تظاهر المئات الأحد في مدينة بيروت احتجاجاً على الفساد المستشري في مؤسسات الدولة وسوء الأوضاع المعيشية في بلد لم تتمكن القوى السياسية فيه منذ سبعة أشهر من الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة. ويعاني لبنان، البلد ذو الموارد المحدودة، من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية وعلى رأسها الكهرباء والمياه، وتعاني بنيته التحتية من الترهل وهي بحاجة ماسة لإعادة تأهيل. وخلال الأيام الماضية، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للتظاهر ضد الطبقة السياسية والفساد في مؤسسات الدولة، من دون أن يعرف مصدر الدعوة. وأمام مقر رئاسة الحكومة في وسط بيروت، هتف المتظاهرون مطالبين بإصلاح النظام ومحاربة الفساد ووقف هدر المال العام، وارتدى عدد محدود منهم السترات الصفراء، احتذاء بالاحتجاجات التي تشهدها فرنسا منذ أسابيع. وتوجه المتظاهرون لاحقاً إلى شارع الحمراء، وأغلقوا الطريق الرئيسية ووقعت صدامات محدودة مع قوى الأمن اللبنانية التي منعتهم من مواصلة طريقهم. وقالت هناء (43 عاماً)، إحدى المتظاهرات، لوكالة فرانس برس “هناك فساد وسرقة لأموال الدولة، وليس هناك حتى طبابة، من ليس مسجلاً في الضمان (الاجتماعي) يموت على أبواب المستشفيات”. واضافت “تحكمنا طبقة سياسية من السارقين والفاسدين والذين يحكمون بالتعصب الطائفي”. ورفع المتظاهرون شعارات عدة تطالب على قولهم بـ”ابسط حقوقهم”، منها إعادة العمل بقروض الإسكان المتوقفة منذ نحو عام، وتوافر المياه والكهرباء، كما طالبوا بضمان الطبابة لجميع المواطنين، بعدما كانت أثارت قضية وفاة طفل الأسبوع الماضي لعدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم موجة غضب بين العديد من اللبنانيين. وتظاهر العشرات أيضاً في مدينتي طرابلس (شمال) والنبطية في جنوب البلاد. ويخرج اللبنانيون بين الحين والآخر إلى الشوارع للتعبير عن امتعاضهم من الطبقة السياسية الحاكمة. وقد تظاهر المئات الأحد الماضي بدعوة من الحزب الشيوعي اللبناني للاحتجاج على فساد الطبقة السياسية رافعين مطالب معيشية. وشهد لبنان في العام 2015 تظاهرات ضخمة احتجاجاً على أزمة تكدس النفايات في شوارع بيروت وضواحيها. ولم يبد المتظاهرون الأحد أي اهتمام بمساعي تشكيل الحكومة الجديدة. ومنذ سبعة أشهر، لم تثمر جهود رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري تأليف حكومة جديدة، في خطوة يحتاج إليها لبنان للاستفادة من قروض ومنح تعهّد المجتمع الدولي تقديمها دعماً لاقتصاده ولتنفيذ مشاريع استثمارية كبرى. وتصطدم جهود الحريري بعوائق عدة ناتجة بشكل أساسي من خلافات حادة بين الأطراف السياسيين على تقاسم الحصص الوزارية. وفي لبنان ذي التركيبة الهشّة، لا يمكن تشكيل حكومة من دون توافق القوى الكبرى، إذ يقوم النظام السياسي على أساس تقاسم الحصص والمناصب بين الطوائف والأحزاب. وقال حسين يونس (24 عاماً)، أحد المتظاهرين، “لا نأمل شيئاً من تشكيل الحكومة”، متسائلاً “هل إذا تشكلت السبت، سيأتي يوم الإثنين وأصبح غنياً ويعاد العمل بقروض الإسكان ويصبح لدي طبابة وأجد عملاً من دون الحاجة إلى واسطة”. وخلص “رأينا حكومات عدة، جميعها لم تقدم شيئاً”.
مشاركة :