الكرك وجهة أردنية تستقطب محبي المغامرات والباحثين عن الاستشفاء

  • 12/23/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الاهتمام العالمي بالحادثة الإرهابية داخل أسوار قلعة الكرك، منذ عامين، شكل ترويجا للمحافظة الواقعة جنوب الأردن مما زاد من إقبال السياح والزوار عليها، لا سيما وأنها تضم تاريخا زاخرا بالحروب ومعالم وأنشطة سياحية مختلفة وتنوعا مناخيا وجغرافيا، فالقلعة تمثل مدينة سياحية متكاملة من الداخل تجتذب محبي المغامرات والباحثين عن الاستشفاء وعشاق التراث. كشف محمود الصعوب مدير سياحة الكرك أنه “بعد الحادث الإرهابي، الذي تعرضت له قلعة الكرك عام 2016 والاهتمام العالمي بهذا الحادث انعكس الأمر إيجابا على الترويج لهذه القلعة فازداد عدد السياح بمعدل جيد جدا سنة 2017 عن العام 2016 وتضاعفت هذه الأعداد في العام 2018 عن العام الذي سبقه”، معتبرا ذلك إشارة إلى أهمية الإعلام في الترويج السياحي. وقال الصعوب في حديثه لـ”العرب” إن غالبية الزوار والسياح هم من الجنسيات الأوروبية لما تعنيه لهم هذه القلعة من ذكريات مهمة في القرون الوسطى، وهناك سياح من الجنسيات الهندية والكورية واليابانية والصينية. وأشار إلى أن وزارة السياحة الأردنية نظمت زيارات لسفراء هذه الدول إلى الكرك، بعد الهجوم الإرهابي، وأطلعتهم على الجانب الأمني، الذي يتمتع به الأردن، وهو الأهم، مما أسهم في إقبال مواطنيهم على زيارة هذه القلعة وزيادة الترويج لها في بلدانهم، فضلا عن الطبيعة السكانية المحافظة في الكرك، التي تمتاز بصفات الطيبة واحترام الضيوف وإكرامهم. ونفذت وزارة السياحة مشاريع عدة داخل القلعة ومحيطها هدفت إلى زيادة متطلبات السلامة العامة، إذ أقامت بوابات أمنية وبوابات أمنية إلكترونية. وتوصف قلعة الكرك بأنها من أضخم قلاع القرون الوسطى في الشرق الأوسط، بعد قلعة حلب، وأكثرها تحصينا من الخارج، فهي محاطة بالأودية الطبيعية وترتبط من الداخل بشبكة من الممرات السرية والأنفاق والأدراج بين الطوابق ويتوفر فيها نظام لقنوات إيصال المياه إلى الطوابق كافة. تنوع سياحي أوضح الصعوب “تمتلك محافظة الكرك مواقع خاصة بها على مستوى العالم، ففيها 4 آلاف موقع أثري أهمها هذه القلعة الضخمة، وموقع أول معركة إسلامية خارج حدود الجزيرة العربية (معركة مؤتة)، كما أنها تتمتع بتنوع في المواقع أكسبها ميزة تنافسية أخرى هي التنوع السياحي، ففيها السياحة الدينية متمثلة بمقامات الصحابة من شهداء معركة مؤتة في بلدة المزار، ومقامي النبي نوح والخضر، وأقدم المساجد من العهد العثماني، وأقدم الكنائس وأقدم مدرسة ابتدائية في الأردن”. وتابع “ويضاف إلى ذلك التنوع في التضاريس الذي انعكس على التنوع في الطقس، ويمكن للزائر أن يعيش أجواء عدة في يوم واحد، فإلى الشرق من مدينة الكرك الصحراء بامتدادها الفسيح ووسطها السهول والهضاب والجبال وإلى غربها أخفض نقطة على سطح الأرض هي البحر الميت والأغوار، وهناك سياحة المغامرات المتمثلة بسلوك الأودية وتسلق الجبال، وهناك السياحة العلاجية المتمثلة بحمامات المياه المعدنية، مما جعلها قبلة للسائحين، لكن ذلك لم يعفها من التأثر بالأوضاع الإقليمية منذ العام 2011 إلى العام 2017”.وتهتم وزارة السياحة بتطوير قطاع الخدمات السياحية في المحافظة من فنادق ومطاعم واستراحات، كما أنها تدعم أصحاب المهن الحرفية وخصوصا الجمعيات النسائية وتقيم لهم مهرجانات موسمية لعرض منتجاتهم للزوار مما يسهم في بيعها وتحسين المستوى المعيشي للعائلات. وتقيم الوزارة أيضا مهرجانا سياحيا سنويا في موسم الصيف يشمل فقرات فنية وثقافية ومسرحيات أطفال وفرقا فنية من داخل محافظة الكرك ومن خارجها، بالإضافة إلى استضافة فرق أجنبية ترغب في عرض فعالياتها في أي وقت من السنة. القلعة مدينة سياحية قال مدير سياحة الكرك “إذا تحدثت كمواطن وليس كمدير للسياحة فسأقول إن القلعة يجب أن تستغل من الداخل بتحويلها إلى مدينة سياحية أسوة بالقلاع الأوروبية القديمة وبإشراك القطاع الخاص، وضرورة الاستفادة من الوضعية التاريخية للقلعة وإقامة مناسبات عامة فيها، فضلا عن أن القلعة بها حاجة إلى إتمام عملية إنارتها من جميع الجهات وهو مشروع مكلف، كما يتوجب الاهتمام أكثر بصيانة هذه القلعة وترميمها”. ولفت إلى أن من معيقات العمل ضيق الشوارع الواصلة إلى القلعة وضرورة التفكير بطرق مواصلات بديلة كالباصات والتلفريك. تاريخيا، كان أكبر تحد لهذه القلعة وللجنود الصليبيين الذين كانوا فيها هو الحصار الذي ضربه عليهم القائد صلاح الدين الأيوبي، بعد إدراكه ضرورة تحرير القلعة في طريقه إلى تحرير القدس. ومن القصص، التي مازال الكركيون يروونها لزائريهم وأطفالهم، والتي حدثت خلال حصار صلاح الدين للقلعة هي قصة زواج الأمير همفري والأميرة إيزابيل، خلال فترة الحصار والحرب، إذ أرسلت الأميرة ستيفني والدة الأمير همفري وزوجة أرناط مكتوبا إلى القائد صلاح الدين ترجو فيه السماح لهم بإقامة حفل الزفاف في أحد الأبنية داخل القلعة، فكان رده معبرا عن فروسيته فقد وافق على الطلب وقدم هدية للعروسين. ويصف وليد ملاحمة من مديرية آثار الكرك قلعة الكرك بأنها تقع على بعد 125 كم جنوب العاصمة عمان وترتفع نحو 960م فوق سطح البحر، وتبلغ مساحتها الإجمالية قرابة 25 ألفا و300 متر مربع، وهي تشرف على البحر الميت والأغوار الجنوبية غربا وتحيط بها الأودية من ثلاث جهات: وادي الست من الشرق، وادي الإفرنج من الغرب، ووادي الكرك من الشمال.وتلتقي هذه الأودية معا قرب عين سارة على بعد 2 كم غرب المدينة، وتشكل من قمة الجبل انحدارات قوية، هي في الشرق والشمال أكثر انحدارا منها في الغرب. أما في الجنوب فقد حفر خندق فصل الجبل الذي تقوم عليه القلعة والمدينة عن جبل الثلاجة ويمر عبر هذا الخندق طريق معبد يؤدي إلى بلدة الشهابية – الإفرنج سابقا – ويتفرع عن طريق آخر معبد يؤدي إلى الحي السكني. وأوضح ملاحمة أن القلعة تأسست في فترة المملكة المؤابية، التي تعدّ إحدى الممالك الثلاث التي كانت في الأردن وهي العمونية والمؤابية والإدومية، وكانت حدود المملكة المؤابية من وادي الموجب شمالا إلى وادي الحسا جنوبا، وقد بنيت أساساتها في عهد الملك ميشع ملك مؤاب، الذي ذكر ذلك في مسلته الشهيرة الموجودة حاليا في متحف اللوفر، وكان أول ذكر لبناء القلعة سنة 850 ق.م كحصن ومعبد في المنطقة، ثم تعاقبت عليها الحضارات إلى أن وصلت إلى العصر الحديث وبهذه البنية. أكثر من حصار مرت القلعة بأكثر من حصار كلها لم تنجح، وفي العام 1188م حررتها قوات صلاح الدين من يد الصليبيين حيث استسلمت لهم من دون قتال، وأحلّ صلاح الدين أخاه الملك العادل ملكا للكرك والمنطقة المحيطة وبدأ يحضر لتحرير قلعة الشوبك، التي استولى عليها في ما بعد. وأولى الأيوبيون قلعة الكرك اهتماما كبيرا حيث كانت مركزا لحكمهم فرمموا ما تهدم منها خلال الحروب وأضافوا أبنية ومرافق جديدة لها، وبقيت تحت الحكم الأيوبي حتى نهاية حكمهم وسلطنتهم لتنتقل إلى الحكم الجديد وهي الفترة المملوكية حيث بدأت نقطة تحول في المنطقة والقلعة بالذات. وشهدت القلعة، بعد تأسيس السلطان الظاهر بيبرس الدولة المملوكية سنة 1262 - 1517م زيادة في البناء والمرافق وتم تحصين المدينة القديمة وتسويرها وبناء الأبراج الشاخصة إلى اليوم، مثل برج الحماة (الحصن)، والقاعة الناصرية، وبعض الأبراج الرائعة وأعيد ترميم مرافق أخرى واستخدامها. وعلى الرغم من أن النسبة الأكبر من بناء القلعة الشاخصة حاليا بناها العرب المسلمون، إلا أن المرشدين السياحيين ينسبون النسبة الأكبر للصليبيين، ويعدون ذلك من ضمن الترويج السياحي واجتذابا للسياح الأوروبيين، كما يقول بأسف أحد موظفي الآثار.

مشاركة :