نواصل في هذه الحلقة القراءة في تجربة نسائية جديدة من شبابنا الواعد في الكويت، فنقف هنا مع المهندسة زينب سلمان قراشي، ومؤسسة «مهندسون بلا حدود»، حيث نقف مع هذا النوع من العمل التطوُّعي الرائد، وهو مفهوم العمل التطوُّعي المهني، الذي يجمع بين التطوع لنفع المجتمع عموماً من خلال تقديم جهود غير ربحية، والتخصص المهني، الذي يقدِّم من خلاله المتطوع جهوداً علمية تخصصية تنتمي لمجاله العلمي والعملي بما لديه من خبرات وتجارب لمصلحة المجتمع، فهذا المفهوم بحسب المهندسة زينب هو «التطوع على أساس الخبرة المهنية: الهندسة». إن هذا النوع من العمل التطوعي غير منتشر بصورة كبيرة في مجتمعنا وفي عالمنا العربي عموماً، حيث يكثر التركيز في مجال العمل التطوعي على مجال العمل الخيري عموماً بمجالاته المباشرة وغير المباشرة، وكذلك مجال العمل الدعوي. أما تفعيل مفهوم التطوع والمشاركة المجتمعية في المجال المهني، فهو من مفاهيم العمل التطوعي النبيلة، التي تُسهم بصورة مباشرة في الارتقاء بكفاية المجتمع في مجالات متخصصة معينة يعود نفعُها العام على المجتمع. تقدم المهندسة زينب قراشي مبادراتها للعمل التطوُّعي المهني من خلال مؤسسة غير ربحية «مهندسون بلا حدود ـــــ الكويت». ونفسح المجال للمهندسة زينب للحديث عن أنشطة المؤسسة وأهدافها، فتقول: «تتلخص أهدافها بالمساعدة في مواجهة الفقر بالمجتمع من خلال تقديم مقومات الحياة الأساسية الماء والمأوى والطاقة، ورفع مستوى خريجي طلبة الهندسة الأكاديمي والعملي، ومساعدة بعض اللاجئين، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية في بعض المناطق الفقيرة خارج دولة الكويت، وكذلك السعي في توعية الجهات المسؤولة بدورها لتحسين المرافق العامة لتكون صديقة لذوي الإعاقة، وفي «مهندسون بلا حدود – الكويت» يتم طرح قضايا هندسية لمساعدة الجهات الرسمية (الحكومية وغير الحكومية) بتقديم حلول هندسية لمشاكل تواجهها في عملها». وفي ضوء هذه الأهداف والأنشطة نلمس التفاعل الإيجابي بين المجتمع والمؤسسات الحكومية في سبيل توحيد الجهود والاستفادة من التجارب والخبرات، بما يحقق المصلحة العامة. ولأن العمل لا يخلو من صعوبات، والنجاح ليس أكثر من القدرة على تحديد الأهداف والآليات، والإصرار والكفاح لأجل تحقيقها رغم المعوّقات، تواجه المهندسة زينب الصعوبات والمعوقات التي تعترض مسيرة «مهندسون بلا حدود- دولة الكويت» بقولها: «إن صح التعبير بأن ما نقوم به إنجاز، فلا يوجد إنجاز يخلو من الصعوبات، نعم هناك صعوبات واجهتنا، ومنها صعوبات التمويل لإتمام أكبر عدد من المشاريع المجتمعية، والدعم المطلوب من الجهات الرسمية لتسهيل خطوات المشاريع، وأحياناً ضعف القناعة لدى المسؤولين بما يقدمه المجتمع المدني، خصوصاً المهنيين». أما عن سبل التغلب على هذه الصعوبات، فتقول: «من يملك الشغف وحب العمل سيتغلب على الصعوبات مهما كانت، فقد حاولنا جاهدين أن نعمل ونقدم وفق الإمكانات المالية المتاحة، وتواصلنا مع شركات كبيرة لدعم بعض المشاريع، وقمنا بإقامة فعاليات تمول نفسها بنفسها مثل البرامج التثقيفية والدورات للمواطنين وكذلك بعض ورش العمل، والاستمرار بالعمل على استقطاب شركاء ومبادرين لدعم مشاريعنا وإقناعهم بأن هذه المشاريع تصب في خانة المسؤولية المجتمعية ولتحقيق فائدة مشتركة لكلا الطرفين». إن أبرز ما يلفت انتباهي بعبارات ابنتنا الشابة تلك الحماسة المقرونة بالوعي، بمحيطها الدولي والإقليمي والمحلي، فضلاً عن الإدراك لمجالها المهني، ومثل هذه الحماسة التي تصقلها المعرفة والدراسة والوعي لهي أشد ما نحتاج أن يتسلَّح به شبابنا الواعد، حتى يزداد اطمئناننا على مستقبل واعد لبلدنا. د. عبد المحسن الجار الله الخرافيajalkharafy@gmail.comWWW.ajkharafi.com
مشاركة :