قال فضيلة الداعية الدكتور محمد بن حسن المريخي -في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام محمد بن عبدالوهاب- «إن من المنن الجليلة والنعم العظيمة التي تحتاج إلى الالتفات لتشكر، ودعوات خالصات لتدوم وتبقى، نعمة الحب الصادق والود العامر بيننا وبين وليّ أمرنا أيّده الله وحفظه، وما نكنه له في صدورنا من المحبة والدعاء له، والتي نشهد الله تعالى عليها». وأضاف أن هناك حباً كبيراً متبادلاً بين القيادة المتمثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، والمواطنين والمقيمين على حد سواء، لافتاً إلى أن هذا التكاتف والتعاضد والفرحة به، أمور يندر وجودها في هذا الوقت إلا عند من رحم الله، فما من رعية في بلد إلا وتسمع منهم الشر والتسخط والتضجر على أوليائهم وولاة أمورهم، إلا من رحم الله.تابع المريخي: إن الله تعالى ميزنا والقيادة الرشيدة بالمحبة، وهذه من أكبر وأهم اللبنات التي تبنى بها الأمم، وتصان بها الأوطان، وتحفظ بها البلدان بإذن الله، ويصدّ بها العدوان، ذاكراً في هذا السياق قول النبي صلي الله عليه وسلم: «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، ويُصلون عليكم وتُصلون عليهم (أي تدعون لهم ويدعون لكم)، فاشكروا الله على هذه النعمة وسائر النعم، واحرسوها بطاعة الله تعالى، وإقامة دينه، والعمل بشريعته، واحمدوه سبحانه حمداً وشكراً يديم عليكم النعم، ويبقي بين أيديكم المنن {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ}، (البقرة: 152). وأردف: أمر الله تعالى بشكر النعم، كلّ النعم في الناس والأوطان، الحسية والمعنوية، كما أمر بحمده بالقول والعمل على العافية كلها، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، (البقرة: 172)، وأثنى على عباده الشاكرين، وذكرهم في معرض المدح والثناء تشريفاً لهم، وقدوة لمن بعدهم، فقال عن إبراهيم عليه السلام: {شَاكِراً لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}، (النحل: 121)، ووعدهم بالزيادة والتوفيق والحماية: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، (إبراهيم: 7)، وقال: {وَسَنَجْزِى الشَّٰكِرِينَ}، أي سنعطيهم من فضلنا ورحمتنا في الدنيا والآخرة بحسب شكرهم وعملهم، ولا ينتظر الشاكرون إلا المزيد من فضل ربهم. وأضاف فضيلة الداعية الدكتور محمد بن حسن المريخي قائلاً: نسي أقوامٌ نعم الله تعالى، فلم يشكروه عليها، بل طغوا وبغوا، واستغلوها في معصيته، فتبدلت عليهم وتغيرت، ثم رحلت عن ديارهم، وتحولت بساتينهم الجميلة إلى شجرٍ لا خير فيه، بسبب كفرهم وجحودهم للنعم والغفلة عن المنعم عز وجل. وأوضح أن الشكر لله على نعمه يكون بإقامة دينه واعتزازه، ورفع راياته، والعمل بشرائعه، والانتصار له، وتقديمه خاصةً في هذا الزمان الذي نعيشه، والذي دُعي فيه المسلمون إلى التخلي عن بعض الشرائع الإسلامية، من أجل التحضر والازدهار، ومواكبة العصر، والتقدم العلمي والتكنولوجي. ولأن الدين الحنيف خير من يوجه ويرشد ويدل على ما يحبه الله ويرضاه، فقد أضرّ إهمال الأخذ بدين الله أو تهميشه كثيراً من الأمم والأوطان والمجتمعات والأسر، وكثيراً من الناس قديماً وحديثاً ومعاصرة، يقول الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، (الروم: 30). وأشار فضيلة الداعية الدكتور محمد بن حسن المريخي إلى أن شكر الله يكون بمراقبته من خلال التصرف في النعم، والمحافظة عليها وتقديرها، وزجر السفيه من أن يعبث بها، والأحمق من أن يخربها ويفسدها، مشدداً على أن شكر النعم واجب في جميع الأحوال والأوقات، وهو دليل على رضى العبيد عن ربهم، والنعم عافية ربانية تُقيّد بالشكر والعرفان للديان، وبها تزين الحياة وتطيب، وبدونها تتحول الحياة إلى جحيم وضيق وعسر ومشقة.;
مشاركة :