أعزاز (سوريا) - يبدي سكان ومقاتلون في المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل سورية مسلحة موالية لأنقرة ارتياحهم لقرار الرئيس الأميركي بسحب قوات بلاده من سوريا، لكن القرار ينذر أيضا بإعادة رسم خارطة التحالفات في الساحة السورية وسط مخاوف من استعادة تنظيم الدولة الإسلامية زمام المبادرة وإعادة ترتيب صفوفه من جهة واضطرار الفصائل الكردية إلى التحالف مع النظام السوري للحفاظ على مكاسب انتزعتها خلال الحرب الأهلية. ورحب مدنيون ومقاتلون في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة الموالية لأنقرة بقرار واشنطن سحب قواتها من سوريا ورأوا فيه فرصة "إيجابية" لتوسع تركيا نفوذها أكثر في شمال سوريا على حساب الأكراد. وتسيطر القوات التركية وفصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية واسعة تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي وصولا إلى عفرين في ريف المحافظة الشمالي. وتهدد تركيا منذ فترة بشن هجوم جديد ضد الأكراد في منطقة شرق الفرات، بعدما طردتهم مع الفصائل الموالية لها في وقت سابق من العام الحالي من منطقة عفرين التي كانت تُعد ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا. وفي مدينة أعزاز، أبرز المدن الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة، يقول مصطفى حموش (20 عاما) وهو تاجر ألبسة "الانسحاب ايجابي. عندما تنسحب أميركا ستضعف قوة الأكراد تلقائيا وبالنهاية سوف تدخل تركيا والجيش الحر (فصائل المعارضة) إلى مناطق شرق الفرات ويسيطرون عليها". ويؤيده في هذا الرأي عمر كازلة (20 عاما). ويقول الشاب الذي يعمل في صيدلية إنه "إذا استلمت تركيا المناطق بدلا عن القوات الأميركية، ستصبح مناطق سيطرة المعارضة أوسع". وعلى وقع هزائم ميدانية متلاحقة، لم تعد الفصائل المعارضة في سوريا تسيطر سوى على أقل من 10 بالمئة من الأراضي السورية، بينها منطقة النفوذ التركي شمال حلب كما تتواجد في محافظة إدلب التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) على الجزء الأكبر منها. وفي المقابل، تسيطر قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر الوحدات الكردية عمودها الفقري، على نحو 30 بالمئة من الأراضي السورية، تقع بمعظمها شرق نهر الفرات، بعدما طردت تنظيم الدولة الإسلامية من مناطق واسعة في شمال وشمال شرق سوريا، أبرزها مدينة الرقة، معقله السابق. ويتفق سكان على غرار كازلة على أهمية الانسحاب الأميركي من مناطق سيطرة الأكراد في حال حلت القوات التركية بدلا عنها، لكنهم يعربون في الوقت ذاته عن خشيتهم من دخول قوات النظام إلى تلك المناطق. ويرى محللون أن القرار الأميركي الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب الأربعاء قد يدفع بهؤلاء إلى التعاون مع دمشق للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم وتفادي هجوم تركي ضدهم. وبرغم ترحيبهم بالقرار الأميركي، يخشى البعض على غرار الطالب الجامعي أحمد فروح (20 عاما)، أن ينعكس سلبا عبر استغلال تنظيم الدولة الإسلامية له وظهوره مجددا. ويقول فروح في مدينة أعزاز، إن "الانسحاب وغياب طيران التحالف قد يؤدي إلى تقوية داعش من جديد وسيطرته على مناطق جديدة". وبرغم موافقته على أن هذا الأمر قد تكون إحدى تداعيات القرار، يقول المقاتل في الجبهة الشامية محمود أبوعبد الله (35 عاما) عند أحد خطوط التماس مع المقاتلين الأكراد إن الفصائل ستقاتل تنظيم الدولة الإسلامية كما فعلت في جرابلس والباب، إثر عملية عسكرية بدعم من قوات تركية في 2016 و2017. وتابع "هذا كان له فائدة كبيرة على المعارضة السورية لأنها اكتسبت المزيد من الأراضي الواسعة". وحذرت أنقرة في وقت سابق من أن العملية العسكرية ضد الأكراد في شرق الفرات باتت وشيكة، قبل أن يعود الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ويعلن الجمعة تأجيلها على ضوء القرار الأميركي، مؤكدا أن "هذا التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى". وتؤكد الفصائل الموالية لأنقرة استعدادها للهجوم الجديد. وعند خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية في قرية تل ميلاد في شمال حلب، تدور مناوشات بين الحين والآخر بين الطرفين. وقد شوهد السبت دخانا يتصاعد قرب قرية كلجبرين بعد سماع دوي انفجار ناجم عن تبادل للقصف. ويقول رعد نجار (23 عاما) المقاتل في فصيل الجبهة الشامية "سيكون انسحاب الأميركيين لصالحنا، لأننا كنا سنقوم بعمل ضد الأكراد ولكننا لم نتمكن بسبب وجود القوات الأميركية". ويوافقه رفيقه في السلاح إبراهيم نعمة (24 عاما)، قائلا "إن شاء الله، ستشن الفصائل حربا على منبج والرقة وكل هذه المناطق".
مشاركة :