخبارات المركزية في تقريرٍ أصدرته في فبراير عام 1988، أشارت «وكالة الاستخبارات المركزية» إلى ازدياد تورّط إيران في الإرهاب الدولي في عام 1987، وشمل ذلك مؤامرات إرهابية خارج حدود لبنان في أوروبا والخليج. وبالنسبة الى الكويت، شملت تلك المؤامرات تفجيرات استهدفت منشآت نفطية كويتية في يناير وأبريل ومايو، وفي يوليو، قُتل أخوان خليجيان خضعا لتدريبات على الأعمال التخريبية في إيران عندما انفجرت القنبلة التي كانا يضعانها أمام مبنى مكتب تذاكر «الخطوط الجوية الفرنسية» قبل أوانها، ومع اقتراب نهاية ذلك العام، نفّذ عملاء إيرانيون بالوكالة حرائق متعمَّدة وهجمات بالقنابل في «جامعة الكويت»، ومكتب تذاكر «خطوط بان أميركان»، ووزارة الداخلية، ومكتب شركة تأمين تملكها الولايات المتحدة. ووفقاً لتقييم التقرير، «يرى القادة الإيرانيون أن الإرهاب أداة هامة في السياسة الخارجية، وكانوا على استعداد لاستخدامه في عام 1987 لإحراز تقدّم في تعزيز أهدافهم القومية وتصدير المُثل الثورية للنظام». وفي وصفٍ لما قامت به إيران عام 1987 وربما لما تخطط للقيام به مجدداً اليوم، أشار التقرير إلى أن «طهران استخدمت تهديد الإرهاب، بالإضافة إلى الهجمات على السفن الخليجية من أجل تثبيط عزيمة الكويت ودول الخليج العربي المعتدلة الأخرى عن دعم الجهد الذي تبذله الولايات المتحدة لتغيير أعلام السفن». وحتى في ثمانينيات القرن الماضي، أدركت إيران فائدة وجود قوات شيعية غير إيرانية تحت تصرّفها لتنفيذ هجمات ضد أعدائها، وسبق أن أدركت طهران أنها والمقاتلين الشيعة المتحالفين معها يمكن أن يحققوا معاً انتصارات متباينة على أعداء أكبر وأكثر قوة. وفي أوائل عام 1988، قدّرت «وكالة الاستخبارات المركزية» أنه «من وجهة النظر الإيرانية، أرغمت طهران وحلفاؤها الشيعة القوات العسكرية الأميركية على الانسحاب من لبنان، ما أهان الولايات المتحدة وأثار تساؤلات حول فكرة إمكانية استخدام واشنطن لقواتها العسكرية للتأثير على التطورات السياسية في الشرق الأوسط». وقارن القادة الإيرانيون بين ما حققته إيران وحلفاؤها الشيعة المقاتلين - أي تفجيرات السفارة الأميركية وثكنات المارينز في بيروت عامي 1983 و1984 - وبين ما كان من الممكن أن يفعلوه حينها، في عام 1987، لعرقلة خطط الولايات المتحدة لحماية ناقلات النفط الكويتية في الخليج. وتوجد عدة أسباب تدعو للقلق من إمكان إجراء إيران حسابات مماثلة اليوم، ومن أن يكون تهديد روحاني بإغلاق مضيق هرمز أكثر من مجرّد توعُّد. ثمة تأثير كبير للعقوبات التي أعادت الولايات المتحدة فرضها، حتى من دون تعاون أوروبي كامل. ويبدو أن أوروبا مستعدة للنظر في فرض مزيد من العقوبات في أعقاب مؤامرات الاغتيال الإيرانية في أوروبا والتصعيد في اختبار الصواريخ البالستية الإيرانية في انتهاك للقرارات الأمنية الحالية للأمم المتحدة. وإذا شعرت إيران بأنها محاصرة، قد تقوم بعمليات هجومية، وقد تملك الوسائل للقيام بذلك من خلال حلفائها - سواء كان ذلك يعني شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل من «حماس» و«حزب الله»، أو هجمات على قوات التحالف في العراق، أو هجمات تستهدف دول الخليج. وفي الواقع، اكتسب بعض الأشخاص الذين يقودون قوات الوكالة الإيرانية الأكثر قدرة اليوم خبرتهم الأولى في عمليات الكويت في الثمانينيات، والمثال الأبرز جمال جعفر محمد علي، المعروف باسم أبو مهدي المهندس، أحد العملاء الذين أُدين غيابيّاً لدوره في تفجيرات الكويت عام 1983 ثم مؤامرة اغتيال أميرها عام 1985. ففي ذلك الوقت، كان المهندس عميلاً عراقيّاً شابّاً في «حزب الدعوة» عمِل يداً بيد مع عملاء لبنانيين من «حزب الله». ومضى المهندس ليصبح قائداً لـ «فيلق بدر» - الجناح المقاتل في «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق». وكرئيسٍ لـ»فيلق بدر»، عمِل المهندس مباشرةً مع «فيلق القدس»، وأصبح مواطناً إيرانيّاً، وعمل مستشاراً رفيع المستوى لقائد «فيلق القدس» اللواء قاسم سليماني، واليوم، يقود المهندس «كتائب حزب الله» - أكثر الجماعات المسلحة الشيعية العراقية تطرفاً، وجزءاً رئيساً من شبكة إيران المؤلّفة من الحلفاء المقاتلين الشيعة. عقيدة النظام الإيراني وفي عام 1986، قدّرت «وكالة الاستخبارات المركزية» أن «تصدير الثورة هو عقيدة جوهرية للنظام الديني في إيران، والإرهاب هو أداة أساسية لدعم هذا الهدف». وحتى بعد كل هذه السنوات، لا يزال تصدير الثورة يشكل التوجيه الرئيس لـ «فيلق القدس» وحلفائه المقاتلين الشيعة. وفي عام 2016، أوضح القائد المتقاعد في «الحرس الثوري» الإيراني» العميد محمد علي فلكي أنّ القوات الإيرانية بالوكالة - من العراق ولبنان وأفغانستان وباكستان وغيرها - تشكّل معاً «جيش تحرير شيعيا قائده هو زعيم فيلق القدس قاسم سليماني». وأضاف: «قد يقود الإيرانيون بعضاً من هذه الوحدات، لكن ليس المقصود من القوات الإيرانية أن تشمل كل هذا الجيش». واليوم، تؤمّن إيران الأسلحة والتدريب والتمويل والدعم الاستخباراتي للعناصر التي تؤلّف «جيش التحرير الشيعي» موضع البحث. وتُعرَض في حظيرة للطائرات في «قاعدة أناكوستيا- بولينغ المشتركة» في العاصمة الأميركية واشنطن مجموعة من الأسلحة الإيرانية - من الأسلحة الصغيرة والقنابل اليدوية إلى الصواريخ البالستية القصيرة المدى، والصواريخ الأرض-جو، والصواريخ الموجّهة المضادة للدبابات، والطائرات بدون طيّار - التي زوّدت بها إيران وكلاءها في أفغانستان والبحرين واليمن. وتُظهِر الصور التي وُجِدَت على نظام التوجيه الحاسوبي الخاص بالقارب «شارك-33» احتمال الإنتاج أو التركيب أو الاختبار لما لا يقل عن سبعة حواسيب مشابهة إضافية في هذه منشأة تابعة لـ «الحرس الثوري» الإيراني شرقي طهران. وفي إحدى الصور، يمكن رؤية قبّعة لـ «الحرس الثوري» على أحد الصناديق، ويبدو أن إيران تعمل بنشاط على إنتاج أنظمة أسلحة وتزويدها إلى وكلائها، تهدف على وجه التحديد إلى تهديد حرية الملاحة، مما يفسّر سبب أخذ المسؤولين بجدية تهديدات الرئيس الإيراني بمنع تصدير النفط عبر مضيق هرمز. إن هذا الدليل الجديد على انتشار الصواريخ الإيرانية هو إقرار قاطع، ويشكّل إثباتاً على الانتهاكات الواضحة للعديد من قرارات مجلس الأمن الدولي التي تحظر على إيران تصدير الأسلحة، ولكن ذلك ليس سوى أحدث مظاهر الدعم الإيراني للأنشطة الإرهابية التي تستهدف الدول المجاورة في الخليج وخارجه، وهو أمرٌ تعود جذوره إلى الأحداث التي وقعت في الكويت قبل 35 عاماً.
مشاركة :