شهدت مملكة البحرين خلال السنوات الأخيرة اهتماما كبيرا بفئة ذوي الإعاقة، حيث أطلقت العديد من المبادرات والبرامج الموجهة إلى هذه الفئة بهدف العمل على إدماجهم في المجتمع البحريني. من بين هذه المبادرات المميزة برنامج «سمو» الذي بزغ منذ انطلاقته حتى تمكن من الفوز بقلادة مؤسسة الأمير محمد بن فهد العالمية للأعمال التطوعية في الوطن العربي من بين 102 مشروع تقدمت للجائزة التي نظمها الاتحاد العربي للتطوع بالتعاون مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد العالمية للتنمية الإنسانية. بعد الحصول على الجائزة التقت «أخبار الخليج» عبدالرحمن سامي مشرف البرنامج الذي تحدث عن هذا المشروع الذي انطلق عام 2016 ضمن فعاليات مدينة شباب 2030 التي تنظمها وزارة شؤون الشباب والرياضة، كأول برنامج خاص بذوي العزيمة في هذا المشروع الشبابي الضخم، وذلك بهدف الارتقاء بذوي العزيمة، ويسمو بقدراتهم من خلال التدريب والدمج للحصول على مواقع ثابتة بالمجتمع. وأضاف أن فكرة البرنامج في الأساس كانت تقوم على دمج هذه الفئة ضن برامج مدينة شباب 2030 لكون المدينة هي البيئة المثالية لذوي العزيمة، وطرحنا حينها تساؤلا حول لماذا لا يكون هناك برنامج خاص بذوي العزيمة في مدينة الشباب لكونها تحتوي على جميع شرائح المجتمع، وتمت الموافقة على الفكرة. وأردف قائلا: حرصنا منذ البداية على إعداد البرنامج بصورة متدرجة لضمان نجاحه من خلال التواصل مع مدارس الدمج والمراكز الخاصة بفئة ذوي الإعاقات العقلية البسيطة، وأجرينا مقابلات شخصية لاختيار أفضل العناصر والكوادر المؤهلة للتعامل مع هذه الفئة، بل قمنا بإجراء مقابلات لاختيار المشاركين من خلال التواصل مع أولياء الأمور وشرح طبيعة البرامج والأنشطة والفعاليات التي سنقدمها لأبنائهم، حيث تم الاستقرار على استقبال 15 مشاركا. وأشار عبد الرحمن سامي إلى أن البرنامج في بداياته ركز على مجموعة من الأهداف والمهارات الاجتماعية والاستقلالية بالدرجة الأولى والدمج مع البرامج الأخرى بالمدينة لتحقيق أكثر من استفادة لذوي العزيمة. وكشف عن أن التجربة الأولى حققت نجاحا لافتا على جميع الأصعدة، وحظيت بمساندة كبيرة من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية، راعي مدينة شباب 2030، الذي وجه باحتضان البرنامج في المدينة للعام الثاني على التوالي. وتطرق عبدالرحمن سامي إلى أن النجاح الذي تحقق في النسخة الأولى ألقى مسؤولية كبيرة على القائمين عليه وغالبيتهم من الشباب البحريني، لذا فقد كان تركيزنا خلال «سمو 2017» على إحداث نقلة في البرنامج إلى التأهيل والتدريب والإنتاج من خلال الترتيب مع سلسلة مطاعم شهيرة في المملكة لتدريب المشاركين في البرنامج بهدف التدريب والتوظيف مع ارتفاع عددهم إلى 20 مشاركا، كما تم تنظيم معرض هو الأول من نوعه داخل المدينة لعرض منتجاتهم الزراعية والفنية التي كانت من صنعهم. وقال إن التجربة تواصلت بنجاح للعام الثالث على التوالي في سمو 2018 حتى تنتقل إلى الانطلاقة الكبرى تجاه المجتمع، وبما قدمه البرنامج خلال العامين السابقين حيث نال ثقة المؤسسات الخارجية ويحصل البرنامج على دعم من ثلاثة بنوك كداعمين ورعاة لهذا الحدث، ونجحنا في إضافة العنصر النسائي لأول مرة هذا العام من ذوي العزيمة ليصبح عدد المشاركين 33 مشاركا ومشاركة، كما تم تخصيص يوم خاص بالفنانين والإعلاميين للمشاركة بالبرنامج ليعيشوا يوم تجربة مع ذوي العزيمة كمشرفين لتقريب المسافات بينهم ولنقل صورة ايجابيه عن التعامل معهم إلى المجتمع، وبعد نهاية البرنامج تم تحقيق أحد أهم الأهداف للبرنامج والذي يتوافق مع أهداف مدينة الشباب وهو الحصول على 5 فرص وظيفية للمشاركين في البرنامج، وانتهى العام بحصد المركز الثالث في قلادة مؤسسة الأمير محمد بن فهد العالمية للأعمال التطوعية العربية. وحول التطلعات المستقبلية للبرنامج أكد عبدالرحمن سامي أن (سمو 2019) سوف يخطو خطوة جديدة لتأكيد ريادة الفكرة ونقلها إلى منحى أكثر تطورا، حيث سيتم التنسيق حاليا مع إحدى المؤسسات الكبرى لعمل مشروع ريادة أعمال للمشاركين في البرنامج، وسيتم الإعداد له من الآن للنسخة الجديدة من البرنامج في مدينة شباب 2030 بهدف تثبيت المشاركين في سوق العمل وتوفير فرص لعرض ما ينتجون. وأشار إلى أنه يجري الترتيب مع عدة جهات ومؤسسات ووزارات لاحتواء تدريب الطلبة والسعي وراء توظيف أكبر عدد ممكن منهم، من خلال التنسيق أيضا مع مراكز التأهيل لزيادة أعداد المستفيدين من ذوي العزيمة من هذا البرنامج المتطور الذي نجح على مدار ثلاث سنوات في تقديم ورش متنوعة قيادية تعليمية نفسية اجتماعية وفنية، تعزز لديهم الثقة بالقدرات لتسهيل عملية الاندماج والخروج المجتمعي . واختتم عبدالرحمن سامي حديثه مؤكدا أن: برنامج «سمو» ترك أثرا وحقق نتائج مميزة من خلال إحداث تغير واضح في شخصيات المشاركين فيه وزيادة الثقة لديهم وبروز الشخصية في عدة مواقف، كما رصدنا مشاركات ايجابية من أسر ذوي العزيمة، من خلال حديثهم عن اكتشاف قدرات أبنائهم وتغيير أفكارهم من ناحية اعتمادهم على أنفسهم والاستقلالية والذاتية بالتصرف، بالإضافة إلى رغبة كبيرة من جميع الشباب والشابات وأولياء الأمور للانضمام إلى الفريق العامل بالبرنامج بعد الاحتكاك بهم، وكذلك زيادة الوعي وإدراك حاجات هذه الفئة وما يتناسب معهم، وأخيرا انبهار شركاء المجتمع بما قدمه ذوو العزيمة في عدة مواقع مختلفة من الأعمال .
مشاركة :