'جويف' تحتفي بالطائفة اليهودية في تونس في سابقة فنية

  • 12/24/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – تحتفي مسرحية "جويف" بالطائفة اليهودية في تونس، في سابقة فنية يُراد منها نبذ العنف والتطرف والدعوة للحوار بهدف إيجاد علاقات أكثر إنسانية في تونس بعد ثورة 2011. وفازت "جويف" وهي من إخراج الممثل والمؤلف حمادي الوهايبي بجائزة أفضل إخراج في “أيام قرطاج المسرحية” التي اختتمت الأحد في تونس. ويوضح المخرج التونسي خلال لقاء مع بمناسبة العرض الأول وسط العاصمة تونس أن مسرحيته " تحية وتقدير لهذه الطائفة التي تمسكت بالبقاء في البلاد رغم دعوات إسرائيل لها بالرحيل". ويضيف "بدا لي من الضروري طرح أسئلة حارقة حساسة نستحي أو نخاف من دخول مطباتها في ثقافتنا(…) ما هي مكانة اليهود في وطن غالبيته مسلمون؟ هل قدرك أن تبقى في دائرة الريبة والتوتر أم لك ان تنطلق في رحاب التعايش السلمي بعد 2011؟". وتزامن عرض المسرحية، في مسرح "الفن الرابع"، مع تنظيم تظاهرة صغيرة أمام مقر وزارة السياحة التونسية وسط العاصمة، ضد تعيين رجل الأعمال اليهودي رينيه الطرابلسي وزيرا للسياحة في الحكومة التونسية. ويعيش في تونس اليوم حوالي 1200 يهودي يتركز أغلبهم في جزيرة جربة (جنوب شرق) وبالخصوص في منطقة "الحارة الكبيرة" حيث يعيش منذ سنوات، المسلمون واليهود جنبا إلى جنب، وكان في السابق حيّا حصريا لليهود. تحية وتقدير لهذه الطائفة التي تمسكت بالبقاء في البلاد رغم دعوات إسرائيل لها بالرحيل وقبل استقلال البلاد سنة 1956، كان في تونس أكثر من 100 ألف يهودي غادروها على مراحل، نحو أوروبا أو إسرائيل في ظلّ الصراع العربي الإسرائيلي. وتبدأ المسرحية التي تمتد على أكثر من ساعة بمشهد لمحاولة امرأة عجوز مسلمة "عزيزة" مغادرة دار إقامة لليهود، كانت التجأت إليها هربا من المظاهرات التي عمت شوارع العاصمة تونس مطلع 2011. غير أن الحارس يمنعها من ذلك لأسباب أمنية. فتنزوي بعيدا وتستمع لأغاني المطربة اليهودية التونسية حبيبة مسيكة. تتسارع الأحداث في بناء سردي محكم، وتُفاجئ "دايا حداد" الفتاة اليهودية الثائرة،الحارس بدفاعها المستميت عن جذورها التونسية. فهي تجادل وتتبادل الحديث عن حقوقها وواجباتها أسوة ببقية أفراد المجتمع التونسي متسائلة "من نحن …مجرد أرقام؟(..) لما التفرقة باسم الدين؟". وتزيد المقاطع الصوتية المصاحبة للنص من هتافات متظاهرين ضد اليهود في تونس ما يزيد من تصعيد التوتر في المشهد. ومنذ الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، بداية 2011 جرى مرارا التحريض علنا على اليهود في تونس. وراوحت الدعوات بين قتل اليهود و"تعقيم أرحام نسائهم وتيبيس أصلاب رجالهم" وفقا لما نقلته وسائل اعلام محلية عن رجال دين آنذاك. وبأسلوب لا يخلو من الهزل والسخرية تركز المسرحية في مشاهد أخرى على شخصية "ميمون الصهيوني" الذي دخل الإقامة دون سابق إعلام وقدم نفسه على أنه "باحث في الآثار". وقدم "ميمون" من إسرائيل متخفيا من أجل ترحيل اليهود التونسيين بحجة أن الأوضاع الأمنية في البلاد و تنامي المشاعر المعادية تهدد استقرارهم. غير ان هذا الزائر الغريب يصطدم بموقف الغالبية الرافضة لمقترح الترحيل، من بينها عشيقته "حبيبة". ولم تكتف "دايا" بالتعبير عن رفضها للحملات الشرسة ضد أبناء طائفتها، بل تراها في مشاهد أخرى تنتقد بشدة "النظرة الدونية" التي لا يزال يعاني منها اليهود في تونس رغم التعايش الذي يوصف عادة "بالفريد" في البلاد مع المسلمين. وتتحدث بمرارة عن طردها من الجامعة حين أقدمت على صفع العميد ردا على قوله عنها "يهودية حاشاك"، وهو لفظ متداول يثير حساسية اليهود. ويؤكد حمادي الوهايبي أن "الفن يقاوم العنف في أشكاله المتعددة" و"يحمل رؤية استشرافية (…) وأن التطور الجمالي يعني أيضا تطوير رؤية الفنان للمواضيع المطروحة عبر خلخلة المسلمات والمفاهيم الخاطئة". ويؤكد على أن "التعددية الدينية والثقافية عامل إثراء حضاري وليس مدعاة للصراع". وشاركت "جويف" في المسابقة الرسمية لمهرجان "أيام قرطاج المسرحية" الذي انطلق قبل أسبوع. وأغلب الشخصيات في هذا العمل من اليهود. وعزا رمزي عزيز عضو لجنة انتقاء العروض للدورة الحالية للمهرجان اختيار هذا العمل المسرحي "لكونه بحثا جديا على مستوى كتابة النص والسينوغرافيا والأداء الحركي وجمالية الصورة" إلى جانب "جرأة الطرح". والمسرحية من إنتاج مركز الفنون الدرامية بالقيروان (وسط) هذا العام. واستغرق إنجازه ثمانية أشهر تابع خلالها الممثلون التونسيون تدريبات في إتقان بعض الكلمات العبرية والتعبيرات اليهودية. وقد قام الملحن اليهودي التونسي باتريك سلامة بتلحين موسيقى هذا العمل الثاني في مسيرة حمادي الوهايبي بعد مسرحية "الصابرات" (2015). وأفرد جمهور "أيام قرطاج المسرحية" في تونس العاصمة استقبالا حماسيا للمسرحية وقوبلت مشاهد عدة منها بالتصفيق.

مشاركة :