مسابقة الركض لمسافات طويلة تجهد قلوب الهواة

  • 12/23/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يتحمس الكثيرون للمشاركة في مسابقات الركض لمسافات طويلة ويعتقدون أن التدرب لبضعة أيام، تسبق موعد الانطلاق، كفيل بجعلهم على أُهبة الاستعداد وفي لياقة جاهزة لتحمّل الإجهاد والضغط الشديدين. ولا يدرك جلّ الهواة المشاركين أنهم بذلك يعرّضون حياتهم للخطر. مدريد - كشف باحثون من إسبانيا أن مشاركة الهواة في مسابقة العدو لمسافات طويلة (المارثون) تجهد بشدة قلوبهم. وأوضح الباحثون في دراستهم، التي نشرت في العدد الأخير لمجلة “سيركوليشن، جورنال أوف أميركان هارت أسوسيشن” التي تصدرها الجمعية الأميركية لأمراض القلب، أن قطع الهواة مسافة 42.195 كيلومترا عدوا يؤدي لارتفاع نسبة دلالات حيوية بعينها تشير إلى تعرض القلب للإجهاد. ولم يستطع الباحثون حتى الآن معرفة إلى أيّ مدى يمكن أن يزيد هذا الارتفاع من خطر الإصابة بأمراض القلب. لكنّ الباحثين نصحوا العدائين الهواة بالعدو لمسافات أقصر، وليكن على سبيل المثال نصف المسافة الأصلية لمسابقة العدو لمسافات طويلة. وكانت دراسة قد أظهرت قبل بضعة أعوام أن واحدا من بين كل 100 ألف مشارك في سباق العدو لمسافات طويلة يصاب بتوقف القلب أثناء مشاركته في المسابقة، وأن هذه الإصابة انتهت حسب الأعداد التي أخذتها الدراسة في الاعتبار، بالوفاة في أكثر من ثلثي الحالات (71 بالمئة) وركّزت الدراسة على الرجال بشكل خاص. وكانت دراسات أخرى قد أكدت أن نسبة مؤشرات حيوية بعينها تدل على إجهاد القلب، ترتفع عند المشاركة في مسابقة للعدو لمسافات طويلة. ولكنّ أصحاب الدراسة الحالية، تحت إشراف خوان ديل كوسو من جامعة كاميلو خوسيه ثيلا الإسبانية، أكدوا الآن عدم خطورة مثل هذه المشاركات لأن منسوب هذه المؤشرات يعود إلى طبيعته بعد أيام قليلة من المشاركة. ولمعرفة تأثير مسابقات العدو لمسافات طويلة على القلب بشكل أكثر دقة، فحص الباحثون درجة إجهاد القلب لدى 63 عداء هاويا. شكّل الباحثون مجموعات من ثلاثة أشخاص لكل مجموعة بناء على تشابه هؤلاء الثلاثة في عوامل رئيسية مثل السن ومؤشر كتلة الجسم، ومدى احتمال تعرّض المتسابق لخطر الإصابة بأمراض القلب ومدى خبرته في العدو. وكان في كل مجموعة من هذه المجموعات شخص شارك في سباق عشرة كيلومترات وآخر شارك في نصف مارثون وثالث شارك في مارثون كامل.وسجل الباحثون قبل كل سباق وبعده نسبة علامات حيوية بعينها في الدم مثل مادة تروبونين أي وتي، وهي بروتينات تشير إلى مدى تضرر عضلة القلب. وكان حجم الإرهاق الذي تعرّض له المشاركون في السباقات متساويا، حسبما ذكر المتسابقون عقب العدو. لكن نسبة التروبونين في الدم ارتفعت بشكل واضح كلما طالت مسافةالسباق، في حين أن مؤشر العلامات الأخرى لم يرتفع إلا لدى العدائين الذين شاركوا في سباق عدو لمسافات طويلة حتى نهايته. ورغم أن العدائين الذين شاركوا في المسابقة حتى نهايتها استعدوا بشكل مكثّف للسباق، كان إجهاد القلب لديهم الأكثر مقارنة بباقي العدائين. وعلّق ديل كوسو على ذلك، قائلا “نعتقد بشكل عام بأن عدائي المسافات الطويلة أفراد أصحاء ليس لديهم مؤشرات على خطورة المشاركة على قلبهم، سواء أثناء العدو أو بعده”، مضيفا “لكن نتائجنا تؤكد إمكانية خفض الإجهاد الذي تتعرّض له عضلة القلب لدى المشاركين في هذه المسابقات في ضوء تزايد شعبيتها وأعداد المشاركين فيها وفي ضوء قلّة التدريب الذي يؤديه الهواة المشاركون فيها”. وأوضحت الجمعية الألمانية لأمراض القلب أن الرياضة هي إحدى أفضل وسائل الوقاية من مرض القلب التاجي، الذي يتسبب في كثير من حالات الإصابة بالنوبة القلبية. ورغم احتمال تزايد خطر الإصابة بهذا المرض أثناء التعرّض لإجهاد رياضي، يظل التأثير الوقائي للنشاط الرياضي أكبر بكثير من خطره على المدى البعيد. وفي الوقت ذاته، شدّدت الجمعية على ضرورة تجنّب الاستجابة للطموحات البالغة والخضوع بشكل منتظم لاختبارات الطب الرياضي، وأوصت بممارسة معتدلة لأنواع الرياضات المرهقة مثل السباحة والركض وركوب الدراجة. كما أكد العلماء الإسبان أن الركض المنتظم لمسافات طويلة يزيد من كثافة العظام ويمكن أن يحمي الإنسان من ترقق العظام مع التقدم في السن. وتوصلوا إلى أن لدى العدّائين قدرة على التحمّل لأن كثافة العظام لديهم أعلى بكثير مقارنة بأولئك الذين يتبعون نمط عيش يتسم بكثرة الجلوس، بينما لا تنشط الأنواع الأخرى من الرياضة كالسباحة والتزلج الجسم بمقدار ما يحدث عند الركض. ولذلك ووفقا لما صرحت به ممثلة فريق البحث بياتريس لارا، لا تؤثر هذه الرياضات كثيرا على حالة العظام. شارك في الدراسة 200 عداء و75 متطوعا عاديا، وقام الباحثون باختبار قوة عظام المشاركين قبل سباق الماراثون وبعده. وأظهرت نتائج الاختبارات أن كثافة العظام وشدتها تتوقفان فعلا على كثافة الركض، حيث اتضح أن عدائي الماراثون المحترفين يتمتعون بعظام ذات كثافة أعلى ومتانة أشد مقارنة بالآخرين. وقد سجلت أدنى معدلات لكثافة العظام لدى الأشخاص الذين لم يمارسوا رياضة الركض على الإطلاق. ويظن العلماء أن النتائج تشير إلى أن الركض لمسافات طويلة يمكن أن يحمي الإنسان من ترقق العظام المتزايد ومن ضمورها مع التقدّم في السن.

مشاركة :