رؤية المحضون حاجة فطرية لدى كل أب وأم، لذا تراعي أحكام الرؤية التي تصدر من المحاكم ذلك، إلا أن الصعوبة الحقيقية تكمن في الناحية العملية عند تنفيذ هذه الأحكام خاصة عند بعض الأمهات والآباء الذين تعميهم شهوة الانتقام عن مصلحة الأبناء، مما يدفعهم إلى تحويل ساحات المحاكم إلى ساحات للانتقام، إذ تعتبر التحديات التي تواجه تنفيذ أحكام رؤية المحضون ذات محاور عدة أهمها امتناع المحضون عن رؤية والده، وامتناع الأم عن تمكين الأب من رؤية ولده، وكذلك امتناع الأب عن إعادة المحضون بعد انتهاء مواعيد الرؤية، والضحية الأولى في ذلك هم الأولاد. وحول ذلك توضح مريم خميس البلوشي منسق رؤية في قسم حماية الطفل بهيئة تنمية المجتمع بدبي أن هذه الوظيفة تعتبر مسؤولية كبيرة على عاتقها غير أنها سعيدة وفخورة كونها تخدم وطنها من خلالها وفي ذات الوقت تقدم خدمة إنسانية للناس، مؤكدة أنها تلقى كامل الدعم من المسؤولين في الإدارة. وأشارت إلى أن الخدمة تسير على أسس سليمة ومن دون أي معوقات، حيث يحرص العاملون على الرؤية الاهتمام في المقام الأول على تقديم مصلحة الطفل فوق كل شيء ورفع معنوياته وألا يقع ضحية تعنت أحد الطرفين سواء طالب التنفيذ أو المنفذ ضده. وشرحت البلوشي طبيعة عملها قائلة: في البداية حين نتلقى الحكم بالتنفيذ من محاكم دبي، أقوم بالتواصل مع طرفي التنفيذ بغرض التنسيق للرؤية وتأكيد الموعد بحسب إشعار المحكمة لرؤية المحضون، مع التنبيه على ضرورة عدم أصطحاب طرفي التنفيذ لأي من الأقارب أو الأصدقاء وذلك لتفادي التأثير السلبي الذي قد ينتج عن اصطحاب هؤلاء على نفسية الطفل أو توتر العلاقة بين طرفي التنفيذ. وتضيف: حين يحضر المنفذ ضده (الحاضن) الطفل أقوم باستلامه منه بعد التأكد من هيئته ومظهره، ومن ثم ألاحظ مدى تشوق طالب التنفيذ لرؤية المحضون من عدمه، حيث يجب أن أدون كل هذه الملاحظات في التقرير الذي أقوم برفعه للأخصائيين، بالإضافة إلى التقارير الدورية التي نقوم برفعها كل 12 مرة للرؤية. مصلحة الطفل أمل المري تنفيذي خدمات أطفال هي المسؤولة عن الحالات إذ تقوم برفع تقارير دورية عن هذه الحالات للقضاء كل 12 مرة للرؤية، كما تسمح لها وظيفتها بالتدخل في حال حدثت مشكلة طارئة وتقوم بالتواصل مع أطراف الحالات للبحث في أسباب المشكلات ومحاولة إيجاد الحلول بما يصب في مصلحة الطفل. وتقول المري: في بعض الأحيان يرفض الحاضن المنفذ ضده والذي يكون في الغالب «الأم»، أن يقوم طالب التنفيذ باصطحاب الطفل المحضون الطرف المنفذ خارج الهيئة، على الرغم من وجود قرار من المحكمة بذلك، فنضطر لعقد لقاءات ومقابلات شخصية مع الطرفين لتوعيتهم بأهمية الحفاظ على صحة الطفل النفسية وابقائها خالية من المنغصات والمشكلات التي قد تؤثر على شخصيته مستقبلا. وأوضحت أنه في أحيان أخرى يرفض الطفل مقابلة طالب الرؤية، لأسباب متعددة أهمها الفجوة النفسية والجفاء الذي سببه طول المدة التي لم ير فيها طالب الرؤية، المحضون، أو بسبب التعبئة النفسية للطفل التي يمارسها المنفذ ضده، بالإضافة إلى الحالات التي يحدث فيها الانفصال خلال الشهور الأولى من أعمار الأطفال المحضونين، أو بسبب أن لديهم تجارب سيئة عن العلاقة بين طرفي التنفيذ عايشوها بأنفسهم. وتوضح في البداية يشعر المحضون بالأمان داخل مقر الهيئة ويرفض اصطحابه خارج الهيئة وذلك بسبب تعنت أحد طرفي التنفيذ إن لم يكن كلاهما فيكونون متأثرين نفسياً جراء الخلافات أو قد يكونوا تعرضوا لأذى من طالب التنفيذ قبل انفصاله عن والدتهم. مناوبة وبالانتقال إلى شيماء أحمد اختصاصي اجتماعي في قسم حماية الطفل، تقول: أناوب على تنفيذ الرؤية يوم الخميس وخلال الإجازة الأسبوعية يومي الجمعة والسبت، موضحة أن قرار المحكمة بالرؤية في هذه الأيام تحديداً يأتي انطلاقاً من رغبتها في توفير الأريحية للطفل في أيام أجازته وأيضا حتى لا تؤثر على متابعته لدراسته. وأضافت أنها تقوم بمتابعة الحالات ورفع التقارير الدورية عنها ومقابلة طرفي التنفيذ إن تطلب الأمر لحل الخلافات وتحقيق وتغليب مصلحة الطفل، مؤكدة أن هذه المقابلات تحقق الغرض في الغالب وتستقر بها معظم الحالات. مواقف تقول شيماء إن هناك العديد من المواقف التي تحدث خلال فترات الرؤية تعلق في ذاكرة العاملين عليها، ومنها أن بعض طالبي التنفيذ يكررون إساءتهم التي عانى منها المحضونون قبل انفصال طرفي العلاقة، وذلك خلال فترة الرؤية وهذه الحالات تم رفع تقارير بها إلى القضاء بعد عقد اجتماعات عدة معه لتوعيته من دون جدوى فتم اغلاق الملف وتحويله للقضاء لاتخاذ الاجراءات اللازمة حيال طالب التنفيذ المسيء لأطفاله. وقالت إن أغلب طالبي التنفيذ يكونون متشوقين لرؤية المحضونين ويظهر ذلك جلياً أثناء لقائه بهم ومحاولته لإسعادهم عن طريق جلب الهدايا وأحياناً يفاجئهم بالاحتفال بيوم ميلادهم، رغبة منه في استمالة قلوب المحضونين تجاهه واستبدال صورته السيئة لديهم بصورة مشرقة. وأكدت حرص الهيئة على مشاركة الأطفال وذويهم في الاحتفال بالمناسبات الوطنية والدينية المختلفة مثل اليوم الوطني وحق الليلة وعيد الفطر وعيد الأضحى وغيرها من المناسبات بغرض كسر الحواجز بين أطراف التنفيذ من جهة، وإدخال البهجة على نفوس الأطفال من جهة أخرى. وبابتسامة تعلو وجهها تتذكر شيماء أغرب المواقف التي صادفتها خلال التنفيذ قائلة: أحضرت المنفذ ضدها الطفل المحضون وكان يتباهى بقصة شعره التي تشبه حرف (Z)، إلا أن الأمر لم يعجب الأب وأثار حفيظته واعترض على هذه القصة الغريبة، وطلب منا أن نبلغ الحاضنة بعدم تكرارها واتضح من خلال حديثنا مع الأمر أن جد الطفل لأمه هو الذي اصطحبه للحلاق ليعمل له قصة الشعر الغريبة اقتداء بأحد لاعبي الكرة المشهورين. مواقف أخرى يذكرها لنا العاملون على الرؤية منها أنه في بعض الأحيان يقوم الأب طالب التنفيذ بشراء ملابس لأبنائه المحضونين ويطلب منا أن نبلغ الحاضنة بضرورة أن يرتدي الأبناء هذه الملابس خلال الزيارة القادمة، فيما قد ترفض الأم ذلك أو الأبناء أنفسهم نظراً لعدم إعجابهم بها ما يغضب الأب. وفي أحيان أخرى يعود الأبناء من رحلة الاصطحاب بملابس غير التي خرجوا بها بعد أن قام الأب المصطحب باستبدالها بملابس جديدة اشتراهم لهم خلال رحلة الاصطحاب فيما تخلص من القديمة الأمر الذي يغضب الحاضنة. واجبات تستغل بعض الأمهات الحاضنات يوم الرؤية في أن يقوم الوالد طالب التنفيذ بمساعدة أبنائه في إنجاز الواجبات المدرسية فترسل أطفالها حاملين حقائبهم المدرسية ليتولى الأب هذه المهمة. 45 أسرة مستفيدة من الرؤية كشفت بشرى قائد رئيسة قسم حماية الطفل بهيئة تنمية المجتمع بدبي لـ«البيان» أن متوسط عدد الأسر المستفيدة من الرؤية يبلغ 45 أسرة، ويصل عدد الأطفال المستفيدين إلى 100 طفل من مختلف الجنسيات. وأضافت أن خدمة الرؤية تقدم 3 أيام في الأسبوع وهي الخميس والجمعة والسبت بحسب القرار الصادر عن حكم المحكمة، غير أن القسم يتابع هذه الحالات طيلة الأسبوع، من قبل فريق الرؤية البالغ عددهم 5 نواعم. وأضافت أن بعض الحالات تستغرق سنوات حتى تستقر والبعض الآخر تنتهي بإغلاق الملف عدة مرات وإرجاعها إلى القضاء مرة أخرى لاتخاذ اللازم حيالها، ومن ثم تعود مرة أخرى للهيئة، مشيرة إلى أن حالة منهم استغرقت 3 سنوات دون يأس حتى استقر الأمر وتم تنفيذ الرؤية بسلام، وفي حالات أخرى يتم الاتفاق على تنفيذ الرؤية خارج الهيئة إلا أن الأقلية منهم تعود مرة أخرى لعدم الاتفاق. وحثت قائد طالب التنفيذ على الصبر لتخطي العقبات وضمان نيل المحضونين لحقوقهم في رؤية الطرفين ويتمكنان من ممارسة أدوارهما تجاه الأبناء، وعدم ترسيخ صور سلبية عن الطرف الآخر في أذهان الأطفال تفادياً لوقوع النفرة بين طالب التنفيذ وولده المؤدية إلى قطيعة الرحم المنهي عنها شرعاً، ولما في ذلك من مصلحة في توجيهه وإرشاده لهم.طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :