الحرف اليدوية في سوريا والمعارف التقليدية مهددة بالضياع

  • 2/3/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق: هشام عدرة بعد كثير من الملتقيات والدورات الدولية التي انعقدت لحماية الآثار السورية في ظل الحرب والأزمة كتراث ثقافي مادي مهدد بالضياع والتدمير، تنظم المنظمة الدولية للثقافة والعلوم (يونيسكو) في مقرها بالعاصمة اللبنانية بيروت بين 9 و13 فبراير (شباط) الحالي الملتقى الدولي لحماية التراث الثقافي السوري اللامادي المهدد هو الآخر بالضياع والاندثار كمهن حرفية يدوية وتراث شفوي. يقول الدكتور مأمون عبد الكريم مدير عام الآثار السورية لـ«الشرق الأوسط» عن هذا الملتقى: «سيجمع اللقاء المعنيين في مديرية الآثار والمتاحف والأمانة السورية للتنمية (وهي منظمة أهلية لا ربحية) في سوريا ووزارة الثقافة وجامعة دمشق وخبراء (يونيسكو) وغيرها من الفعاليات المهتمة بالتراث الثقافي اللامادي في سوريا، وسيتناول توثيق كل ما له علاقة بالتراث اللامادي السوري المهدد بالضياع والخسارة، فليس التراث المادي كآثار مهددا، بل حتى التراث اللامادي، فهناك كثير من أسواق المهن اليدوية احترقت، وأصحاب المهن تركوا أماكنهم إلى أماكن أخرى بحثا عن لقمة الخبز. وإذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فمن المحتمل أن نخسر كثيرا من المهن والحرف. من هنا كان الحرص الدولي في إطار مشروع الاهتمام بجانب الفن الشعبي والتراث اللامادي، وكيفية حصرها وتوثيقها وحمايتها، كما نفعل في حماية الآثار السورية. و«يونيسكو» مهتمة بالتراث المادي واللامادي وهناك خبراء دوليون لهم باع طويل عملوا في مناطق كثيرة في العالم، وهؤلاء سيساعدون السوريين على التوجه نحو المنحى الأفضل. وبالتالي هذه اللقاءات هي لقاء الخبرات وتصحيح المعلومات. التراث اللامادي جزء من التراث الإنساني وهذه مسؤولية دولية لحماية المهن وغيرها حتى لا يكون هناك ضياع. فما حصل في حلب أن أكثر من 1000 محل في الأسواق القديمة التراثية احترق، وهناك الكثير من أصحاب المهن هجروا من منازلهم ومصانع الحرف اليدوية دمرت وهُجر أصحابها وخسروا كل ما لديهم». و كانت وزارة الثقافة السورية، وبالتعاون مع منظمات أهلية محلية قد أطلقت في ربيع العام الماضي، ومن خان أسعد باشا التاريخي في سوق البزورية بدمشق القديمة مشروع حصر وتوثيق التراث اللامادي في سوريا، بالتعاون مع «الجمعية السورية للثقافة والمعرفة» وبحضور ممثل منظمة التربية والثقافة والعلوم الدولية (يونيسكو) وبإشراف الفنان التشكيلي طلال معلا، وتضمن المشروع حصر مائة عنصر من عناصر التراث اللامادي في سوريا، وبناء قاعدة بيانات لحفظ بيانات الحصر، وموقع إنترنت تفاعلي للمشروع، وبناء قدرات في مجال حصر وتوثيق هذا التراث، بحيث تسمح هذه النتائج برفع المعرفة بالتراث اللامادي السوري وتوسيع المشاركة في جهود حصره وتوثيقه وصيانته ونشره. الجمعية السورية للحرف تعمل هي أيضا على تنشيط وحماية الحرف اليدوية. وتوضح جاكلين كيكولو، وهي مشرفة على محلات «أبّهة» في سوق المهن اليدوية بدمشق: «الغاية من عملنا حاليا دعم وتوثيق الحرف اليدوية السورية التقليدية، لمنعها من الاندثار والمحافظة عليها، بل وتطوير بعضها مثلا تصنيع البسط كان يتم من خلال النول فقط، فقمنا ضمن المشروع بإعادة النول، ولكن بمنتجات يدوية جديدة غير البسط، كالحقائب وغيرها، بشكل يتناسب والعصر الحالي، وعملنا على احتضان بعض الحرفيين السوريين وتسويق منتجاتهم، وكذلك تأهيل حرفيين جدد من خلال ورشات تدريبية بالخياطة والأرابيسك وغيرها، وتأمين نقاط بيع محلية وخارجية لمنتجاتهم بالتنسيق مع الشركاء. أما الباحث في مجال التراث اللامادي وأمين تحرير مجلة «الحرفيين السوريين» (محمد فياض الفياض)، فيتحدث عن واقع الحرف التقليدية كتراث لا مادي يجب حمايته والحفاظ عليه. يقول: «يرى باحثون ومتخصصون في هذا الحقل أن جزءا كبيرا من تراث سوريا غير المادي، والمعروف بالتراث الحي ما زال خارج دائرة التوثيق نظرا لقصور هذه الجهود، وعدم الدفع بها على نحو متسارع، الأمر الذي ينذر بتهديد حقيقي لهذه الذاكرة الحضارية الخصبة، حيث إن معظم هذه الموروثات ما زالت في طورها الشفاهي الآيل للزوال والاندثار بفعل عوامل وأسباب عدة». ولذلك يأتي توثيق الحرف التقليدية من أشخاص وخامات وأدوات وبيئات وأنشطة ومهارات وابتكارات وما يرافق ذلك من قصص وحكايات وغناء وأمثال إسهاما في خلق نواة للتأطير والتكوين في مجال الصناعة التقليدية والمحافظة عليها من الزوال والضياع، كما تسهم في خلق نسيج إنتاجي مندمج ونموذجي يسهم في الحفاظ على بيئة كل حرفة من الحرف. ونستطيع القول بأن الاستراتيجية المقبلة يجب أن تركز على أسس واضحة، وفي مقدمتها ضرورة البحث عن مقومات دعم قطاع الحرف التقليدية، من خلال ربط هذا القطاع بالسياسة الاقتصادية وبشكل جدي. ويقترح الفياض في هذا المجال عددا من الإجراءات لحماية التراث الثقافي اللامادي ومنها: وضع قوانين وتشريعات لحماية المعارف التقليدية والتراث الثقافي بشقيه المادي وغير المادي على المستوى المحلي تكون العامل الأساسي والمساعد في عملية التوثيق والصون والحماية، وإنشاء سجل وطني لحماية المعارف التقليدية، وأشكال التعبير الثقافي والموارد الوراثية مع الدعوة لضرورة التعاون بين المنظمات العالمية للملكية الفكرية (الوايبو) ويونيسكو فيما يتعلق بحماية وتوثيق التراث غير المادي والمعارف التقليدية، بما يضمن الحمايتين المعنوية والمادية معا.

مشاركة :